«فَصَلِّ لربك وانحر».. هكذا تعظم الأمر الإلهي بالذبح في عيد الأضحى، بيد أن النباتيين لهم نظامهم الغذائي الخاص، الذي لا يتعارض فكريا مع أكل اللحوم في العيد، لا سيما أن تابعي النظام النباتي يحترمون ويقدرون الشعائر الدينية في رصانة شديدة.
ويرتكز النظام النباتي على أسس علمية ودراسات وأبحاث مستفيضة، وهو مرتبط بمستوى إدراك الشخص النباتى المرتفع نسبيا وإيمان بمسئولية أخلاقية عالية، فالنباتية خيار وقرار فردي لا يصدر إلا عن قناعة شخصية، وللفقهاء رأي في هذا الصدد.
الدكتور أبوالقاسم السوهاجى، أستاذ الفقه والتفسير بكلية الدراسات الإسلامية، يرى أن النباتي المتدين لا يحرم على نفسه وعلى غيره أكل اللحوم ولكن يمتنع بشكل فردي مبني على أسس ومبررات علمية، صحية، بيئية، اقتصادية وأخلاقية، حيث تعف نفسه اللحوم فلا يأكلها دون إكراه الآخرين على تركها، والأكل مثله ليس لأحد أن يقوم مقام الشارع ويحرم ما أحل الله أو يحل ما حرمه، فهذا أمر يختص به الشارع للدين دون غيره، ولا تحريم إلا بدليل قطعي الثبوت والدلالة من القرآن أو الأحاديث المؤكدة، ولا تشرع عبادة إلا بنص قطعي الثبوت والدلالة.
ويكمل "السوهاجى" نذكر هنا الصحابي الجليل "آبي اللحم" الغفاري، وهو من رواة الحديث (أي لا حرج في دينه وتقواه)، ("آبي" من أبى يأبى، أي رفض.) الذي كان يمتنع عن أكل اللحوم، ولم يُذكر في ترجماته أنه قد أُنْكِرَ عليه امتناعه، إلا أنه في بعضها ورد على أنه مكنى بأبي لحم وهو خطأ، كما قيل أن كنيته لأنه لم يكن يأكل ما يذبح وهذا أيضا في الغالب خطأ لأنه ما من مسلم صحيح العقيدة يأكل ما ذبح على النصب. فكيف تكون لقبا لصحابي وحيد دون غيره من المسلمين؟
وجدير بالذكر فى موضع التعريف أن الصحابي آبي اللحم كان شاعرا ومفوها في الجاهلية وقديم الصحبة شهد مع رسول الله (ص) خيبر، وروى عنه الحديث مولاه عمير. ونال الشهادة في غزوة حنين.
لكن أكل الحم لا أمر فيه وتقديم لحوم الأضاحي بطرق وأساليب مختلفة ومتنوعة مرتبط بعيد الأضحى لكنه أمر صعب للنباتيين ومعروف أنه عيد يعتمد على اللحم كمظهر أساسي في وجباته الثلاث طوال أيام العيد؛ لكن هناك أشخاص نباتيين، والنباتيون هم الذين يتبعون نظاما غذائيا يمتنعون فيه عن تناول اللحوم، ومشتقاته، كيف يقضي هؤلاء الأشخاص عيدهم وهو خالٍ من اللحوم وسط زخم (الفتة واللحمة)، حيث يعانون من صعوبة الاحتفال مع عائلاتهم بالعيد، وأفراد الأسرة كلهم يتناولون مختلف الأصناف من المشويات والفتة وصوانى الرقاق والمكرونة بشاميل وكلها أكلات تعتمد على وجود لحم فى صميم تكوينها وكم الاستفزاز الغذائى الذى يتعرضون له بموائد عامرة باللحوم وهم لا يأكلونها.
دراسة المركز القومى للبحوث الاجتماعية بالتنسيق مع المركز القومي لبحوث التغذية، أكدت أن جميع الأطعمة النباتية تحتوى على البروتين، خاصة البقوليات مثل الفول واللوبيا والفاصوليا البيضاء والعدس والفاصوليا الخضراء والبيض والبذور مثل القمح المجروش المستعمل فى البليلة وذرة الفيشار والمكسرات ومنتجات الصويا والقرنبيط والشوفان والحبوب عموما يكون 50% منها بروتين.
"عيد أضحى نباتي".. بدأت الدكتورة روان محمود الشال، بالمركز القومى لبحوث التغذية، بتلك الجملة كلامها عن حياتها النباتية منذ ولدت لم تأكل اللحم ولا الدجاج ولا الأسماك ولا الألبان ومنتجاتها وتعيش على الخصروات والفاكهة والبقوليات والنشويات، حيث قامت بعمل بحث ودراسة فعلية على شريحة من المجتمع المصرى.
وتختلف متطلبات جسم الإنسان من البروتين يوميًا حسب عمره ووزنه، ولكن بالنسبة للبالغين، يحتاج الرجال حوالى 56 جراما من البروتين كل يوم، والنساء إلى 46 جراما.
احتياج الجسم إلى البروتين أمر ضروري، ولكن إذا كنت تتناول قائمة جيدة من الفواكه والخضروات والبقوليات والمكسرات بأنواعها ومنتجات الألبان والزبادي والحبوب الكاملة، فأنت فى أمان.
ولكن تهدد الدكتورة منى وفائي الخطيب، إخصائية التغذية وعلاج أمراض النحافة والسمنة، قائلة "بلاش ني × ني"، من الخطأ القاتل التركيز على نوعيات من الطعام وطهيها نيئ × نيئ وتنصح بقلى الخضروات في قليل من الزبد الأصفر قبل إضافة ماء السلق ليمتص جسدهم فوائد الخضروات تعويضا عن انعدام اللحوم والدواجن والأسماك فى وجباتهم.
وأكدت إخصائية علاج أمراض السمنة والنحافة، أن امتصاص المعادن من الحديد والزنك والماغنسيوم من المصادر النباتية الخضراء مثل الجرجير والفجل والخس والجزر، يكون أصعب بكثير من امتصاصه من مصادره الحيوانية، ما يحدث نقصًا حادًا فى نسبهما، وللتغلب على المشكلة يجب على الشخص النباتي أن يكثر من تناول الأطعمة الغنية بفيتامين "سي" بجانب تناولهم لمصادر الحديد النباتية لأن فيتامين سي الموجود في البرتقال والليمون والجوافة وغيرها ينشط امتصاص عملية الحديد وتمثيله فى الجسم.
وشرحت الدكتورة منى أن الازمة الحقيقية في نقص عناصر الحديد فى جسم النباتيين، لتركيزهم على أكل الخضروات والقليل من الأرز المسلوق والمكرونة المسلوقة وغيرها من المعجنات بدون دهون، مما يصيب بالإمساك والتلبك المعوي والمغص وارتباك الهضم فى المعدة، وهى رغم أنها أكلات صحية إلا أن تركزها بكثرة فى الجسم خاطئ، ويجعل متناولها عرضة لنقص حاد فى الحديد والزنك وهى المشكلة الشائعة لدى أغلب النباتيين.
