الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رسالة من الماضي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هنا أبوالعز الحريرى، وهنا أيضا الجميلة زينب الحضرى تذكرنا بأجمل ما قاله وكتبه، ومازلنا على العهد:
إلى العمال فى كل عصر.
منذ زمن طويل وأنا أرى أن (عبارة كل عام وأنتم طيبين) لا تعبر عن الواقع، فبعد التحسن فى فترة يوليو وبداية عصر الانحطاط لم يكن العمال فى طيب الأحوال بل كان الشعب (عماله وفلاحوه وحرفيوه) من سيئ لأسوأ كلما طال زمن الانحطاط حتى أصبحوا كما الأيتام على موائد اللئام.
عمال مصر أول من شكلوا نقاباتهم فى مواجهة الاحتلال الإنجليزي، وقاوموا الاستعمار بقدر مقاومة استغلال الأجانب.. كانوا أصحاب الرؤية الوطنية الاقتصادية الاجتماعية الشاملة، فكونوا أول حزب ذات أهداف وطنية شاملة لهم مع الفلاحين والفقراء والطبقة الوسطى وكان حزبهم من أهم روافع الثورة ١٩١٩، وبعد أن حصلت مصر على تصريح ٢٨ فبراير بالاعتراف بأنها دولة مستقلة عوقبت الطبقة العاملة بحل حزبها عام ١٩٢٣، لكنها أسهمت بدون الحزب فى استعادة دستور ١٩٢٣ الذى استبدله صدقى باشا بدستور ١٩٣٠.
ومع طلعت باشا حرب كانوا وقود الصناعة الوطنية فى شركات بنك مصر فى كافة المجالات وما إن حطت الحرب العالمية أوزارها، وأمام تهافت أحزاب الإقطاع والرأسمالية التأم جناحا الحركة الوطنية فتكونت اللجنة الوطنية العمال والطلبة، التى لعبت دور المواجهة ضد الاستعمار الإنجليزى وضد القصر والإقطاع والرأسمالية، وانسحب العمال من العمل بمعسكرات الإنجليز بالقناة، ومع الثورة عملوا وأبدعوا.
ومن أبناء العمال والفلاحين والحرفيين تكونت أوسع طبقة وطنية سادت كل مجالات الحياة، وفى كل عيد ثورة كان الاحتفال بافتتاح المصانع والمستشفيات والمدارس والجامعات (وأثبتوا قدرة الفراعنة) فى بناء السد العالي، وحققوا التأمين الاجتماعى والصحى وكانوا أساس المدخرات للاستثمارات العامة (القطاع العام)، وشاركوا فى (الإدارة للشركات والمؤسسات) وتقاسموا الأرباح، وارتفعت نسبتهم فى أرباح العمل إلى عائد الملكية من ٢٨٪ إلى ٥٠٪، وعندما اغتيل السادات بيد من صنعهم كانت نسبة العمال فى الأرباح إلى رأس المال قد أعيدت إلى ما كانت عليه قبل الثورة ١٩٥٢ (٢٨٪ من أرباح رأس المال). ومع تطور الزمن ومرور السنين، أصبح العمال كما الأيتام على موائد اللئام جاعوا بعد كفاية، وتعروا مع الوطن بعد ستر، وفرض عليهم الظلام بعد أن ملأوا الوطن والأمة العربية بالاستنارة، وامتدت علاقات النضال ضد الظلم والاستغلال مع كل عمال العالم باعتبارهم مكونا رئيسيا فى حركة التحرر الوطنى العالمية.. ومع الهجمة الاستعمارية وسلطة التفريط وتشويه أوغاد الإخوان والمتسلفة لصحيح الفهم الديني، وتكامل المشروع الإخوانى المتسلف / الصهيونى الأمريكى التركي، تزايدت أعداد من تم إفقارهم (العمال والفلاحين والحرفيين)، وبدأت ملايين البطالة والإعدام المبكر (المعاش) المبكر.
عندما تصبح الطبقة جزءا من المكون الوطنى تصبح الوطنية مكونا وجوديا (هكذا حال فقراء هذا الوطن) فالوطنية بالنسبة لهم مكون موضوعى ويصبح النهوض بالوطن ونماؤه وتأكيد استقلاله «عقيدة حياة أو موت»، لهذا يسجل التاريخ للعمال ريادتهم لمقاومة الاستعمار والتكامل عملا وعطاء لمشروعى طلعت حرب وثورة يوليو، وتبنيهم برامج متطورة للإنقاذ الوطنى فى كل المراحل، كما يسجل لهم أنهم اصحاب الخطى والمبادرات التى فجرت ثورة الخبز ١٩/١٨ يناير ١٩٧٧، وتصديهم لكامب ديفيد والتطبيع مع العدو الصهيوني، ومقاومتها لهدم وبيع القطاع العام الذى بلغت (٦ تريليونات جنيه)، وهم الذين بلغت مدخراتهم التأمينية (٦٥٠) مليار جنيه لو استثمرت بعائد لا يتجاوز فائدة البنك لبلغت الآن أكثر من تريليونى جنيه.
فجر العمال وجماهير الشعب الثورة على مراحل اكتملت فى ٢٥ يناير، ولما اختطفت الثورة فى ١١ فبراير ظلوا مع الشباب والشعب يقاومون تتار القرن الوحد والعشرين ومع جيشهم كنسوا إخوان الإرهاب من مقاعد السلطة ٣٠ يونيو و٢٦ يوليو، ولا تزال أحوالهم كما هى، إلى جانب أنهم يعانون من خلل فادح فى توزيع المبلغ المخصص لأجيال وراء أجيال وكثير من الأجيال عاشوا حياة السخرة.
العمال والفلاحون والحرفيون هم البناة الحقيقيون رغم الحرمان، وهم الذين دفعوا تكاليف الصمود والاستنزاف والحرب من أرواح أبنائهم الشهداء والمصابين وتمويل تكاليف الحرب التى حُرِموا من ثمارها بعد هدم كل ما بناه المصريون مع طلعت باشا حرب وعبدالناصر. وقف الشعب (العمال والفلاحون والحرفيين) فى جانب الوطن، ادخر العمال تأميناتهم (٦٥٠ مليار جنيه) لصالح التنمية التى ذهب عائدها لأعداء الشعب الذين هدموا وفرطوا فى الاقتصاد الوطنى صناعى ومصرفى وخدمى بما تتجاوز قيمته حتى الآن (ستة تريليونات جنيه) وها هم أرباب المعاشات والعاملون يتضورون جوعًا شاملا (للتعليم الجيد والرعاية الصحية والإسكان والعمل)، ولا يقل حال العمال بؤسا عن آبائهم الذين اضطروا للعمل وهم على المعاش.
وها هو شاعر الشعب «بيرم التونسي» تدوى صرخته فى وجه الاستغلاليين
ليه امشى حافى.. وانا منبت مراكبهم
ليه فرشى عريان.. وانا منجد مراتبكم
ليه بيتى خربان.. وانا نجار دوالبكم
هى كده قسمتي.. الله يحاسبكم
ساكنين علالى العتب.. وانا اللى بانيها
فارشين مفارش قصب.. وانا ناسج حواشيها
قانيين سواقى ذهب.. وانا اللى أدور فيها
يارب ما هواش حسد.. لكن بعتابكم
من الصباح للمسا.. والمطرقة فى أيدي
صابر على دى الأسى.. حتى نهار عيدي
ابن السبيل اتكسى.. واسحب هرابيدى
تتعروا من مشيتي.. وأخجل أخاطبكم
ليه تهدموني.. وانا اللى عزكم بانى
وانا اللى فوق جسمكم.. قطنى وكتانى
عيلتى فى يوم دفنتي.. ما لقيتش أكفانى
حتى الأسية.. وانا راحل وسايبكم