الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

منظومة الصحة بحاجة إلى قانون للتدريب الطبي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحسب لمجلس النواب الحالى أنه قد أصدر اثنين من القوانين المنظمة للعمل داخل منظومة الصحة المصرية، هما قانونا التأمين الصحى الشامل، وتعديل القانون الخاص بمدة الدراسة فى كليات الطب من ٦ سنوات وسنة تدريب إلزامى (امتياز)، إلى ٥ سنوات وسنتين للتدريب الإلزامي. 
وينقصنا قانون آخر فى غاية الأهمية وهو قانون ينظم التدريب الإكلينكى (السريري) للأطباء، لكى تكتمل المنظومة من جميع أوجهها، وهى التعليم الطبى والتدريب الإكلينكى والعمل فى ظل تأمين صحى شامل.
وإذا كانت دورة حياة الطبيب ومساره المهنى تبدأ من كليات الطب، وتنتهى فى مكان عمله فى منظومة التأمين الصحى الشامل، قد تمت دراستها ومناقشتها والاتفاق عليها من قبل الأطباء أنفسهم، ثم من قبل اللجان المختصة فى مجلس النواب، فإن الدائرة الثالثة، والتى لا تقل أهمية عن دائرتى التعليم الطبى والممارسة الطبية، وأعنى بها التدريب الإكلينكى الطبى مازالت فى انتظار صدور قانون ينظم مدة التدريب، وأماكن التدريب، ومسمى الدرجة المهنية، وطريقة التقييم والامتحانات، والمتابعة والتدريب المهنى المستمر. 
وأود أن أشير هنا إلى أن الوضع الحالى للتدريب فى مصر يعانى من العديد من المشاكل أهمها، وجود عدة أنظمة مختلفة تمامًا عن بعضها البعض فى تدريب الأطباء. فأطباء المستشفيات الجامعية يتدربون فى مستشفيات جامعية بنظام الماجستير والدكتوراه، وأطباء وزارة الصحة، يعانون فى ايجاد فرص للتدريب داخل الجامعات، أو داخل وزارة الصحة بنظام الزمالة والبورد، وهناك أيضًا نظام ثالث خاص بالمستشفيات العسكرية. 
وهذا الاختلاف كثيرًا ما يسبب حيرة وإرباكًا ليس فقط للأطباء فى مصر، ولكن أيضًا للجهات الخارجية عندما تريد الاستفسار عن نوعية التدريب التى تلقاها الطبيب المصرى عند تقدمه للعمل فى أى دولة أخري.
ولقد شاركت فى عدة اجتماعات، لوضع قواعد عامة لتدريب الأطباء فى نقابة الأطباء المصرية، وفى لجنة القطاع الطبى بالمجلس الأعلى للجامعات على مدار الأربع سنوات الماضية، وأخيرًا فى اجتماع مشترك عقدته لجنتا التعليم والصحة بمجلس النواب يوم الأربعاء الموافق ١٠ يوليو ٢٠١٩ لمناقشة نفس الموضوع والاقتراح المقدم من النائب الدكتور مكرم رضوان عضو المجلس، والذى شارك فيه الدكتور حسين خالد رئيس لجنة القطاع الطبي، الدكتور عادل العدوى أمين اللجنة، الدكتور حسام عبدالغفار أمين المجلس الأعلى المستشفيات الجامعية، الدكتور حسين خيرى نقيب الأطباء، الدكتور ياسر سليمان رئيس الهيئة المصرية للتدريب الإلزامي، وأعضاء لجنتى التعليم والصحة المهتمين بالموضوع خاصة الدكتورة إيناس عبدالحليم والدكتور مجدى مرشد.
وقد سعدت باللقاء فى مجلس النواب بكوكبة عظيمة من الشخصيات المرموقة المهتمة بالتعليم والتدريب الطبي، وقمت بعرض وجهة نظرى والتى تشمل نقاط محددة لمسارات تدريب الأطباء، وطرقًا ثابتة لآلية التنفيذ، وإجراءات فنية وقانونية يجب اتخاذها للتنفيذ وهي:
أولًا: مسارات التدريب
المسارات التى يسلكها الأطباء للتدريب على المهارات اللازمة لممارسة مهنة الطب بعد استكمال الخمس سنوات للتعليم الطبى فى كليات الطب، وسنتى الامتياز فى المستشفيات الجامعية ومستشفيات وزارة الصحة، وأداء الامتحان الموحد والحصول على رخصة مزاولة المهنة، تشمل ثلاثة مسارات محددة وهي:
المسار الأول: 
التدريب للحصول على رخصة إخصائى فى الطب الإكينكى (الباطنة والجراحة والنساء والأطفال وباقى التخصصات)؛
ويلزم قضاء خمس سنوات فى برنامج تدريبى فى مستشفيات معتمدة فى الجامعات ووزارة الصحة، وتحت إشراف مدربين معتمدين من جهة واحدة. ويؤدى جميع الأطباء امتحانًا واحدًا بمسمى واحد وتحت إشراف هيئة مصرية وحيدة. ويجب أن يتحرك جميع الأطباء، لفترات محددة لاكتساب خبرات تدريبية فى المستشفيات الجامعية ومستشفيات وزارة الصحة.
المسار الثاني: 
التدريب للحصول على رخصة ممارس عام؛ ويلزم لذلك التدريب لمدة أربع سنوات (سنتان فى المستشفيات وسنتان فى وحدات الرعاية الأولية). وينتهى بالحصول على شهادة معتمدة للعمل كممارس عام فى منظومة التأمين الصحي.
المسار الثالث:
المعيدون الذين تعينهم الجامعات فى الأقسام العلمية للتخصصات الأساسية فى كليات الطب مثل التشريح والفسيولوجى وغيرها. وهؤلاء ينطبق عليهم قانون تنظيم الجامعات رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٢، ويستمر نظام تدريبهم وتأهيلهم بالماجستير والدكتوراه كما هو حادث حاليًا وبدون تغيير.
ثانيًا: آلية التنفيذ
١- إنشاء هيئة مستقلة تابعة لمجلس الوزراء (وغير تابعة للجامعات أو لوزارة الصحة)، تكون وظيفتها وضع القواعد المنظمة لتدريب الأطباء ونظام الامتحانات، وتسجيل الأطباء، ومتابعة تدريبهم المهني، وإعادة تقييم أدائهم على فترات محددة، تحت مسمى المجلس الطبى المصري، (على غرار المجلس الطبى البريطاني). 
ويفضل أن يحل مسمى (المجلس الطبى المصري) محل الهيئة المصرية للتدريب الإلزامي، وهو المسمى الحالى، والذى لايوجد له مثيل فى العالم.
٢- إنشاء المجلس العلمى للتخصصات الطبية، وهو مجلس علمى لكل تخصص تابع للمجلس الطبى المصري، ويتم تشكيله من خبراء فى التخصص من الجامعات ووزارة الصحة، وتكون مهمته وضع المناهج وضوابط التدريب والامتحانات. هذا المجلس العلمى يشبه الكليات الملكية فى إنجلترا أو المجالس العلمية المتخصصة السعودية.
ثالثًا: الإجراءات التشريعية الضرورية لبدء التنفيذ
١- يلزم تغيير النص القانونى فى قانون تنظيم الجامعات رقم ٤٧ لسنة ٧٢، لكى تحل شهادة البورد (أو الزمالة) المصرية محل الماجستير عند التعيين فى وظيفة معيد بالأقسام الإكلينكية بالجامعات المصرية.
٢- تعديل قواعد تعيين أعضاء هيئة التدريس فى الأقسام الإكلينكية لكى تنص على أن التعيين فى وظيفة مدرس يستلزم الحصول على شهادة البورد (الزمالة) المصرية ودرجة الدكتوراه المصرية (PhD/ MD) أو ما يعادلهما. وبذلك ينتهى العمل بدرجة الماجستير فى التخصصات الإكلينكية.
٣- أن يكون الحصول على البورد أو (الزمالة) شرطًا للترخيص لمزاولة المهنة كإخصائى أو استشارى فى التخصصات الإكلينكية فى وزارة الصحة أو لممارسة المهنة كطبيب حر.
وأخيرًا، أرجو أن تكون الخطة المذكورة واضحة المعالم، وأن تكون بداية جديدة لقانون التدريب الطبى للأطباء، وأن تساهم فى إحداث التكامل المنشود بين وزارتى الصحة والتعليم العالى لتدريب الأطباء، وأن تساعد الأطباء المصريين على الانسجام مع القوانين المنظمة للعمل عند سفرهم إلى الخارج والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.