الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أثريون يحسمون الجدل حول نقل تابوت "توت عنخ آمون"

تابوت «توت عنخ آمون»
تابوت «توت عنخ آمون»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سادت حالة من الانقسام بين رواد مواقع التواصل الاجتماعى والمهتمين بالشأن الأثرى خلال الأيام الماضية، جراء نقل تابوت الملك توت عنخ آمون من مقبرته بالأقصر إلى المتحف المصرى الكبير لإجراء أعمال ترميمه، نظرًا لما لحق به من تلفيات وأضرار، ومن ثم عرضه ضمن المجموعة الملكية الكاملة للفرعون الذهبى بالمتحف الكبير.
الأسباب التى دفعت لضرورة نقل التابوت إلى المتحف المصرى الكبير، تحدث عنها الدكتور خالد العنانى وزير الآثار، الذى عقد مؤتمرًا صحفيًا بالمتحف المصرى الكبير أمس الأول للإعلان عن أعمال الترميم التى تُجرى بالتابوت الذهبي.
كان من بين هذه الأسباب أن التابوت - وهو من الخشب المذهب - يعتبر من المواد العضوية التى من السهل أن تتأثر بالعوامل الجوية المتغيرة داخل المقبرة، خاصة أن التابوت كان داخل تابوت آخر من الرخام، وكان لا يمكن لأحد من زوار مقبرة توت عنخ آمون مشاهدته، لذا كان من الأفضل أن يتم عرض التابوت بالمتحف المصرى الكبير ضمن المجموعة الكاملة للملك، أولًا لضمان الحفاظ عليه بمكان آمن يضمن عدم تعرضه لبيئة غير مناسبة، وثانيًا ليتمكن زوار المتحف الكبير من مشاهدته ضمن سيناريو العرض المتحفى المُعد للمجموعة الملكية للفرعون الذهبي، وفق العناني.
وأوضح وزير الآثار أن التابوت الخشبى للفرعون الذهبى قد تعرض لتلفيات كبيرة، كانت متواجدة بداخل التابوت الحجرى الخاص بالملك توت عنخ آمون بالمقبرة لمدة تبلغ ٧٩ عامًا الوضع الأصلى للتابوت الخشبى المذهب الكبير هو أن يكون مع التابوتين الآخرين الخاصين بالملك توت عنخ آمون والموجودين الآن بالمتحف المصرى بالتحرير، وذلك للعرض مع القناع الذهبي، وهذا هو أول الأسباب لنقل التابوت، أما السبب الثانى هو أن التابوت قد تعرض لتلف كبير ومنها الشروخ الموجودة فيه، والتلفيات التى نتجت إثر تواجده بالمقبرة، والتى كانت ستسوء إذا ظل التابوت بداخل المقبرة، كما أننا نتوقع أن تستغرق أعمال الترميم الدقيق التابوت مدة تبلغ ٨ أشهر، مؤكدًا أن عملية النقل تمت بعناية فائقة، كما أن التابوت الحجرى الموجود بداخل المقبرة يحتاج أيضًا إلى أعمال ترميم.
وأكد الدكتور خالد العنانى على أن قرار اللجنة الدائمة لوزارة الآثار بنقل التابوت هو قرار صائب، حيث قال: «كنت أتمنى اتخاذه منذ زمن بعيد». 
وكشف وزير الآثار أن افتتاح المتحف المصرى الكبير سيتم على مدار عدة أيام وليس يوما واحدا فقط، وهو الحدث الأكبر الذى ينتظره العالم كله، عبر سلسلة من الاحتفالات، حيث إن المتحف المصرى الكبير يُعد أكبر متحف فى العالم، وأكبر مشروع ثقافى فى العالم وتبلغ تكلفته حوالى مليار دولار، مشيدًا بالدور الذى تقوم به الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة، والتى تعمل ليل نهار لإنجاز هذا المشروع الضخم بسواعد آلاف العمال. 
وتابع: «سيضم المتحف جميع محتويات الفرعون الذهبى توت عنخ آمون، التى تقدر بنحو ٥٠٠٠ قطعة أثرية»، مشيرًا إلى أنه يتم بحث عملية إحضار مومياء الفرعون الذهبى من مقبرته بوادى الملوك، ولكن يتم إرجاء ذلك الموضوع حتى يتم الانتهاء من مناقشة الأمر، حيث إن المومياء تحتاج إلى عمليات ترميم ضخمة، والتى تستلزم وقتًا ودراسة كبيرين. 
وأكد العنانى أنه خلال أيام سيتم الانتهاء من سيناريو العرض المتحفى الخاص بالمتحف المصرى الكبير، كما تم تحديد أسعار التذاكر الخاصة بالمتحف منذ بضعة أيام، إضافة إلى التنسيق مع وزارة السياحة، لإخطار شركات السياحة بأسعار المتحف.
وأشار العنانى إلى أن هناك فلسفة تتبعها وزارة الآثار فى التعامل مع الآثار وهما نوعان النوع الأول هو أثر منقول مثل التماثيل أو المسلات، والثانى هو أثر ثابت مثل المعابد، وأن لكل نوع له فلسفة خاصة فى عملية نقله أو ترميمه، حيث إنه من الممكن نقل الأثر الثابت فى حال تعرضه للخطر أو السرقة أو التلف وهو ما حدث لمقبرة «توتو»، أما الآثار المنقولة فإنه من الممكن نقلها إلى مكان آخر وذلك للحفاظ عليها من العبث أو التلف لا سيما الآثار ذات الطبيعة العضوية. 
كما وجه العنانى مناشدة لجميع الأساتذة بكليات الآثار بضرورة التواصل مع الوزارة طرح مختلف وجهات النظر الأثرية المتعلقة بالشأن الأثري، وتوصيات حول ما يجب عمله فى التعامل مع مختلف القضايا، وأن تكون تلك التوجهات بناءة وتصب فى المصلحة العامة. 
من جانبه أكد الدكتور الطيب عباس مدير الشئون الأثرية بالمتحف المصرى الكبير على أن التابوت الخشبى المذهب للملك توت عنخ آمون يمثل أهمية كبيرة، حيث إنه سيعرض ضمن المجموعة الخاصة بالفرعون الذهبى بالمتحف المصرى الكبير، وأن التابوت هو العنصر العضوى الوحيد الذى بقى من الأثاث الجنزى الخاص بالملك توت عنخ آمون بداخل مقبرته، حيث إنه مصنوع من الخشب ووجد بالمقبرة منذ أكثر من ٧٠ عامًا، ولم يتم اتخاذ قرار جرىء بنقله إلا منذ فترة قصيرة، بقرار من اللجنة الدائمة التابعة لوزارة الآثار بنقل التابوت. 
وأشار عباس إلى أن قرار النقل جاء بعد ورود بعض التقارير المحذرة من المنطقة نفسها، التى تفيد بأن التابوت فى حالة سيئة ولا بد من نقله، وأن نقله للمتحف المصرى الكبير باعتباره أفضل مكان ممكن أن يحدث فيه عملية معالجة التابوت، لوجود الدقة العالية بمعامل المتحف. 
وتابع مدير الشئون الأثرية إلى أن التابوت الخشبى عندم عُثر عليه كان بداخله تابوتان آخران أحدهما مصنوع من الذهب الخالص، والآخر من الخشب المُذهب، وأنه عند اكتشاف التابوت لأول مرة فى عام ١٩٢٢ قام كارتر بعمل ترميم مبدئى للتابوت. 
وأوضح الطيب أننا اعتمدنا فى عملية إخراج التابوت على الخبرات المحلية المتواجدة بالمنطقة، كما أن القرار الذى اتخذته اللجنة الدائمة هو قرار تاريخي، وأن مظاهر التلف الموجودة بالتابوت ظهرت فقط بعد خروجه، كما شهدت عمليه نقل التابوت وسائل تأمين عالية، وقد قضينا وقتًا عصيبًا فى إخراج التابوت.
كشف الدكتور عيسى زيدان مدير عام الترميم الأولى للمتحف المصرى الكبير عن عمليات الترميم والتعقيم التى صاحبت التابوت الخشبى الكبير للملك توت عنخ آمون وذلك بعد نقله من داخل مقبرته بوادى الملوك، أن التابوت كان فى حالة سيئة جدًا أكثر مما كان متوقعًا، حيث وجدنا شروخًا كبيرة فى قلب التابوت، بالإضافة إلى وجود انهيار فى طبقات الخشب الخاصة بجسم التابوت أو الغطاء. 
وتابع زيدان «الشروخ الموجودة بالتابوت عميقة جدًا، وشرعنا على الفور فى إجراء عمليات الترميم الأولى الخاصة بالتابوت من وأثناء عملية النقل، حيث عمل فريق العمل المتكامل من أثريين ومرممين، فى تدعيم الشروخ الموجودة بالتابوت باستخدام المواد المقوية، الـ facing وJapanese paper وبدأنا فى عملية تثبيت طبقات القشور الضعيفة، والتى كانت آيلة للسقوط، وذلك للمحافظة على كل جزء موجود داخل التابوت، وبعد ما رفعنا الغطاء والتابوت بدأت فى عملية الترميم، ومن ثم قمنا باستخراج التابوت إلى خارج المقبرة لاستحالة استكمال عمليات الترميم بداخلها لكبر حجم التابوت، وواجهنا تحديًا كبيرًا لا سيما عملية التغليف بداخل المقبرة، وقد حافظنا على جميع ما بداخل المقبرة فكل محتويات المقبرة كما هي، وتم استخدام مواد خالية من الحموضة حتى لا تتفاعل مع التابوت، وبعد عملية التغليف تم استخدام وحدات ضد الاهتزاز، وذلك لحماية التابوت أثناء عملية النقل من الأقصر إلى القاهرة بالمتحف المصرى الكبير، وتمت عملية النقل فى وجود تأمين شديد من قبل شرطة السياحة والنقل وشرطة النجدة، وفور وصول التابوت إلى المتحف قمنا بعملية الإنزال ومن ثم العزل والتعقيم». 
ومن جانبه أكد الدكتور حسين محمد كمال مدير عام الشئون الفنية للترميم المتحف المصرى الكبير أنه فور وصول التابوت للمتحف المصرى الكبير، قد تم عزله فى منطقة التجهيز، ومن ثم عملية الفحص، والتابوت فى مرحلة التعقيم وهو وضع التابوت فى بيئة بها غاز النيتروجين، والذى يتم استخدامه أثناء عملية التعقيم، وذلك للتخلص من الإصابات الحشرية الموجودة فى التابوت». 
وأكد مدير عام الترميم فى تصريحات خاصة لـ«البوابة» أن الإصابات الحشرية كان من الممكن أن تتغذى على التابوت دون أن نشعر بها، ولهذا فإن أهم مرحلة من مراحل التعقيم هى القضاء على تلك الإصابات والتى ستستغرق ثلاثة أسابيع. 
ومن جانبه أكد الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أنه من الناحية العلمية أن المقابر الأثرية غير ملائمة بصفة عامة للآثار العضوية، حيث تكون عرضة للتلف، وأن المصرى القديم، كان يضع الآثار العضوية بداخل المقبرة لأنها تكون مغلقة وغير معرضة للهواء والعوامل الجوية، ومما لا شك فيه، أنه منذ أن تم إخراج المومياء الخاصة بالفرعون الذهبى توت عنخ آمون من التابوت، ووضعها فى قفص زجاجى للعرض فى عام ٢٠٠٥، وذلك لحمايتها بالنيتروجين، ووفقا لآراء المرممين أن وضع المومياء فى الجو المعقم غير كافٍ، لأن هناك فرقا بين العرض بداخل صندوق زجاجى بداخل المقبرة لا نستطيع توفير التكنولوجيا الحديثة والتى تم توفيرها فى المتحف المصرى الكبير أو المتحف القومى للحضارة، والتى تتوفر فيها مادة الأنوكسى والأجهزة المتقدمة والتى يصعب تواجدها بداخل المقابر. 
أكد الدكتور مصطفى على أن مقبرة «توتو» والتى تم العثور عليها إثر عمليات الحفر خلسة، والتى تقع بمنطقة معزولة فى أطراف منطقة الديابات بسوهاج، حيث إن المكان مُعرض للسرقة، وهو الشيء الذى حدث من قبل، وأن المكان ليس تابعًا للمنافع العامة للآثار، وليس فى حرم وزارة الآثار. 
وأشار وزيرى إلى أن مكان المقبرة معزول ومُعرض أيضًا للتلف نظرًا لبعده، وأن بُعد المسافة لن يجعل أى زائر سواء مصرى أو عربى أو أجنبى لزيارة المقبرة، ولن أقول إنه غير مؤمن، كما أن المنطقة التى يوجد بها المقبرة ليس موضوعًا على خارطة السياحة، مشيرًا إلى أن الأرض التى وجدت بها مقبرة «توتو» ليست أرضًا أثرية، وأن المكان ليس أيضًا منافع عامة، ولا نستطيع السيطرة عليها. 
وأكد وزيرى على أن تلك الأسباب جعل اللجنة الدائمة بوزارة الآثار أن تتخذ قرارًا بنقل جدران المقبرة، هذا بالإضافة إلى التزامن مع افتتاح عدد من المتاحف الجديدة، واتخذت قرارها بنقل المعبد إلى متحف العاصمة الإدارية الجديدة والذى من المقرر أن يتم افتتاحه هذا العام، والذى سيتمتع بزيارة السياح من مختلف أنحاء العالم. 
وأكد الأمين العام على أنه تم عمل حفائز للإنقاذ فى تلك المنطقة، والتى لا أعتقد أنها سيتم وضعها على خريطة السياحة، واصفًا قرار اللجنة الدائمة بـ «الجرىء». 
وفى رده على تساؤل خاص بالآثار التى يتم العثور عليها فى أماكن بعيدة سيتم نقلها إلى المتاحف حيث قال: «أتمنى أن تتخذ اللجنة الدائمة للآثار قرارًا بنقل جميع الآثار التى يتم العثور عليها فى أماكن متطرفة وبعيد، وذلك للحافظ عليها من تعرضها للتلف أو السرقة والنهب، وأن يتم الحفاظ عليها بداخل المتاحف». 
أوضح وزيرى أنه عندما علمت الوزارة بنبأ العثور على مقبرة «توتو» إثر الحفر خلسة، وأن الوزارة قامت بعمل حصر شامل لكل المنطقة ووجدنا بعض المقابر الصخرية المتواجدة بداخل الجبل، وبعض اللقا الأثرية، والتى تم جمعهم ووضعهم فى المخازن، وفى خلال أيام سيتم نقلها للعاصمة الإدارية الجديدة، تمهيدًا لعرضها بالمتحف». 
وكانت وزارة الآثار قد أعلنت عن انتهاء مرممى المجلس الأعلى للآثار من فك جدران مقبرة «توتو» الواقعة بمنطقة الديابات بالقرب من مدينة أخميم بمحافظة سوهاج، وذلك تمهيدًا لنقلها إلى متحف العاصمة الإدارية الجديدة، بناء على قرار اللجنة الدائمة للآثار المصرية والتى وافقت على نقلها، وتم إضافة جدران المقبرة ضمن سيناريو العرض المتحفى لمتحف العاصمة الإدارية المزمع افتتاحه خلال الشهور القليلة المقبلة.