الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

ثورة يوليو.. أزهى عصور الحرية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أعداء الثورة استغلوا أخطاء البعض لتصدير مفهوم القهر وتكميم الأفواه

عبدالناصر يصحح الأخطاء

جمال انتصر لأعمال إحسان عبدالقدوس وتدخل لإجازة "شيء من الخوف"


لن يسلم أحد من الكتاب من النقد بل ومن السخرية إذا تحدث بشكل إيجابي حول الحريات في عهد ثورة 23 يوليو، وذلك بعد ما تم تصديره من صورة مغلوطة حول الحريات في عهد ثورة يوليو، خاصة في الفترة التي شهدت عنفوان الثورة بستينات القرن الماضي.

وقد يكون الخطأ حول أداء بعض الضباط الأحرار والمسئولين الذين رفعوا شعار "ملكيون أكثر من الملك" من باب حرصهم بشكل مبالغ فيه على منع أي محاولة -من وجهة نظرهم- يمكن أن تمثل تشويه، أو تشكل إسقاط على ثورة 23 يوليو، ومن هنا وقع عدد من الأخطاء التي دفعت البعض ليقوم بترويج زمن ثورة يوليو وتغليفه في إطار من القمع والاضطهاد وتكميم الأفواه، وتصدير صورة مغايرة لما كان الرئيس جمال عبدالناصر يسعى إلى تقديمها.

وتظل الصورة الحقيقية للحرية في عهد ثورة يوليو مختلفة تمامًا عما قام بترويجه أعداؤها، وإلا فكيف ازدهرت حركة الآداب والفنون خلال الستينات بشكل لم يسبق له مثيل، إذا كان تكميم الأفواه عنوان المرحلة كما يدعي البعض؟ ولماذا تظل مرحلة الستينات فخر المسرح المصري وأكثر مرحلة نهض خلالها أبو الفنون وقدم عشرات الأسماء التي ماتزال اسمها يحفر مكانه في وجدان الشعب؟

بل وكيف يمكن لشباب خاطروا بأنفسهم وأرواحهم من أجل تخليص مصر من إرث الاحتلال الأجنبي والملكية أن يتحولوا إلى جلادين للمبدعين والشعب الذي ثاروا من أجله؟

"البوابة نيوز" ومن خلال السطور التالية، تقدم صورة مغايرة لما يتم ترويجه طوال الوقت حول الحريات في عهد الثورة، ونرصد خلالها عددا من الوقائع التي انتصرت الثورة خلالها للحرية حتى ولو كانت تبدو للبعض أنها موجهة ضدها..


"أنف وثلاثة عيون".. رواية تنتقد الأوضاع الاجتماعية.. وعبد الناصر يتدخل

ألف الروائي الكبير إحسان عبد القدوس روايته الضخمة "أنف وثلاثة عيون" وبدأ نشر حلقاتها في مجلة روز اليوسف في العام 1964 وتحكي قصة طبيب وثلاث فتيات، يتعرف إلى الأولى "أمينة" المتزوجة وتنشأ بينهما علاقة لكنه يحاول أن يردها إلى زوجها ودائما ما تفشل محاولاته وتظل أمينة متعلقة به تمامًا، ويتعرف المتلقي من خلالها على مجموعة خيارتها الخاطئة رغم التحذيرات التي تلقتها من المحيطين، ويلتقي الطبيب بالفتاة الثانية "نجوى" التي تعاني من أسرتها، وتعيش مع رجل ينفق عليها، ثم الفتاة الثالثة "رحاب" التي تعتبر رمزا للفتاة المتحررة، تمارس حياتها وفق رغباتها، لا يمنعها من ذلك شيء، تتعاطى مع الحياة بجرأة، ولا تخشى أن تصطدم بأفعالها تلك مع المجتمع المحافظ، هذه الشخصية الأخيرة تقلق حياة الطبيب وتدفعه للتفكير في حياته بشكل جاد وحقيقي، ففي الوقت الذي يرفض تحررها فهو يدرك أنه السبب في يقظته والانتباه لحياته.

عالجت القصة موضوعات اجتماعية واقتصادية بالدرجة الأولى، فالعمل وتحصيل المال، وتغير الترتيب الطبقي في عهد الزعيم دمال عبدالناصر أدى لبروز ظواهر اجتماعية غريبة على المجتمع المصري، فالمجتمع المصري الذي يسبق ثورة 23 يوليو من العام 1952 لم يكن هو المجتمع الذي شهد زعيما يحكمه صعد من طبقة الفلاحين السمر، أبناء تلك الأرض، فهو بذلك يخلخل جذور مجتمع يأس في أن يحكم بلاده بنفسه، أيضا توزيع الثروة من خلال النظام الاشتراكي، وتوزيع ملكية الأرض من خلال قانون الإصلاح الزراعي ضمن الحياة لفئة كبيرة من الناس كادت أن تنتهي، كانت تعامل معاملة العبيد والأجرية، لقد أصبحوا أصحاب أرض، أصبحوا ملاك في الحقيقة.

يلتقط "إحسان" تلك التغيرات التي طرأت على المجتمع الجديد، لكنه يضع يده على التغيرات السلبية التي تحتاج لطبيب يقومها، فهو يواجه انحلال ساد في وقت ما، ليس بالضرورة انحلال إباحي يرتبط بالجسد، بقدر ما هو انحلال أخلاقي وقيمي، فهل يتحمل الرئيس عبد الناصر أن يعلن إحسان أن المجتمع وصل إلى حالة من الانحلال القيمي والأخلاقي؟

يبدو أن حلقات نشر القصة في روز اليوسف لم تعجب أحد نواب البرلمان الذي أثار القضية ورفع طلبا لرئيس المجلس آنذاك أنور السادات يطالبه بوقف نشر الرواية وعدم تمثيلها في الإذاعة والتلفزيون، وبالفعل تحدث أزمة آنذاك ويتهم البعض "إحسان" بنشره للرذيلة، ويقرر بعض النواب تحويل للكاتبة للنيابة والتحقيق معه، ويلجأ عبد القدوس إلى توفيق الحكيم وهو يجتمع بأعضاء لجنة القصة بالمجلس الأعلى للآداب والفنون فيطلب منه أن يسانده ويصدر رأيه في هذه الرواية، ثم يلجأ للكاتب الكبير يوسف السباعي بعدما تقدم البعض ببلاغات ضده يؤكد له أنه لو تم إحالتي للتحقيق كما العاهرات فسيذهب بعدي كل الأدباء للنيابة.

اتصل السباعي آنذاك برئاسة الجمهورية، ويبدو أن الزعيم كان قد اطلع على رواية "إحسان" فأمر بحفظ التحقيقات، وأوقف الأزمة التي تسبب فيها بعض المدعين والجهلة، وخالف الزعيم ما قد يظنه البعض من تكميم للأفواه، وانحاز للروائي إحسان عبدالقدوس في نشر روايته التي تنتقد أوضاع العصر الاجتماعية.


"ثرثرة فوق النيل".. تتسبب في قرار اعتقال.. والزعيم يرد "إحنا عندنا كام نجيب"

كتب الروائي العالمي نجيب محفوظ قصة قصيرة بعنوان "سائق القطار" في العام 1965، وكانت تتحدث حول سائق متهور تسبب في حادث مروع للقطار، وتحدث البعض عن رمزية القصة وما يريده محفوظ، فهل كان يقصد بسائق القطار الزعيم عبد الناصر وأن مدة حكمه سوف تقود البلاد إلى كارثة؟ إن تحليل بسيط للغاية كهذا يمكن أن يؤدي بالأديب الكبير إلى الهلاك، وتخوف البعض بشكل حقيقي من إقدام السلطة على اعتقال محفوظ ومحاكمته بشأن تلك القصة، ساعتها تدخل رئيس تحرير مجلة "الثقافة" الكاتب محمد فريد ابو حديد ووضع تصورات وقراءة جديدة للقصة يمكن من خلالها إبعاد التهمة عن "محفوظ" وهي أن القصة ترمز لصراع الشرق والغرب معًا، ذلك الصراع الذي يؤدي في النهاية إلى كارثة مرعبة للكرة الأرضية والعالم أجمع.

ما كاد يلتقط محفوظ أنفاسه من أزمة "سائق القطار" حتى وصل إلى أزمة "ثرثرة فوق النيل" التي تدور حول مجموعة من الأصدقاء في عوامة على النيل، يجمعهم السكر والعربدة، ويتحدثون في هلوسة عن كثير من الأمور الفلسفية والتاريخية والسياسية والاجتماعية، فيتعرف المتلقي على عدة شخصيات منها "أنيس" الموظف الحكومي البسيط، يظهر من خلال حواره شخصية ساخطة على الواقع، إلى جانب تمتعه بثقافة جيدة، ومن حوله خريج الأزهر المتفلت، وحارس العوامة المزدوج، وسمارة الصحفية التي تسللت للعوامة لمعرفة طبيعة هؤلاء المدمنين والتي تتكشف حقيقتها في النهاية.

رواية الثرثرة تلك رصدت الواقع المؤلم الذي أصاب المثقف والمواطن العربي بشكل عام، ما أثار ضد "محفوظ" زوبعة كبيرة تزعمها المشير عبدالحكيم عامر، الذي تحدث بانفعال شديد من جراء تلك الرواية معتبرًا إياها تجاوزا للحد من قبل نجيب محفوظ، وقد صدر بسببها قرار اعتقال "محفوظ" بالفعل.

طلب الزعيم جمال عبد الناصر آنذاك من ثروت عكاشة وزير الثقافة أن يبدي رأيه في رواية محفوظ التي تهاجم النظام والحكم كما سمع "ناصر" فأكد "عكاشة" أن الرواية تنتقد السلبيات الموجودة وإنه من الضروري أن يتوافر للأدب قدر من الحرية لينقل صورة واقعية حقيقية عن المجتمع، فإذا لم يجد الأدب هذا القدر من الحرية مات واضمحل تأثيره".

وانحاز "ناصر" بشكل مباشر إلى حرية الرأي والفن، قائلا لثروت عكاشة: "اعتبر المسألة منتهية"، وبذلك تراجع المشير "عامر" عن تهديده لمحفوظ بعدما قال له الزعيم: "احنا عندنا كام نجيب محفوظ"، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي ينحاز فيها "ناصر" إلى محفوظ، بل سبق وأن وقف بجانبه حين نشر روايته "أولاد حارتنا" مسلسلة في الأهرام، وكانت تتناول قصة سيد الحارة "الجبلاوي" الذي يحض أبنائه ونسله على الانحياز للخير والفقراء والوقوف في وجه الطغاة والأشرار، وبدوره يختار خمسة من نسله كي يقوموا أخطاء فتوات الحارة، ساعتها قامت ضده ثائرة شيوخ الأزهر الذين تمنوا أن تتخذ السلطة السياسية ضده إجراء بشأن هذه الرواية التي عدوها من باب التطاول على المقدس الديني.


"شيء من الخوف".. فيلم يثير غضب الرقابة.. وعبد الناصر يأمر بالإفراج عنه

قدم المخرج حسين كمال للسينما المصرية فيلمًا من أروع الأفلام وهو "شيء من الخوف" المأخوذ عن رواية بنفس العنوان للكاتب الكبير ثروت أباظة، وتدور أحداثه حول عتريس الطفل الرقيق الذي يتعرض لقسوة جده مرار من أجل أن يترك قسوته تلك كي يصبح شخصا جدير بأن يعتمد عليه جده في وراثة السيطرة على أهل قريته، وبالفعل يتخلص عتريس من طبيعته الرقيقة عندما يشاهد أحد الفلاحين يتجرأ ويقتل جده.

تعلق عتريس منذ طفولته بفتاة تحبه وهي "فؤاده" ولكنها تبتعد عنه وترفض تحولاته واتجاهه ناحية الجبروت والقسوة، ويتحول حبها للكره، لكنه يأخذها عنوة وينتزعها من بين أهلها، وتظل فؤاده رافضة لزواجه، ويعلن شيخ المسجد أن هذه الزيجة باطلة تمامًا، وفي إثر ذلك يقتل عتريس ابن شيخ المسجد، لينتفض الشيخ وتنتفض القرية كلها بأكملها معلنة أن زواج عتريس من فؤاده باطل، وتتردد كلمة باطل في أرجاء القرية تهز قصر عتريس وتزلزل أركانه وتنحاز فؤاده لأهل قرية الدهاشنة. شارك في الفيلم كل من الفنان محمود مرسي والفنانة شادية والفنان يحيي شاهين والفنان صلاح نظمي، وكتب سيناريو الفيلم صبري عزت، بينما كتب الحوار إلى اللهجة الصعيدية الشاعر عبدالرحمن الأبنودي إلى جانب أغاني الفيلم، وكانت الموسيقى للملحن بليغ حمدي.

كانت أفيشات الفيلم تنتشر في شوارع القاهرة، وتنبأ صناع الفيلم بنجاح مبهر وكاسح، إلا أن هناك من ترصد لهم، واعتبر الفيلم اسقاطًا مباشرا على نظام الحكم، فشخصية عتريس ليست هي إلا رمز للرئيس جمال عبد الناصر، وأهل الدهاشنة هم الشعب المغلوب على أمره، وفؤاده هي مصر، وتعطل الفيلم في الرقابة، وكانت أزمة آنذاك هددت عرض الفيلم وصناعه.

يمكن للمشاهد أن يؤل رموز الفيلم كما يشاء، لكن قصر التفسير على شخصية بعينها يعد قتلا للعمل الأدبي والفني قبل كل شيء، فشخصية عتريس إن كانت تدين الاستبداد والديكتاتورية فهي تدينهما في صورتهما المطلقة دون أن يكون الاسقاط مباشرا ومقصودا فيفقد العمل رونقه وأبعاده التأويلية المناسبة لكثير من الأزمان.

واستاء المخرج حسين كمال من تلك الأزمة، وتعرض لمواقف صعبة للغاية، لكنه في النهاية يجد موقفًا غير متوقع من "عبد الناصر" الذي يقر الفيلم ويرفض بدوره صور وأشكال الاستبداد التي تطرحه الفيلم، فيقول "حسين" عن هذه الأزمة: "أطلق أعداء النجاح إشاعة أن الفيلم يقصد بعتريس الرئيس جمال عبد الناصر في الوقت الذي كان الفيلم جاهزًا للعرض وأفيشاته تملأ الشوارع، ورفضته الرقابة، فكان الفيلم أول صرخة لى في السينما المصرية وأصبت بالاكتئاب بعد اتهام الفيلم بمعاداة نظام الحكم؛ لكن حين شاهده الرئيس عبد الناصر أجاز عرضه وقال: لو إحنا كده يبقى نستاهل الحرق".

مثل هذه المواقف تبرز جانبًا قويًا في شخصية الزعيم جمال عبد الناصر وهي ثباته وعدم اهتزازه من أعمال أدبية وفنية تتعرض بالانتقاد لسلبيات ظهرت في عصره، وفي الوقت الذي تقوم فيه الرقابة أو شخصيات برلمانية أو مجموعة من المحبين للثورة ومجلس قيادتها باعتراض أعمال معارضة للغاية كهذه نجد تدخلا صريحًا من "ناصر" ينحاز فيه للحرية وللعمل الفني.


"مقلب" و"معلم" كلمات كادت تقضي على مسيرة حليم الفنية.. والرئيس ينحاز لصوت العندليب

يبدو أن الأمور لم تكن على ما يرام بين قطبي الفن: كوكب الشرق أم كلثوم وفنان الشعب عبدالحليم حافظ، لكنها تصاعدت حدتها في العام 1964 حين جمع حفل الاحتفال بالثورة بينهما، وساعتها ذهب إليها حليم يطلب منها أن يغني فقرته بعد الوصلة الأولى لها، لأنه إذا صعد للمسرح بعد وصلتي الست ثومة فإن الجمهور سينام ولن يستمتع بغنائه، فطلب منها أن تبدأ الحفل بوصلة وتختتم الحفل بالوصلة الثانية بينما هو يغني في المنتصف، لكن الست أك كلثوم لم تتعاطف أبدا مع طرح حليم، رفضت طلبه، وتعللت أنها لا تحب السهر وتريد أن تنتهي من الوصلتين حتى تستريح.

أحس حليم بالضيق، وراح يراقب غناء أم كلثوم من وراء الكواليس، كانت ثومة تغني مقاطعها وتعيدها وترددها أكثر من مرة، هل قررت أن تغيظه أكثر وأكثر، ولما بدأت الوصلة الأخرى فعلت أيضا ترديد المقاطع وتكرارها ومدها حتى انتهت من الوصلة في الساعة الواحدة والنصف صباحًا، وعندما صعد حليم للمسرح لم يرد أن يبدأ بالغناء قبل أن يقول كلمة يعبر فيها عما يختلج داخل صدره فقال إنه لا يعرف هل الغناء بعد السيدة أم كلثوم شرف كبير أم مقلب؟ ثم وجه التحية لرجال الجيش والشعب وللرئيس جمال عبدالناصر في ذكرى ثورة يوليو المجيدة.

أثارت الكلمات غضب أم كلثوم، وانفعلت للغاية متسائلة: كيف تجرأ حليم على مثل هذا الكلام؟، وقد أغضبت الكلمات بدورها بعض رجال مجلس قيادة الثورة، وكادت كلماته تلك أن تقضي على مسيرته الفنية، وقيل إن المشير عبدالحكيم عامر وقتها قرر ألا تكون هناك حفلة تجمع بينهما وأن تنفرد أم كلثوم وحدها بإحياء حفل عيد الثورة، وطلب الجميع من حليم الاعتذار لأم كلثوم، واعتذر لها حليم بالفعل بعد مدة عن كلامه آنذاك في الحفلة وذكر أجواء ذلك الاعتذار في مقال كتبه حليم في مجلة "الموعد" بعنوان "ذكرياتي مع أم كلثوم" إلا أن تلك الأجواء توحي بما يدور داخل أم كلثوم التي لم تكن راضية بالقدر الكافي عن حليم وعن جرأته ضدها أمام الإذاعة والتلفزيون والجمهور كله.

تدخل الرئيس جمال عبد الناصر آنذاك، ودخل في خط المواجهة، ربما كان "ناصر" يرفض أن يتدخل رجال مجلس قيادة الثورة في خلاف نشب بين فنانين على أية حال، لكنه شعر بما يتعرض له حليم، وما تتعرض له مسيرته الفنية، فقرر أن ينفرد حليم أيضا بإحياء حفل 26 يوليو في الإسكندرية في أعياد الثورة بمناسبة رحيل الملك.

وظل حليم يتمتع بمسيرته الفنية لوقوف الزعيم إلى جانبه، وظل أيضا الخلاف قائمًا لكنه ربما كانت آخر حلقاته في حفل خطبة ابنة الرئيس السادات في العام 1970 عندما قابلها حليم مجددا ليصافحها ويقبل يدها بينما هي تعلق قائلة: أنت عقلت ولا لسه؟"

ولم يكن هذا الموقف هو الوحيد مع حليم، فالفنان الشاب أقدم على تقديم أغنية "حكاية شعب" التي كتبها الشاعر أحمد شفيق كامل، ولحن الأغنية الملحن كمال الطويل، وعندما تم تقديمها على المسرح بحضور الرئيس جمال عبد الناصر الذي لم يكن لديه علم بكلمات الأغنية التي تقول: "صرخة اطلقها جمال.. احنا أممنا القنال.. احنا أممنا القنال.. احنا أممنا القنال.. ضربة كانت من معلم.. خلى الاستعمار يسلم.. والحصار الاقتصادي.. برضه ماذلش بلادى"، فقد تخوف الشاعر "شفيق" وأيضا حليم من كلمة "معلم" التي يقصدون بها الزعيم الكبير، لكن المفاجأة أن الكل راح يراقب رد فعل عبد الناصر عندما يطلقها عبد الحليم مغنيًا بها، وكانت المفاجأة أن عبد الناصر لم ينزعج بل ابتسم للغاية من الكلمة وتقبلها ببهجة لم تكن في المتوقع، مما يظهر أيضا مدى اتساع صدره لتقبل أبناء الشعب الذي ثار وناضل من أجلهم وهم يعبرون عن حبهم له بكلماتهم الدراجة.