الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الأب فيليبس عيسى كاهن كنيسة العذراء للسريان الأرثوذكس بالقاهرة في حواره لـ"البوابة نيوز": مصر أنقذتنا من الإبادة والإرهاب صناعة خارجية.. نتمني التواصل مع الأزهر وحضور جلسات قانون الأحوال الشخصية

الأب فيليبس عيسى
الأب فيليبس عيسى في حواره لـ«البوابة نيوز»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الأب الربان فيليبس عيسى، كاهن كنيسة السيدة العذراء مريم السريان الأرثوذكس بمنطقة غمرة فى القاهرة، إن الكنيسة الأم للطائفة السريانية هى أنطاكية أرثوذكسية مشرقية، ومقرها دمشق التى تتمركز فى منطقة الشرق الأوسط، موضحًا أن أفرادها ينتشرون فى مختلف بقاع العالم، وتعد كنيسة مستقلة ترتبط بباقى الكنائس الأرثوذكسية بوحدة الإيمان والأسرار والتقليد الكنسي، مفسرًا أن السبب وراء إطلاق اسم «السريان» عليها يأتى نسبة إلى سوريا وطنهم التاريخي.
جاء ذلك خلال حواره مع «البوابة نيوز»، مضيفا أن هذه الطائفة فى مصر بالوقت الحالى تتمثل فى كنيسة السيدة العذراء للسريان الأرثوذكس كشعب رغم أقليته، وهى الكنيسة الأم للطائفة فى مصر، وأسسها المطران كيرلس ميخائيل، مطران القدس للسريان الأرثوذكس والنائب البطريركى بمصر فى بداية التسعينيات، ويعود تاريخها إلى عام 1935، وتتميز بهندسة معمارية متميزة تتسع لحوالى 200 فرد، متابعًا أن هناك أيضًا كنيسة صغيرة أخرى فى مدافن مصر القديمة باسم «مار بطرس وبولس» تم بناؤها 1971، ولكن ليس بها شعب ولا رعية.

وأشار كاهن كنيسة العذراء مريم، إلى أن عدد أبناء هذه الكنيسة، كان يصل فى الماضى لـ200 أسرة، أما اليوم تقلص العدد وبات يتراوح ما بين 15 و20 أسرة، بسبب الهجرات التى تمثلت فى الجيل الثالث والرابع من أجدادهم الذين أتوا إلى مصر نتيجة الإبادة، لافتًا إلى أن مصر ترحب بكل الدول المجاورة والجنسيات المختلفة.
وعن علاقة الكنيسة السريانية بباقى الكنائس، يؤكد الأب الربان فيليبس عيسى، أن هذه العلاقة تسودها محبة وتسامح مع مختلف الطوائف «الأرثوذكس والكاثوليك والإنجيلية»، إذ يتم تبادل التهانى فى الأعياد التى لا يتوافق مواعيدها فيما بينها، فضلًا عن تبادل الزيارات التى يقوم بها بطاركة الطوائف الثلاثة، مدللًا على ذلك باستقبال قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، البطريرك مار أغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، والوفد المرافق له، بالمقر البابوى فى العباسية، فى مطلع العام الجاري، والذى أكد فيها «تواضروس» عمق العلاقات الأخوية التى تجمع بين الكنيستين القبطية والسريانية عبر التاريخ فى مجالات عدة، كالناحية الإيمانية والعقيدية.

واستطرد كاهن الكنيسة، أنه لم يتلق دعوة رسمية حتى الآن من قبل لجنة وضع قانون الأحوال الشخصية الخاصة بالكنائس فى مصر، للمشاركة فى جلسات مناقشة مواد هذا القانون، واستعراض المواد الخاصة بالطائفة السريانية، متمنيًا أن يكون من ضمن المتواجدين فى مثل هذه الجلسات، باعتبار أنها طائفة تعيش فى مصر كباقى الأقباط المصريين، ويحلم أن يصل القانون إلى نتيجة إيجابية لتمرير المواد، إذ لم تكن هناك مشكلات تقع بين مختلف الكنائس.
وعن أبرز مواد قانون الأحوال الشخصية، يشير إلى أن سر الـزواج فى المادة 147 ينقسم إلى أن الزواج فى الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، هو سر مقدس ورباط شرعيين بين رجل وامرأة مؤمنين سريانيين أرثوذكسيَين. يتمّ ببركة الكاهن المفوض، وبحضور الشهود المسيحيين العدول، ويطبّق قانون الأحوال الشخصية لطائفة السريان الأرثوذكس على قضايا الخطبة والزواج، وعلى الخلافات الناشئة بين الزوجين، وكل ما يتعلق بالنفقة والهجر وبطلان الزواج وفسخ الزواج ـ الطلاق.
ويتابع أن لكل أبرشية محكمة بدائية روحية يرأسها مطران الأبرشية، وأن تكون أحكام المحاكم البدائية الروحية قابلة للاستئناف أمام محكمة الاستئناف الروحية التى تعقد جلساتها فى مقر البطريركية، ويسمّى قداسة البطريرك أعضاء محكمة الاستئناف الروحية، على أن يكون الرئيس برتبة مطران، وعضوية كاهنين.
ويواصل: «لا تكون أحكام المحاكم الروحية القطعية البدائية والاستئنافية المتضمنة الحكم بالطلاق أو الفسخ أو البطلان قابلة للتنفيذ قبل اقترانها بتصديق قداسة البطريرك الذى له حق طلب إعادة المحاكمة بالنسبة للأحكام القطعية المخالفة لأحكام القانون أو التى لا تقترن بتصديقه، وانتداب من يفتش عن المخالفات لدى المحاكم البدائية الروحية فى سائر الأبرشيات والاستئنافية فى البطريركية.

وأوضح أنه وفقا للمادة 148 يجوز عقد الزواج إذا كان أحد الطرفَين مسيحيًا غير سريانى أرثوذكسي.، مؤكدا أن مواد هذا القانون تتشابه مع باقى الكنائس، ولا يوجد اختلاف جوهرى واضح سوى فى بعض المواد، باعتبار أن السريان المصرى حصل على الجنسية المصرية، فأصبح يتعامل كأنه مصري، لذا فلا يوجد هناك فرق بينه وبين باقى الطوائف إلا فى بعض المعتقدات والأفكار التى تميز هذه الطائفة عن غيرها، ولكنه أكد أنه لم يكن مطلع بشكل كامل على هذا القانون.
وأوضح الأب الربان فيليبس عيسى، أن العقيدة والإيمان تجمع الطوائف الثلاث، حيث لا يختلف أحد بينهم فى الإيمان والعقيدة باعتبارها إيمانًا مشتركًا واحدًا، مدللًا على ذلك بأنه يمكن أن يحضر أبناء طائفة الأقباط والروم والأرمن والسريان الأرثوذكس صلاة القداس، فى كنيسة واحدة تابعة لإحدى هذه الكنائس على نفس الطقس، مشيرًا إلى أن الكنائس الإنجيلية والكاثوليكية تختلف حول العقيدة المسيحية ومجموعة من التعاليم تناقش حول موضوع فى الكتاب المقدس أو السيد المسيح وروح القدس أو السيدة العذراء، ولكن يجمع الطوائف الثلاث الإيمان بالسيد المسيح.
ويرى أن الاختلاف فى ترجمات الكتاب المقدس، ليس جوهريًا وأساسيًا، وإنما يعتبر اختلافًا فى المصطلحات والألفاظ باعتبار أن قاموس اللغة العربية لا حدود له، حيث يمكن أن تعبر عن جملة بطريقتين مختلفتين، إلا أن جميع الترجمات تصب فى الإيمان بالسيد المسيح وتعاليمه، أى أنه لا يوجد هناك اختلاف يذكر ويمكن أن نسلط عليه الضوء.
وواصل حديثه، قائلًا: "ليس لدى الطائفة السريانية، مؤسسات اجتماعية أو تربوية تابعة للكنيسة بسبب انخفاض عدد أبنائها، وهناك طابقين فى كنيسة السيدة العذراء مريم بغمرة فى القاهرة، اختصا باستقبال السوريين اللاجئين والوافدين من سوريا؛ نتيجة الأزمات التى تمر بها من الإرهاب؛ لحين ترتيب الأوراق والعودة مرة أخرى إلى وطنهم؛ معربًا عن حزنه نظرًا لخلو هذين الطابقين من أبناء الطائفة حاليا.

ولفت إلى أنه لم يكن لديه القدرة لمناشدة الدولة ببناء كنائس جديدة للطائفة؛ نتيجة قلة عدد أبناء الطائفة فى مصر؛ وانخفاض شعب الكنيسة، ولكن تمنى أن تكون هناك مشروعات تنموية أو خدمية كالمدارس أو المستشفيات ودور أيتام ومسنين وحضانة للأطفال يمكن أن يعمل بها أبناء الطائفة.
وأشاد كاهن كنيسة العذراء، بدور الدولة فى التعاون مع أبناء الطائفة ورفع المعنويات لشعب الكنيسة، من خلال تقديم الحكومة التهانى فى المناسبات، وإرسال الرئيس عبدالفتاح السيسى وفدا لتهنئتهم فى الأعياد، متمنيًا أن يعم السلام دائمًا فى مصر بعيدًا عن محاولات إثارة الفتن الطائفية التى تهدف إلى تدمير البلاد، مؤكدًا أن حقوق أبناء الكنيسة فى مصر مصانة، وغالبية المسيحيين المصريين يعملون فى المهن الحرة، ويسود التعايش بين الطوائف فى مصر.
وتابع الأب الربان فيليبس عيسى، أن علاقة الكنيسة بجيرانها المسلمين تسودها المحبة والتسامح والسلام، حيث تقيم الكنيسة مائدة إفطار فى شهر رمضان، ويجتمع عليها أهالى منطقتى الظاهر وغمرة، ويقدم المسجد دعوة لشعب كنيسة العذراء مريم للإفطار، ويشترك المسجد والكنيسة فى إقامة مائدة إفطار يجتمع عليها المسلمون والمسيحيون فى آن واحد؛ فى رسالة تبرز مدى أهمية روح الوحدة الوطنية، و«لينا الشرف فى التعامل مع الأزهر حول أى مبادرة تختص بالإصلاحات»، مؤكدًا أنه لا يوجد أى تواصل بينه وبين الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر حتى الآن.
وأشار إلى أن موطنه الأصلي فى بلد جريح ومتألم يعانى من الإرهاب، ويأمل أن يعم السلام فى الشرق الأوسط، لافتًا إلى أن طائفة السريان تتواجد فى عدة دول بمختلف بقاع العالم، وهى دول «سوريا ومصر ولبنان والأردن وتركيا»، وانتقلت إلى أوروبا بدول «السويد وألبانيا وهولندا واستراليا»، وتتواجد فى أمريكا الجنوبية «الأرجنتين والبرازيل»، ويؤكد أن الطائفة تتواجد بشكل كثيف فى دولة السويد.
وعن توحيد الأعياد، أكد الربان فيليبس، أن البطريرك مار أغناطيوس أفرام الثانى بطريرك أنطاكية، يتطلع دائمًا إلى توحد الأعياد بين الكنيسة القبطية والفاتيكان، ويحتفل الجميع بالأعياد فى يوم واحد، ولكن هناك بعض الجهات ترفض دون ذكر السبب؛ ربما تكون سياسية أو دينية.
وطالب فيليبس، الجهات المختصة بالدولة، بترميم مدافن الطائفة بمصر القديمة، وناشد وزارة الآثار بالسماح للكنيسة السريانية بتطوير وبناء مدافن جديدة؛ لاستيعاب أكبر عدد من أبناء الطائفة، وتوسيع كنيسة مار بطرس وبولس بمصر القديمة، ويتمنى أن تمنح الدولة أرضًا للكنيسة تبنى عليها مشروعا صغيرا كمدرسة لمرحلتى رياض الأطفال والابتدائية.
وتابع، أن الكنيسة السريانية فى مصر لم تستقبل عائلات سورية قادمة من سوريا والعراق فى هذه الفترة، لصعوبة إجراءات الدخول والحصول على تأشيرة، رغم أن هناك الكثير من السوريين يرغبون فى الإقامة بمصر بشكل نظامى بدلًا من المخالف، ولكن تعوقهم الأوراق، إذ تزوجت سورية من مصرى يحصل على الجنسية وينضم إلى الكنيسة إذ رغب.
وعن شروط الالتحاق بالطائفة السريانية فى مصر، يستكمل حديثه بأنها تتمثل فى أن يذهب الشخص الراغب للانضمام إلى المجلس الإكليريكى المسئول عنه، ويقدم استمارة أو طلبًا لدراسة الحالة، ومنها يذهب الورق إلى بطريركية السريان فى دمشق بسوريا؛ ثم يتم إرسالها بعد ذلك إلى مجلس الكنيسة السريانية فى القاهرة؛ لإعطاء شهادة الانضمام للطائفة؛ وذلك بعد توقيعها وختمها من الكنيسة.

ويوضح الأب الربان فيليبس عيسى، أن الكنيسة الأم فى دمشق تنضم لمجلس كنائس الشرق الأوسط؛ وتشارك فى دراسة قضايا الكنائس وتوحيد الأعياد، معربًا عن حزنه الشديد من ظاهرة الإرهاب التى تصيب الكنائس والمساجد قائلًا: «شيء يؤلمنا أن نسمع وقوع حدث إرهابى فى الكنيسة أو الجامع.. فالإيمان شخصي، المسلم يؤمن بالرسول والقبطى يؤمن بالسيد المسيح.. والإرهاب مستورد من الخارج بهدف تدمير الشعوب وإثارة الفتن الطائفية والحروب الأهلية، فهو ليس له صلة بمعتقدات الأشخاص، مطالبًا الكنائس والمساجد بتنظيم ندوات لنشر الوعى الدينى والثقافى.
وأكد أن هناك عدة أنشطة للكنيسة السريانية تقدمها لشعبها، وهى تأسيسها مبادرات نسائية لزيارة دور الأيتام والمسنين وفى الجانب الطفولى تقيم مدارس الأحد، ومبادرة الراعى الصالح لرعاية العائلات الفقيرة وتقديم التبرعات وسد احتياجاتهم المعيشية، وتأهيل الشباب للخدمة فى الخارج، وكذلك إنشاء مجموعة إيمان النور لمساعدة ذوى الاحتياجات الخاصة.
وفى الختام، تمنى الأب الربان فيليبس عيسى، أن يأتى عام 2020 حاملًا معه كل بذور الأمل لمستقبل واعد فى ظل الخوف على الوجود والمصير من جراء الأحداث التى تمر بها سوريا والعراق وسائر البلاد.