الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

أستاذ خط كوفي يفتح النار على أعمال الترميم بجامع السلطان حسن.. صلاح عبدالخالق: أخطاء جسيمة في كتابة الآيات القرآنية بالمسجد.. أطالب الوزارة بالاهتمام بالآثار الإسلامية

الفنان صلاح عبدالخالق
الفنان صلاح عبدالخالق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مضت ستة أعوام حتى الوقت الراهن، وما زالت الأخطاء التى تلاحق كتابات مسجد السلطان حسن قائمة دون تصحيحها، ولم يتحرك أحد من قبل الجهات المعنية لحل هذه الأزمة، فالتهاون بآيات الله القرآنية والعبث بها يعد جريمة كبيرة يعاقب عليها كل من تسول له نفسه محوها، الأزمة تكمن عندما اكتشف الفنان صلاح عبدالخالق، أستاذ الخط الكوفى، وسكرتير عام الجمعية المصرية للخط العربي، بعض الأخطاء الملاحقة للآيات القرآنية بالمسجد فى زيارته للمسجد فى فبراير 2013.

وقدم عبدالخالق مذكرة موضحًا فيها الأخطاء الناتجة عن عملية الترميم فى ذلك الوقت للجهات المعنية لتصحيح هذه الأخطاء، التى وعد المسئولون بحل هذه المشكلة آنذاك، وفى زيارته للمسجد مرة أخرى فى شهر رمضان 2019، وأيضا خلال أيام عدة قليلة، تفاجأ بالأخطاء نفسها موجودة كما هى دون إجراء أى عملية تصحيح لها، الأمر الذى دفعه فى البحث عن كيفية إصلاح هذه الأخطاء، فلا يمكن لأحد أن يعبث فى آيات الله القرآنية دون وعي، مناشدًا كل الجهات المعنية بالتدخل لحل هذه الأزمة.

التقت «البوابة» الفنان صلاح عبدالخالق، أستاذ متخصص فى الخط الكوفى، للحديث عن مشكلة بعض الأخطاء فى الآيات القرآنية بالمسجد.


كيف تم اكتشاف أخطاء ترميم بعض الآيات القرآنية بمسجد السلطان حسن؟

- اكتشفت الأخطاء عندما كنت أقوم بتصوير كتابات مسجد السلطان حسن على الطبيعة فى ٢٢ فبراير ٢٠١٣، بعد استصدار إذن كتابى للسيد مدير منطقة آثار مسجد السلطان حسن والرفاعى، المهندس جمال محمد مصطفى فوافق على الفور وسبب التصوير على الطبيعة هو عمل «مشق للخط الكوفى المملوكي» الموجود داخل مسجد السلطان حسن، لتكون وسيلة تعليمية لهذا النوع الفريد من الخط غير المتوفر حاليًا فى مصر وفى وطننا العربي، علما بأن المتوفر حاليًا من الخطوط الكوفية لدينا كمعلمين خط الكوفى هو الخط الكوفى المصحفى والفاطمى والخط الكوفى القيرواني، حيث قام المهندس جمال محمد مصطفي، مدير منطقة آثار الرفاعى والسلطان حسن، بتذليل كل العقبات أمامى والدفع برجال من الآثار لمساعدتى فى عملية التصوير، بالإضافة إلى تأمينى داخل المسجد.

وأثناء عملية التصوير اكتشفت خطأين فى الضلع الرابع من كتابات المسجد، وبعد انتهاء التصوير قمت بعملية مونتاج اكتشفت خلالها خمسة أخطاء أخرى واضحة وفادحة، يلاحظها كل من يدقق فى هذه الحروف، يرجع بعض هذه الأخطاء إلى المرممين، وذلك لعدم خبرتهم بالخط العربي، وبعضها من عوامل الجو، التى أدت إلى تكسير هذه الحروف ولم تقم وزارة الآثار بترميمها علما بأن آخر ترميم قامت بها الآثار داخل مسجد السلطان حسن كانت فى السبعينيات حسب ما قيل لى من العاملين بالمسجد، وتنحسر الأخطاء فى الخمس آيات الأولى من سورة الفتح، يقول الله فى كتابة الكريم «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا(١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا(٢) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا(٣) هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا(٤) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا(٥) صدق الله العظيم ورسوله الكريم.

ففى نهاية الآية الثانية يقول الحق سبحانه وتعالي: «ويهديك صراطًا مستقيمًا» الخطأ فى كلمة صراطًا «الطاء» مكتوبة «كاف» وصراطًا متصلة «بمستقيمًا» ولا يوجد بينهما فاصل كما هو موضح بالصورة رقم «١»، والخطأ الثانى فى الآية الرابعة «ولله جنود السموات والأرض» لفظ الجلالة مكتوب على جدران المسجد «كما هو موضح بالصورة رقم ٢، والخطأ الثالث فى نهاية الآية الرابعة «وكان الله عليمًا حكيمًا» كلمة عليمًا حرف «الميم» مكتوب «هاء» كما هو موضح بالصورة رقم ٣، والخطأ الرابع فى الآية الخامسة فى قوله تعالى «ليدخل المؤمنين والمؤمنات» كلمة المؤمنين حرف «اللام» غير موجود نهائيًا كما هو موضح بالصورة رقم ٤، والخطأ الخامس فى صدق الله العظيم ورسوله الكريم حرف «الراء» فى كلمة «رسوله» مكسور وهذا خطأ لعوامل التعرية كما هو موضح بالصورة رقم ٥، أما الخطأ السادس فى كلمة «الكريم» الميم مكتوبة «واو» كما هو موضح بالصورة رقم ٦.

وفى نفس يوم التصوير وعند اكتشافى للخطأ الأول فى الضلع الرابع قمت باستدعاء مسئول الآثار المقيم داخل المسجد وقمت بإبلاغه عن الخطأ الأول نظريًا وعمليًا، واقتنع بما شرحته له وأكد لى أنه سوف يتحدث مع المسئولين فى ذلك وحملته وقتها المسئولية الشرعية تجاه هذا الخطأ لأنه فى كلام الله «القرآن الكريم»، وبعد اكتشافى لباقى الأخطاء الخمسة قمت بعرضها على مسئول آثار منطقة الرفاعى والسلطان حسن وأكدت له أننى مستعد لتعديل هذه الأخطاء وكتابتها بحجمها الطبيعى على الورق وتسليمها للآثار لتنفيذها على جدران المسجد. وأكدت له على سرعة معالجة هذه الأخطاء، لأنها تمس القرآن الكريم، ووجه مسئولو الآثار على مبادرتى وأكد لى أنه سوف يتعامل مع هذه الأخطاء للقضاء عليها.

هل هناك قصور فى الجهات المعنية فى التهاون بالآثار الإسلامية؟

- بالفعل هناك تقصير شديد والتهاون بالآثار الإسلامية عامة، هناك العديد منها متهالك فى مصر من بينها «سبيل أم عباس» الذى يعد تحفة معمارية، أعد كتاباته عبدالله بك الزهدى أحد الخطاطين الأتراك الذى كتب آيات الحرم المكى والنبوى بأمر من الحكومة العثمانية فى ذلك الوقت، وكذلك فى ظل أسرة محمد على باشا، حتى أصبح هذا السبيل مرتعًا للقمامة وهذا لا يليق بآثارنا الإسلامية، إضافة إلى مبنى أثرى آخر يقع خلف مسجد الفتح برمسيس مع بداية شارع الجمهورية يزينه مجموعة من كتابات الآيات القرآنية، والشواهد، ويعد هذا المكان أيضا تحفة معمارية تتجاهله وزارة الآثار، إلى جانب عدة مبان أخرى فى شارع أمير الجيوش، والمعز، وغيرها، مهملة تماما، مشيرا إلى مسجد السيدة نفسية عندما أجرى له عملية التوسيع تم ترميم كتابات الآيات القرآنية التى تعرضت إلى عملية التآكل والتعرية أصبحت مشوهة تماما وكذلك فى الجزء الذى تم إضافته للمسجد به إهمال غير عادي، يتعامل المقاول المنفذ لعملية الترميم مع هذا الأمر دون وعى بقيمة ما يعمل به، ولا يهتم إلا بالعائد المادى المقابل لهذه العملية متجاهلا الضرر الذى سيحدث مع هذه الأخطاء الجسيمة والتى يتجاهلها دون وعى أو علم بها، فهذا الأمر يحتاج إلى المتخصصين فى هذا الشأن لتفادى هذه الأخطاء، فلابد من نسب هذه الكتابات لمتخصصين، لقد تقدمنا بشكوى للأزهر الشريف وعلى الفور تم تشكيل لجنة لمراجعة هذه الأخطاء ومن المدهش أنها مراجعة إملائية وليست كتابيه، ومن بين المساجد التى يحاوطها الإهمال وهو مسجد أحمد بن طولون، الذى يحتوى على كتابات سورة البقرة كاملة بالخط الكوفى والتى لا توجد إلا بمصر، حتى أصبح مهملا بطريقة سيئة، مطالبا بالتحقيق فى كل هذه الأمور.

ماذا عن مقابلتك وزير الأوقاف الحالى نحو هذه المشكلة؟

- لقد طرحت هذه المشكلة على الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف الحالي، فى مؤتمر الاحتفال باليوم العالمى للغة العربية بجامعة الدول العربية فى ١٨ ديسمبر ٢٠١٨، فعلق قائلا: «إن مسجد السلطان حسن يتبع وزارة الآثار، ولكن نحن مجرد مقيمى شعائر فقط». وحتى الآن لا تتم أى عملية تواصل بين وزيرى الأوقاف الحالي، والسابق، ووزارة الآثار بخصوص هذه المشكلة، ما زالت المشكلة قائمة حتى الوقت الراهن.

لماذا لا تتحرك وزارة الآثار إلى الآن لحل هذه المشكلة ؟

- من وجهة نظرى تقع هذه الأخطاء على مسئولية الوزارتين- الآثار من الناحية الأثرية والترميم، والأوقاف لعدم متابعتها الجيدة لما هو مكتوب على جدران المسجد طيلة عمر وتاريخ هذا المسجد، مؤكدا أن وزارة الآثار لا تهتم بالآثار الإسلامية، ولكن تعطى نصيب الأسد الأكبر إلى الآثار الفرعونية فقط، وتعطى كل طاقاتها إلى ترميم الآثار الفرعونية بداية من الأقصر، وأسوان، وغيرها، ولكن لم ينظر أحد إلى الآثار الإسلامية بشكل نهائى والعديد منها منهوب ومتهالك والبعض يسكنه الورش مثلما يوجد فى منطقة المعز، أمير الجيوش، والجمهورية، باب الخلق، وغيرها.

متى كانت آخر عملية ترميم لمسجد السلطان حسن؟

- آخر عملية ترميم خضع لها المسجد فى ١٩١٥، ولم يتم أى عملية ترميم له إطلاقا، والدليل على ذلك أن الجزء الخارجى فى ساحة المسجد، تجد كلمات «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» و«صدق الله العظيم» قد تآكلت تماما، وذلك بسبب عوامل الجو والتعرية، أعتقد أن هذه الأخطاء ظهرت منذ آخر عملية ترميم للمسجد حسب قولهم، فالمسجد خضع إلى الترميم المعمارى وليس الفني، كما أن توصيات بعض الأبحاث التى قدمتها عن دراسة أخطاء عملية الترميم، تنص على أن تعليم المرممين فنون الخط العربى وأنواعه وأشكاله مجانا، حتى يستطيع المرمم ترميم أى آثر إسلامى دون أى أخطاء.

ما هى الرسالة التى توجهها لحل هذه الأزمة؟

- الاهتمام بالآثار الإسلامية لا يقل قيمة عن الآثار الفرعونية، مصر بها آثار إسلامية تعادل أضعاف القيمة الفرعونية، أرجو الاهتمام وخاصة المكتوب بها آيات قرآنية، وإعداد حصر لها وترميمها لتحسين مستواها الفني، مناشدًا بكتابة هذه الأخطاء بنفس حجمها الطبيعى دون أى مقابل وقوفًا بجانب المرمم لحين الانتهاء من الترميم دون أى مقابل حفاظا على آيات الله.