السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا تقدمت الجامعات المصرية في التصنيفات الدولية لعام 2019؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلنت وزارة التعليم العالى والبحث العلمى عن تقدم ملحوظ للجامعات المصرية فى التصنيف الدولى للجامعات، حيث أعلنت ثلاث مؤسسات تقييمها فى نهاية شهر يونيو وتشمل تقييم QS البريطانى (والذى يشمل ترتيب أفضل 1000 جامعة فى العالم من حوالى 30 ألف جامعة ومعهد عال فى 238 دولة)، وتقييم شنغهاى الصينى وهو الأقدم والأكثر موضوعية، وتقييم تايمز لترتيب مؤسسات التعليم العالى الإنجليزي. 
ومع سعادتنا الغامرة بهذا التقدم المستحق، ومع إيماننا بأن الجامعات المصرية تستحق أكثر من ذلك، وأن التعليم الجامعى المصرى بخير، إلا أننا يجب أن نتساءل بأسلوب علمى وبتقييم موضوعى عن السر وراء تقدم الجامعات المصرية فى السنوات الأخيرة؟
وللإجابة عن هذا التساؤل لابد أن نتعرف على الخطوات التى اتخذتها الجامعات المصرية لتحسين ترتيبها بين الجامعات الدولية، وكذلك على التغييرات التى أدخلتها جهات التصنيف على منهجية إجراء التقييم لمؤسسات التعليم العالي.
ومنذ الظهور الأول لترتيب الجامعات بواسطة جامعة شنغهاى جيو تونج الصينية فى سنة ٢٠٠٣، والذى أظهر تفوق الجامعات فى الدول الناطقة باللغة الإنجليزية خاصة الجامعات الأمريكية والبريطانية، وبالرغم من أن المعايير التى تم القياس عليها كانت معايير شفافة وموضوعية، وتشمل حصول خريجي الجامعة أو العاملين بها على الجوائز الكبري، وكذلك النشر الدولى فى كبريات الدوريات العالمية خاصة دوريتى العلوم والطبيعة ومعدل الاستشهاد بالأبحاث المنشورة، وكذلك المردود المادى للأبحاث وبراءات الاختراع التى ينتجها أعضاء هيئة التدريس فى الجامعة، إلا أنها كانت مخيبة للآمال فى دول كثيرة، ومنها دول متقدمة جدًا فى التعليم العالى والبحث العلمى مثل اليابان وألمانيا وفرنسا، وفى مصر أيضًا، كان هناك شعور بالغيرة وإحساس بالإهانة، خاصة أن أيًا من جامعاتنا العريقة لم تدخل ضمن أحسن ٥٠٠ جامعة فى العالم، وبدأت جامعاتنا التخطيط لتوفيق أوضاعها وتنفيذ المطلوب للدخول فى السباق واللحاق بترتيب الجامعات الـ٥٠٠ الأولى فى الترتيب العالمي. 
ولقد نجحت جامعة القاهرة فى الدخول فى نادى الـ٥٠٠ الكبار منذ عدة سنوات، ومازال ترتيبها يتحسن عامًا بعد عام، ولكن ذلك لم يكن كافيًا، وكان لزامًا على باقى الجامعات المصرية أن تقبل التحدي، وأن تتخذ ما يلزم من إجراءات لتحسين ترتيبها بالتنسيق والتعاون مع وزارة التعليم العالى المصرية، وقد قامت الجامعات باتخاذ الخطوات التالية؛
أولًا: الاهتمام بالمواقع الإلكترونية للجامعات والكليات باعتبارها البوابة التى يرانا العالم من خلالها. واستعانت الجامعات فى ذلك بمراكز التقنية وتكنولوجيا المعلومات وخبراء الشبكات التفاعلية وطرق الاتصالات.
ثانيًا: الاهتمام بالمواقع الإلكترونية الخاصة بالسادة أعضاء هيئة التدريس، والاهتمام بالنشاط البحثى والخدمى ومساهماتهم فى المؤتمرات الداخلية والخارجية وذكر الجوائز التى حصلوا عليها والهيئات العلمية التى يشاركون فيها.
ثالثًا: الاهتمام بالنشر الدولى للسادة أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، وخاصة فى الدوريات العالمية ذات عوامل التأثير العالية مثل دوريات العلوم والحياة، ورصد مكافآت للنشر العلمى وتخصيص موارد مالية لذلك.
رابعًا: تشجيع المبتعثين المصريين، وكذلك المنتدبون والمعارون إلى الجامعات الأجنبية بضرورة ذكر اسم الجامعات المصرية فى الأبحاث التى يشاركون فيها.
خامسًا: إقامة شراكة بحثية مع الجامعات الدولية المرموقة، والاستعانة بالخبرات المصرية العاملة فى تلك الجامعات لإجراء أبحاث مشتركة. وكان لجامعة المنصورة السبق فى التواصل مع الطيور المهاجرة من خريجى الجامعة فى معظم دول العالم.
وقد نجحت الإجراءات الخمسة السابقة فى تحسين ترتيب الجامعات الكبرى المصرية، خاصة جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية والمنصورة وأسيوط فى الترتيب الدولي. ولكن ذلك لم يكن كافيًا، ولم يرض غرور باقى الجامعات المصرية الحديثة، والتى انتظرت طويلًا حتى غيرت مراكز التقييم ذاتها القواعد التى وضعتها، والتى كانت غير منصفة فى غير قليل من الأحيان، وتعرضت بسببها هذه الهيئات للنقد اللاذع من معظم الجامعات ومراكز الأبحاث فى كل دول العالم لعدة أسباب أهمها:
أ- هل من العدل أن تقارن جامعة مثل جامعة إكسفورد وكامبردج والتى أنشأتا فى القرن الثانى عشر الميلادي، وكذلك الجامعات الأمريكية العريقة، مع جامعات عمرها أقل من خمسين سنة؟ 
ب- هل من العدل أن تقارن الجامعات كوحدة واحدة تشمل عدة مجالات بحثية وخدمية منها المجال الطبى والهندسى والتكنولوجى والعلوم الإنسانية، دون التفرقة بين هذه التخصصات العامة والتخصصات الدقيقة؟
ج- هل من العدل أن تقارن بين جامعات تنشر إنتاجها باللغة الإنجليزية، وأخرى تنشر بلغات أخرى كالعربية والفرنسية والألمانية والصينية، وغيرها من اللغات الأخرى التى لا تصل إلى القائمين على التقييم؟
د- هل من العدل أن تقارن جامعات بحثية مهمتها الأولى البحث العلمى مع جامعات أخرى مهمتها خدمية بالمقام الأول، على نتاج البحث العلمى وتضع معظم نقاط التفاضل على ذلك فقط؟
وقد استجابت المؤسسات القائمة على إجراء التقييم، خاصة مؤسسة شنغهاى ومؤسسة التايمز وقامتا بإدخال تعديلات جوهرية على قواعد التقييم ساعدت كثيرًا فى تقدم ترتيب الجامعات المصرية وهي؛
١- وضع تقييم للجامعات الناشئة (التى لم يمر عليها ٥٠ سنة) فى جدول مستقل. 
وعند تفعيل هذا الإجراء جاءت جامعة المنصورة ضمن المائة الأولى عالميًا (بالتحديد رقم ٩٦)، والعام الماضى أضيفت ثلاث جامعات أخرى هى بنى سويف وكفر الشيخ وقناة السويس، وهذا العام وصل العدد إلى ١٢ جامعة شملت جامعات (بنى سويف، وكفر الشيخ، والمنصورة، وقناة السويس) فى الترتيب 151ـ 200، وجامعتى سوهاج وطنطا فى الترتيب 201ـ250، وجامعة الفيوم فى الترتيب 251ـ300، وجامعات (حلوان، والمنوفية، والمنيا، وجنوب الوادى، والزقازيق) ضمن ترتيب الجامعات ابتداء من 301.
٢- تقسيم الجامعات إلى عدة قطاعات تخصصية منها التخصص العام (ككليات الصحة مثلًا)، ومنها التخصصات الدقيقة (مثل الطب الإكلينيكي).
وكان لهذا الإجراء تأثير واضح ومنصف فى تقييم كليات محددة فى مجالات بعينها، ولذلك جاءت كليات الطب البشرى فى المنصورة والقاهرة وقناة السويس وعين شمس ضمن أحسن ٥٠٠ كلية فى مجال الطب الإكلينيكي. وكذلك حققت جامعات أخرى تفوقًا نوعيًا فى مجالات بعينها مثل جامعة عين شمس والإسكندرية والجامعة البريطانية فى الهندسة والتكنولوجيا وجامعة بنى سويف فى علوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء وجامعة القاهرة فى العلوم الإنسانية والآداب والفنون.
وبعد هذا العرض والأداء المتميز للجامعات المصرية، فيجب أن نشير هنا إلى المجهود الوفير والتخطيط العلمى الذى نهجته وزارة التعليم العالى والبحث العلمي، والمجلس الأعلى الجامعات المصرية، ولجان القطاعات التخصصية لتحسين ترتيب الجامعات المصرية فى التصنيف الدولي. خاصة لجنة مساعدة الجامعات المشكلة برئاسة نائب الوزير بقرار من المجلس الأعلى للجامعات فى عام 2017، والتى نجحت فى عقد عدة ورش عمل متخصصة داخل الجامعات والأكاديمية الطبية العسكرية بالتعاون مع بنك المعرفة المصرى، والتى كان لى شرف المشاركة فى بعضها.
مع أطيب تمنياتنا للجامعات ومراكز الأبحاث المصرية بالتقدم والازدهار لتحقيق التنمية المستدامة لمصرنا الحبيبة.