جموع حاشدة من التونسيين من مختلف الأجيال والأعمار خرجت أمس لإلقاء نظرة الوداع على جثمان رئيسهم الراحل الباجي قايد السبسي، ردّدت خلالها النشيد الوطني وهتفت بحياة تونس ونثرت الورود على الطريق الذي مرّ منه موكب جثمان الفقيد .
يوم استثنائى سيظل محفورا فى ذاكرة كل تونسى، هكذا عبر أبناء الشعب التونسى فى يوم توديعهم لرئيسهم، موجهين رسالة للعالم بأسره مفادها نحن دولة ديمقراطية، دولة القانون والمؤسسات لنا دستور ينظم دواليب الحكم ولنا مؤسسات قوية قادرة على تسيير شؤون البلاد في أحلك الظروف ونمتلك جيشا قويا ومحايدا، قائلين: "نحن نودع رئيسنا وقلوبنا مطمئنة لاستتباب الأمن في البلاد بعد استكمال مسار انتقال سلمي سلس للسلطة وفق أحكام الدستور".
الباجي قايد السبسي أو "البجبوج" كما يحلو للتونسيين تسميته، أول رئيس منتخب بصفة ديمقراطية في تونس وأول رئيس تونسي يغادر الحياة وهو على رأس مهامه، بكاه خصومه قبل محبيه، ولم تمنعهم خلافاتهم الجذرية معه في بعض الأحيان من إنكار مآثره ودوره كرجل دولة وطني ساهم في تيسير عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد بعد ثورة 14 يناير.
وتميّز موكب تشييع جثمان الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي بحضور لافت للنساء التونسيات اللاتي خرجن للشوارع توديعا لأحد كبار القادة التونسيين الذين كرسوا جزءا هاما من مسيرتهم دفاعا عن حقوق المرأة ودعما لمكاسبها.
موشحات بالأعلام ورافعات أصواتهن بالزغاريد والهتاف باسم "الباجي"، انتشرت الآلاف من النساء تحت أشعة الشمس الحارقة على طول المسلك المحدد لموكب الجنازة انطلاقا من قصر قرطاج وصولا إلى مقبرة الجلاز، حيث ووري جثمان الرئيس الثرى، لإلقاء النظرة الأخيرة على الرئيس الأول للجمهورية الثانية الذي اختار مواصلة السير على نفس الدرب الإصلاحي لرئيس الجمهورية الأولى الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.
اختلطت مشاعر حزن الفراق والتعاطف مع فخر الانتماء للوطن، في صفوف التونسيات وهن يودعن الرئيس الفقيد، الذي سبق وأن حظي بثقة التونسيات بتصويت أكثر من مليون ناخبة له خلال انتخابات 2014 ليكون بذلك أول رئيس ينتخب بطريقة مباشرة نزيهة وشفافة.
رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد وجه الشكر لكل التونسيات والتونسيين الذين خرجوا في وداع السبسي، قائلا إن التونسيين أثبتوا للعالم أنهم "شعب استثنائي في وطن استثنائي".
ونشر حافظ قايد السبسي -نجل الرئيس الراحل- تدوينة عبر خلالها عن فخره بالجموع الغفيرة التي حضرت الجنازة رغم حرارة الطقس، قائلا "لا أعرف كيف أعبر عن حزن ابن فارق أباه وفي نفس اللحظة عن نخوة واعتزاز لا مثيل لهما تجاه ما حباه الشعب التونسي للرئيس الباجي قايد السبسي من حب واحترام واعتراف وتقدير تجسد في الجموع الحاشدة من التونسيات والتونسيين الذين أحاطوا في الشوارع بجنازة الرئيس وانتظروها طيلة ساعات رغم حرارة الطقس ومشاق التنقل".
عدد من قادة الدول والوفود الدبلوماسية والشخصيات الوطنية شهدوا جنازة الرئيس الراحل وبعضهم ألقوا كلمات تأبينية، أشادوا خلالها بمناقب الرئيس الفقيد وبدوره في إنجاح المسار الديمقراطي بتونس.
