الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

30 يونيو.. حتى لا ننسى (4)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى اليوم الثانى لتولى مرسى زمام الحكم صرح للإعلام بأنه يتأنى فى اختيار رئيس الوزراء، لأنه يبحث عن شخصية توافقية، وحين ذهب حمدين صباحى لزيارته وتهنئته كتبت الصحف والمواقع ونشطاء التواصل الاجتماعى أنه المرشح الأول لتولى المنصب، ونفس الشىء تكرر مع محمد البرادعى وأيمن نور وعبدالمنعم أبوالفتوح وظل البعض يطرحون أسماء أخرى كمحمد العريان وعلى السلمى وحازم الببلاوى، فالجميع يعرفون استحالة استمرار حكومه الجنزورى، فلا بد للرئيس الجديد من وزارة جديدة تنفذ له مشروع النهضة المزعوم وتحقق خلال مائة يوم ما وعد به الرئيس من حل أربع مشكلات كبرى، ولكن بعد عدة أيام فوجئ الجميع باختيار الدكتور هشام قنديل وزير الرى ليكون رئيسًا للوزراء، وقد أصيب الرأى العام بحالة من الذهول والدهشة، فلم يكن هذا الاسم مطروحًا أو متوقعًا، وكان الشعب يطمح فى اختيار شخصية قوية ذات ثقل سياسي، وهذا ما قاله مرسى بلسانه، فهل تم اختيار قنديل بقرار من مرسى أم بقرار من الجماعة، والثابت أنه فى يوم السبت 21 يوليو وقبل الإعلان عن اسم قنديل بيوم واحد اجتمعت الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة وتناولت الصحف الخبر مؤكدة أن الاجتماع كان للتشاورحول الأسماء المرشحة للوزارة الجديدة، وكان قنديل يعمل مديرًا لمكتب وزير الرى قبل أن يختاره عصام شرف وزيرًا للرى فى أول حكومة تشكل بعد 25 يناير، وقد شهد قصر الاتحادية فى الأيام الأولى لحكم مرسى لقاءات بينه وبين لفيف من الشخصيات الدبلوماسية، كان أبرزها لقاءه مع السفير القطرى سيف بن مقدم والسفير التركى حسين عونى والسفيرة الأمريكية آن باترسون، وكانت هذه اللقاءات تتم بتنسيق من عصام الحداد الذى شغل منصب مساعد الرئيس للشئون الخارجية، وذلك دون علم وزير الخارجية أو الجهات الأمنية التى يجب إبلاغها بمثل هذه اللقاءات للتحضير لها ووضع التقارير اللازمة أمام الرئيس قبل أن يتم اللقاء، وكان اللواء مراد موافى مدير المخابرات العامة آنذاك قد نبه مرسى إلى ضرورة أن تتم هذه اللقاءات بتنسيق مع الجهات الأمنية وفى حضور وزير الخارجية، ولكن بات من الواضح للجميع أن مرسى يريد الانفراد بالحكم وإقصاء كل الأجهزة المعاونة له، وفى الثانى من أغسطس ٢٠١٢ أعلن عن تشكيل الوزارة الجديدة والتى ضمت سبعة وزراء من المنتمين تنظيميًا إلى التيارات الإسلامية، وستة ممن يميلون إلى هذه التيارات، وكان الإعلان عن الأسماء بمثابة صدمة جديدة للرأى العام الذى تلقى الصدمة الأولى عند اختيار شخص رئيس الوزراء، وأثناء تكليفه لقنديل بتشكيل الوزارة وعد مرسى بأن الوزارة الجديدة ستكون من التكنوقراط فإذ بها تضم عناصر من الإخوان تنقصهم الخبرة الإدارية والمهنية التى تؤهلهم لتولى الحقائب التى أسندت إليهم كصلاح عبدالمقصود الذى عين وزيرًا للإعلام وأسامة ياسين الذى أصبح وزيرًا للشباب، ومصطفى السيد مسعد الذى صار وزيرًا للتعليم، كما تم اختيار المستشار أحمد مكى، وزيرًا للعدل، لدعمه وقربه من جماعة الإخوان وتأييده لها، ومن باب المجاملة أسندت وزارة الشئون القانونية والمجالس النيابية للدكتور محمد محسوب، والذى ينتمى إلى حزب الوسط الخارج من عباءة الإخوان، وعقب الإعلان عن هذه الوزارة بدأ الجميع يتهامس عن أخونة الدولة، ذلك المصطلح الذى ظهر عشية تأدية أعضاء هذه الوزارة اليمين القانونية، وقد بات واضحًا أن مرسى لا كلمة له ولا عهد، وأن كل وعوده كاذبة تماما كوعود جماعته التى أعلنت عن عدم خوضها الانتخابات البرلمانية على أكثر من ثلث المقاعد فإذ بهم يفعلون عكس ما وعدوا، ثم أعلن المرشد بنفسه بأن الجماعة لا تنوى الدفع بمرشح فى الانتخابات الرئاسية فإذ بهم للمرة الثانية يفعلون عكس ما وعدوا، وها هو ذا مرسى يسير على نفس الدرب، مما جعل اليأس يتسرب سريعا الى نفوس الناس، فالتحديات تتصاعد والأزمات تتوالى وشوارع القاهرة والمدن الرئيسية تتراكم بها القمامة، ومنظومة الأمن غائبة وحوادث الخطف وسرقة السيارات تزداد كل يوم، وأزمة الطاقة تؤدى إلى انقطاع التيار الكهربائى بشكل مستمر، والمصانع تغلق أبوابها ومحتويات الثلاجات فى السوبر ماركت تتحلل، وأطفال الحضانات يموتون بينما مرسى يخرج للإعلام ليقول بالحرف الواحد «لازم نستحمل،إخوانا فى غزة مش لاقيين كهربا، شوية لينا وشوية ليهم»، وهكذا بدأ مرسى فى فقد مبرر وجوده خلال أيام قليلة من حكمه وبأسرع مما يتوقع الجميع، وحين اجتمع بالوزارة الجديدة واستمع لحقيقة الوضع استشعر الخطر الذى يحيط بنظامه وراح يسأل عن الحل، فأجابه ممتاز السعيد وزير المالية، بأن الحكومة السابقة كانت قد توصلت إلى اتفاق مع البنك الدولى ولكن برلمان الإخوان رفض هذا الاتفاق باعتباره من الربا، وكانت المفاجأة حين طلب مرسى سرعة معاودة الاتصال بالبنك الدولى مرة أخرى لإتمام الاتفاق الذى كان قد توصل إليه الجنزورى، وطلب مرسى من المشير طنطاوى أن يطالعه على ميزانية الجيش فوافق الرجل على الفور، وأحضر له اللواء محمود نصر المسئول عن الشئون المالية بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذى عرض عليه بأمانة تامة وبكل صدق ميزانية الجيش، وفهم مرسى كيف أن الجيش منذ 2011 قد ضخ أموالًا طائلة من ميزانيته فى قطاعات عديدة لكى تظل الدولة المصرية واقفة على قدميها، فأثنى مرسى على الجيش ورجاله وامتدحهم، وفى اليوم التالى حضر اللواء مراد موافى إلى الرئاسة وأبلغ مرسى بأن لديه معلومات مؤكدة عن هجوم إرهابى محتمل يستهدف وحدات عسكرية فى سيناء، فصمت مرسى ولم يحرك ساكنًا وكان من المفترض أن يبلغ المشير طنطاوى بهذا الأمر فورًا، لكنه لم يفعل ذلك وآثر الصمت، وكثيرة هى المواقف التى تثبت أن عاما من الضباب عشناه فى ظل حكم تلك الجماعة وكادت مصر تسقط فى هوة الحرب الأهلية خاصة بعد الإعلان الدستورى الذى حصن قرارات مرسى وبعد حادث الاتحادية ولولا الشعب الأبى والجيش العظيم ما استردت الدولة المصرية عافيتها.