الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ثورة يوليو.. رجال وهبوا الشعب حريته

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وكان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين، أما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة على الجيش وتولى أمره إما جاهل أو خائن أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها.

وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم ولابد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.

بتلك الكلمات نطق البطل الراحل أنور السادات وألقى أول بيان لثورة يوليو المجيدة الثورة التى جاءت بالعدالة والكرامة من رحم الظلم والتجبر، الثورة التى أهدت للفقير كرامته ومنحته حرية بعد استعباد دام لفترات طيلة عهد ملكي ظالم لا يعرف الرحمة ولا مكان في الوطن إلا لحاشيته وماسحي أحذية رجال السرايا.

لم تكن مجرد ثورة جيش ضاق به صدره على فساد منظومة ملكية أطاحت بكل المثل والمبادئ وحلت محلها بالفساد والرشوة، بل كانت مغامرة حمل فيها رجال أوفياء أقسموا بالولاء للوطن والحفاظ على كرامته أرواحهم عل أيديهم غير مبالين بفشل ثورتهم أونجاحها، بل كان رهانهم الرابح على الشعب ووقوفه بجانبهم، وكلهم إصرار على أن يهبوا الشعب حريته المسلوبة من قبل السرايا وحليفها الاستعمار.

الثورة والإصلاح الداخلي

تعتبر فترة الثورة هى العهد الذهبي للطبقة المطحونة والذين عانوا أشد المعاناة من الظلم والقهر الاجتماعي وعدم المساواة بين طبقات الشعب حيث أعلنت توجهها الاجتماعي وحسها الشعبي منذ بدايتها بإصدار قانون الملكية الزراعية في 9 سبتمبر 1952  والذي قضى على الإقطاع وأنزل الملكيات الزراعية عن عرشها ليتربع مبدأ المساواة وحق الفلاح البسيط مكانها، كما أنصفت العامل البسيط وقضت على معاملة العمال كسلع تباع وتشترى ويخضع ثمنها للمضاربة في سوق العمل.

الثورة والتعليم

إيمانا من رجال الثورة بأهمية التعليم ودوره بالصعود بالمواطن من الدرك الذي كان فيه لمكانة أعلى وأرقى فقد عملت الثورة على إنشاء 10 جامعات في أنحاء البلاد بدلا من ثلاث جامعات فقط وأقرت مجانية التعليم وضاعفت من ميزانية التعليم العالى وكذلك إنشاء مراكز للبحث العلمي وتطوير المستشفيات التعليمية

الثورة عربيا

 لقد كان حلم القومية العربية وليد ثورة يوليو وأهدافها؛ حيث تم توحيد الجهود العربية وحشد الطاقات لصالح حركات التحرر العربية، وأكدت الثورة للأمة من الخليج إلى المحيط أن قوة العرب في توحدهم وتحكمها أسس أولها تاريخي وثانيها اللغة المشتركة لعقلية جماعية وثالثها بعد نفسي واجتماعي لوجدان واحد مشترك، فأقامت الثورة تجربة عربية في الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير 1958، بعدها قامت الثورة بعقد اتفاق ثلاثي بين مصر والسعودية وسوريا ثم انضمام اليمن للدفاع عن حق الصومال في تقرير مصيره، وساهمت الثورة في استقلال الكويت، وقامت الثورة بدعم الثورة العراقية، وأصبحت مصر قطب القوة في العالم العربي مما فرض عليها مسئولية الحماية والدفاع لنفسها ولمن حولها، ساعدت مصر اليمن الجنوبي في ثورته ضد المحتل حتى النصر وإعلان الجمهورية، وساندت الثورة الشعب الليبي في ثورته ضد الاحتلال، كما دعمت الثورة حركة التحرر في تونس والمغرب حتى الاستقلال.

الثورة عالميا

لعبت قيادة الثورة دورا رائدا مع يوغسلافيا بقيادة الزعيم تيتو ومع الهند بقيادة نهرو في تشكيل حركة عدم الانحياز مما جعل لها وزنا ودورا ملموسا ومؤثرا على المستوى العالمي، ووقعت صفقة الأسلحة الشرقية عام 1955 والتي اعتبرت نقطة تحول كسرت احتكار السلاح العالمي، ودعت إلى عقد أول مؤتمر لتضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية في القاهرة عام 1958.

لقد احتلت الثورة مكانة في قلوب المصريين وأبناء الوطن العربي، ولد من رحمها أحلام تحمل في طياتها عزة وكرامة، وانتقالا من عبودية لسيادة، سعيا نحو الأفضل لهم ولبنيهم، فتحية لأرواح رجال حملوا أرواحهم فداء لحرية وكرامة وطنهم.