الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

أداء مناسك الحج.. رحلة ميلاد جديدة إلى البيت العتيق

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يترقب المصريون والمسلمون في مختلف أنحاء العالم سنويا موسم الحج لأداء مناسكه ، طمعا في أن يكون ميلادا جديدا لهم كونه الركن الخامس والأعظم من أركان الإسلام ، وجاء في فضله وثوابه العديد من الأحاديث النبوية التي أكدت أنه والعمرة ينفيان الفقر والذنوب ، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة ، وقد وضعه الرسول في المرتبة الثالثة في أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله.
وودعت مصر يوم الخميس الماضي أول أفواج الحجاج المصريين الذين نقلتهم شركة مصر للطيران إلى الأراضي المقدسة ، ومن المخطط أن تنقل مصر للطيران هذا العام 1440 هجرية أكثر من 74 ألف حاج إلى الأراضي المقدسة بمعدل 24000 حاج من حجاج القرعة و12000 حاج من حجاج التضامن الاجتماعي و7000 حاج من حجاج الترانزيت و10500 حاج من حجاج السياحة والهيئات والأفراد و11000 حاج من حجاج العمل والزيارة ، هذا بخلاف 9500 من حجاج دولتي مالي وفلسطين بمعدل 12 رحلة جوية لنقل 3400 حاج من الحجاج الفلسطينيين و21 رحلة جوية لنقل 6100 حاج من حجاج دولة مالي.
ومن المقرر أن تسير الشركة من مطار القاهرة الدولي 351 رحلة جوية بواقع 206 رحلات جوية إلى جدة و145 رحلة جوية إلى المدينة المنورة، وتسير الشركة من بين هذه الرحلات 20 رحلة جوية من مطار برج العرب إلى جدة لنقل 4600 حاج و8 رحلات جوية من الأقصر لنقل 1800 حاج ورحلتين من أسوان لنقل 500 حاج وأخيرا رحلة واحدة من الغردقة لنقل 240 حاجا.
وللحج شعائر معينة تسمى "المناسك" وهو واجب لمرة واحدة في العمر لكل بالغ قادر من المسلمين وفرض عين على كل مسلم بالغ كما جاء في نص القرآن الكريم وتبدأ مناسكه في الثامن من شهر ذي الحجة بأن يقوم الحاج بالإحرام من مواقيت الحج المحددة ، ثم التوجه إلى مكة ليقوم بطواف القدوم ثم التوجه إلى منى لقضاء يوم التروية ثم التوجه إلى عرفة لقضاء يوم عرفة بعد ذلك يرمي الحاج الجمرات في جمرة العقبة الكبرى، ويعود إلى مكة ليقوم بـطواف الإفاضة ثم يعود إلى منى لقضاء أيام التشريق ويعود الحاج مرة أخرى إلى مكة ليقوم بطواف الوداع ومغادرة الأماكن المقدسة.
والحج طقس ديني موجود من قبل الإسلام، ويعتقد المسلمون أنه شعيرة فرضها الله على أمم سابقة مثل الحنيفية أتباع ملة سيدنا إبراهيم حيث كان الناس يؤدونها أيامه ومن بعده لكنهم خالفوا بعض مناسك الحج وابتدعوا فيها، وذلك حين ظهرت الوثنية وعبادة الأصنام في الجزيرة العربية على يد عمرو بن لحي.
وقد قام النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالحج مرة واحدة فقط هي حجة الوداع في العام العاشر من الهجرة ، وفيها قام الرسول بأداء مناسك الحج الصحيحة ..قائلا "خذوا عني مناسككم" ، وألقى خطبته الشهيرة التي أتم فيها قواعد وأساسات الدين الإسلامي ويجب على المسلم أن يحج مرة واحدة في عمره إذا كان مستطيعا فإن حج بعد ذلك مرة أو مرات كان ذلك تطوعا منه، وللحج خمسة شروط ، وهي الإسلام بمعنى أنه لا يجوز لغير المسلمين أداء مناسك الحج ، والشرط الثاني العقل فلا حج على مجنون حتى يشفى من مرضه، الشرط الثالث البلوغ فلا يجب الحج على الصبي حتى يحتلم ، والشرط الرابع الحرية فلا يجب الحج على المملوك حتى يعتق ، أما الشرط الخامس الاستطاعة بمعنى أن الحج يجب على كل شخص مسلم قادر ومستطيع.
ويرجع تاريخ الحج في الإسلام إلى فترة سابقة على بعثة النبي محمد بآلاف السنين وبالتحديد إلى عهد النبي إبراهيم الخليل ، وتنص المصادر الإسلامية إلى أن إبراهيم كان نازلا في بادية الشام فلما ولد له من جاريته هاجر إسماعيل، أمره الله أن يخرج بإسماعيل وأمه إلى مكة حيث حرمه وأمنيه وأول بقعة خلقها ، ولما نزلوا في ذلك المكان ألقت هاجر على الشجر كساء كان معها استظلت تحته وانصرف عنها إبراهيم إلى سارة فقالت هاجر "لم تدعنا في هذا الموضع الذي ليس فيه أنيس ولا ماء ولا زرع؟"، رد قائلا : "ربي الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان"، ثم انصرف عنهم فلما بلغ ( كدى) ، وهو جبل بذي طوى التفت إليهم إبراهيم فقال: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ، ثم مضى وبقيت هاجر.
ولما ارتفع النهار عطش إسماعيل، فقامت هاجر في الوادي حتى صارت في موضع المسعى فنادت: "هل في الوادي من أنيس" فغاب عنها إسماعيل، فصعدت على الصفا ولمع لها السراب في الوادي وظنت أنه ماء فنزلت في بطن الوادي وسعت فلما بلغت المروة غاب عنها إسماعيل، ثم لمع لها السراب في ناحية الصفا وهبطت إلى الوادي تطلب الماء فلما غاب عنها إسماعيل عادت حتى بلغت الصفا فنظرت إلى إسماعيل، حتى فعلت ذلك سبع مرات فلما كان في الشوط السابع وهي على المروة نظرت إلى إسماعيل وقد ظهر الماء من تحت رجليه فعدت حتى جمعت حوله رملا وكان سائلا فزمته بما جعلت حوله فلذلك سميت زمزم.
وكانت قبيلة جرهم نازلة بذي المجاز وعرفات فلما ظهر الماء بمكة عكفت الطيور والوحوش على الماء فنظرت جرهم إلى تعكف الطير على ذلك المكان فاتبعوها حتى نظروا إلى امرأة وصبي في ذلك الموضع مستظلين بشجرة وقد ظهر لهم الماء فقال لهم كبيرهم : "من أنت وما شأنك وشأن هذا الصبي؟"، قالت: "أنا أم ولد إبراهيم خليل الرحمن وهذا ابنه أمره الله أن ينزلنا ها هنا"، فقالوا لها: "أتأذنين أن نكون بالقرب منكما " فقالت: "حتى أسأل إبراهيم"، فزارهما إبراهيم يوم الثالث فاستأذنته هاجر ببقاء قبيلة جرهم، فقبل بذلك، فنزلوا بالقرب منهم وضربوا خيامهم وأنست هاجر وإسماعيل بهم، فلما زارهم إبراهيم في المرة الثانية ونظر إلى كثرة الناس حولهم سر بذلك.
عاش إسماعيل وأمه مع قبيلة جرهم إلى أن بلغ مبلغ الرجال، فأمر الله إبراهيم أن يبني البيت الحرام في البقعة حيث أنزلت على آدم القبة، فلم يدر إبراهيم في أي مكان يبني البيت كون قبة آدم استمرت قائمة حتى أيام الطوفان في زمان نوح فلما غرقت الدنيا رفعها الله، وفق المعتقد الإسلامي، فبعث الله جبريل فخط لابراهيم موضع البيت وأنزل عليه القواعد من الجنة، فبنى إبراهيم البيت ونقل إسماعيل الحجر من ذي طوى، فرفعه في السماء تسعة أذرع ثم دله على موضع الحجر الأسود، فاستخرجه إبراهيم ووضعه في موضعه الذي هو فيه حاليا وجعل له بابين بابا إلى المشرق وبابا إلى المغرب.
وأخذ المؤمنون برسالة إبراهيم وإسماعيل ومن خلفهما من الأنبياء يحجون إلى الكعبة سنويا، واستمر الأمر على هذا المنوال حتى انتشرت الوثنية بين العرب أيام سيد مكة "عمرو بن لحي الخزاعي "، الذي يعتبر أول من أدخل عبادة الأصنام إلى شبه الجزيرة العربية، وغير دين الناس الحنيفي ، وقام العرب مع مرور الزمن بنصب الأصنام والأوثان الممثلة لآلهتهم حول الكعبة، وأخذت بعض قبائل مكة تتاجر بها، فسمحت لأي قبيلة أو جماعة أخرى بغض النظر عن دينها أو آلهتها أن تحج إلى البيت العتيق ، استمر بعض الأحناف والمسيحيون يحجون إلى الكعبة بعد انتشار الوثنية.
وبعد بعثة محمد بتسع سنوات أو عشر، فرض الحج على من آمن بدعوته ورسالته، وذلك في سورة آل عمران ، حيث لم يحج المسلمون إلى مكة قبل عام 631، أي سنة فتحها على يد رسول الاسلام سيدنا محمد، الذي دمر كافة الأصنام والأوثان، وطاف بالكعبة هو ومن معه وأدوا كافة المناسك الأخرى التي استقرت منذ ذلك الحين على هذا النحو.
وزيارة قبر الرسول في المدينة المنورة والوقوف عنده والدعاء من المستحبات المؤكدة خلال رحلة الحج والعمرة ، ومما ورد عن استحباب زيارة قبر النبي والأئمة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "من أتى مكة حاجا ولم يزرني جفوته يوم القيامة، ومن أتاني زائرا وجبت له شفاعتي، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة، ومن مات في أحد الحرمين مكة والمدينة لم يعرض ولم يحاسب، ومن مات مهاجر إلى الله عز وجل حشر يوم القيامة مع أصحاب بدر".