السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

النقيب مصطفى عثمان.. ترك ابنه الأول ولم يكمل عامًا.. وقبل أن يرى طفله القادم

النقيب مصطفى عثمان
النقيب مصطفى عثمان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تمر معركة على الإرهاب إلا وتقدم محافظة أسيوط شهيدا جديدا من أبنائها البواسل من القوات المسلحة والشرطة، فمنذ لحظة اندلاع الثورة، تعزف المحافظة قصصا بطولية لهم لم ينسها التاريخ، وتعيش فى ذاكرة من تركوهم من زوجاتهم وأمهاتهم، وأبنائهم وأصدقائهم.
آخر الشهداء الذين قدمتهم المحافظة، الشهيد النقيب مصطفى عثمان خلال تصديه للإرهاب فى العريش شمال سيناء.
البطل «مصطفى عثمان» من الطلبة المتفوقين منذ بداية دراسته وخلال عمله، كان محبا للجميع ومساعدا لهم فى كل المواقف الحياتية، استشهد وترك طفله الصغير «محمد» لم يكمل عامه الأول وترك طفلا آخر، كان ينتظر معرفة نوعه».
لم يمكنه الإرهاب الغاشم من أن يرى ابنه الصغير يكبر والآخر الذى لم يولد حتى الآن، ولكن رغم قسوة الحدث فإنه أصبح اسما يردده الجميع، وخرجت زوجته تتحدث بكل فخر لنيل زوجها الشهادة.
فقالت ميادة أحمد، زوجة الشهيد البطل: «فخورة بيك يا حبيبى أنى بقيت أما لأولاد شايلين اسمك، فخورة أنى بقيت حرم الشهيد النقيب مصطفي محمد عثمان، اسم هفتخر بيه طول عمري، وهفضل أحكى عنك للناس كلها، وعن إنجازاتك وعن رجولتك وحبك للناس. ربنا يبارك لك، فى ابنك محمد والطفل الجاى بإذن الله، حتشوفهم زى ما كنت عايز تشوفهم، ربنا يقدرنى وأحقق لك كل اللى كان نفسك فيه، طلبتها ونولتها فى الجنة ونعيمها يا حبيبي، أستودعك الله الذى لا تضيع ودائعه».
وقدمت أيضًا محافظة أسيوط الشهيد البطل الرائد محمد صلاح فى ملحمة تاريخية ضد الإرهاب الغاشم فى السابع من يوليو ٢٠١٧ بمنطقة البرث بشمال سيناء، وهاجم فيها ١٥٠ تكفيريا، واستشهد بالكمين مع ٢٦ بطلا مصريا، وقتل ٤٠ تكفيريا فى عملية «حق الشهيد».
تقول الحاجة زينب محمد والدة الشهيد، ودموعها لم تجف بعد عامين من استشهاده «أخفى عنى عمله بسيناء عشان مخافش عليه وفهمنى إنه فى الإسماعيلية».
وتكمل «ابنى كان متميزا فى كل شيء، هادي، منظم، طيب، ومتواضع جدا، وكان دائما يؤجل الزواج لحبه وانشغاله الدائم بعمله، ووعدنى أنه عقب انتهاء عمله وعودته من الإسماعيلية هيفكر جديا فى الزواج وملحقش، نور عينى راح بعده».
وتضيف والدة الشهيد، «صحابه فاكرينه دايما زيى لأنه ميتنسيش، زارنى أحد أصدقائه القدامى فى العمل، وقال لى «محمد جالى فى الحلم ثلاث مرات وطلب منى أجيلك وأقولك «أمانة عليكى يا أمى متعيطيش»».
وتتحدث والدة الشهيد «ابنى عايش معاى فى كل لحظة وكل نفس بتنفسه، ودايما فى حجرته بنفس ترتيبها من آخر مرة كان فيها، كان خلال أجازته لا يخرج منها، يكتفى بمشاهدة التلفاز، أو القراءة فى المصحف، كان كتوما جدا حول عمله».
وتواصل والدة الشهيد البطل: «عرفت لأول مرة من قائده أنه التحق للعمل فى سيناء منذ مارس ٢٠١٥، وأنه كان مصمما على البقاء هناك ليثأر لزملائه الشهداء السابقين، وحكى أحد زملائه لوالدته حول واقعة للحرب على الإرهاب كان يشارك فيها البطل، خلال المداهمات كان يتقدم ابنى الشهيد العساكر والضباط، وما بين جبلين بادر إرهابيون بإطلاق الرصاص، فأصيب عسكرى واستشهد، ولمعرفة ابنى البطل جغرافيا المكان، حدد الإحداثيات وأبلغ العمليات، وتم ضربهم وماتوا جميعا، وفجر الجمعة ٧ - ٧- ٢٠١٧م، استشهد الرائد محمد صلاح عقب أن جاء أمر للكتيبة للذهاب للبرث، وكل بطل منهم اتخذ موقعه، وعقب معركة استمرت لساعتين، تواجدوا داخل بيت آل راشد الذى قتله الإرهابيون هو وأهله لتعاونه مع الجيش، فتمركزت القوة للتطهير، وأثناء تواجدهم فجرا فى الطابق الثاني، ظهرت سيارة عن بعد، وتم التعامل، وأرسل الشهيد استغاثة للعمليات، وبدأ البطل الضرب على بعد ٥٠٠ متر، وبدأت العمليات الضرب على بعد ١٠٠ متر قبل الكمين المجاور للمنزل، وبعد وقف الضرب، رفض الشهيد محمد صلاح وقف ضرب النار خوفا من أن يأخذ الإرهابيون جثث زملائه التى سقطت واستمر التبادل.
وآخر جملة للشهيد «اضرب إحداثيات الكمين يا افندم طالعين على السلم»، فرد قائد العمليات «أضرب ازاى وانت موجود فيه؟»، فقال له: «اضرب يا افندم معظم زمايلنا استشهدوا مش هقبل ياخدو جثثهم. وأثناء حديثه سقط شهيدا بطلقة ١٤ بوصة ولفظ الشهادة.
وقدمت قرية العقال القبلى شهيدا فى حادث الهجوم الغاشم على كتيبة بالفرافرة بتاريخ ١٩ - ٧ - ٢٠١٤، وهو الشهيد إلهامى عياد ليسجل قصة جديدة فى تاريخ التضحية ضد الإرهاب، وهنا لم تكن التضحية جديدة على هذا المنزل الذى اعتاد على التضحية فهو ابن أحد أبطال أكتوبر ٧٣، عياد حبيب رزق الله، ويقول والد الشهيد: «كان ابنى متفوقا فى دراسته، والتحق بكلية الحقوق، وعقبها التحق بالجيش بسلاح حرس الحدود».
ويكمل «آخر زيارة له وجد شقيقته تبكى أمام التلفاز لمشاهدتها أحد الشهداء وأهله يتحدثون عنه، فقال لها «متفكريش كتير إن شاء الله قريب هتبكى على أنا، أنا هموت شهيد»، ويكمل والد الشهيد «ابنى طلبها ونالها، فكل مؤشرات حديثه توضح ذلك، آخر مكالمة له سلم علينا كلنا، وكانت والدته خارج المنزل، واتكلم عن يومه فى رمضان واللمة وتجهيزهم للفطار وأغلق كلامه لي: «سلام يا غالي»، لم يكن معتادا أن ينادينى بهذه الكلمة.
وحكى والد الشهيد ما حدث نقلا عن زميل الشهيد: «بدأ الضرب حوالى الساعة الثالثة فجرا، واستمر لساعتين ونصف، إلهامى كان آخر من استشهد من الموجودين «هو فدانى أنا» فكان هناك ساتر أمام مخزن الذخيرة، وظللنا نضرب ونقاتل فأصبت بطلقات فخرجت عن الساتر، وأحد الإرهابيين خرج لضربى ونفذت ذخيرتى فجأة، وخرج إلهامى الشهيد من الساتر الخاص به وأصاب الإرهابي، فجاء إرهابى آخر انقض على وأنا مصاب فخرج إلهامى يدافع عنى فاستشهد».
وينهى والد الشهيد الحديث بأغرب ما حدث، «كان إلهامى دائما يقول: أنا فداء مصر وفداء السيسي»، فتمر الأيام ويجد الرئيس السيسى شقيق الشهيد يبكي، فيقول له السيسى «يا ريتنى كنت أنا شهيد».
وبتاريخ أكتوبر ٢٠١٦، انضم شهيد جديد لشهداء مصر لمحاربتهم للإرهاب، وهو الشهيد البطل جندى إبراهيم عبداللطيف محمد قبل زفافه بشهرين فقط، ابن قرية الهدايا بمركز أسيوط فى معركة أبو طويلة بالشيخ زويد بشمال سيناء.
وتبدأ والدته الحديث، استقبلته بالزغاريد تنفيذا لوصيته التى أوصانى بها، فكان يتحدث معى قبل استشهاده بشهرين «أمى أمانة عليكى لو استشهدت وجيتلك ملفوف فى علم مصر تزغرطيلى ومتبكيش».
وتكمل وصيته «منحتنى قوة لتحمل الخبر الذى دمر قلبى وغرس الألم بداخلي»، تقول والدة الشهيد «ابنى كان حافظا للقرآن، وطموحا، وطيلة عمره يصلى كافة الأوقات فى موعدها».
وتكمل «كان يحلم أن يصبح ضابط طيار، وقدم فى الكلية الحربية واجتاز الاختبارات، ولكن المصروفات كانت أعلى من قدراتنا، فلم يخبرنا حتى لا يجرح مشاعرنا والتحق بكلية الشريعة والقانون، ولم نعرف مصروفاته كام، فكان يعمل ليلا بالمدينة الصناعية لتوفير مصروفاته ويذهب لجامعته صباحا».
وتواصل: «كل حاجة كانت فى ابنى حلوة، طيبته، حنيته، جدعنته»، تسرد أمه آخر مكالمة له «يوم الاستشهاد اتصل بى أكثر من مرة، وقال لى «أوعى يا أمى أجيلك شهيد، ومتزغرتيش، واوعى تنكسرى قدام الناس لا أكون خصيمك أمام الله» وكلم خطيبته وإخوته وأوصاهم بى أنا وأبيه.
شعرت أنه «مش جاى تانى»، كانت كل تصرفاته وكلامه يدل على أنه «مش جاى» أكثر دعوة ليه فى رمضان «اللهم نولنى الشهادة».
ويوم استشهاده ودفنته نفذت وصيته وزغرتله وهو نازل القبر.
ومن شهداء أسيوط العقيد أحمد الدرديرى، بطل من أبطال مصر الذين حاربوا ضد الإرهاب، وهو سليل عائلة مناضلة، وجده الأكبر الشيخ أحمد العياط أحد زعماء ثورة بنى عدى فى المقاومة الشعبية ضد الفرنسيين.
استشهد فى يوليو عام ٢٠١٥ فى سيناء، تقول والدته آخر مكالمة له اتصل بى وسألنى «نمتى يا أمي»، قلت له: «لا، أنا مستنية الفجر أصليه»، وارتبكت وقلت له: «متصل ليه دلوقتى فى الوقت دا يا ولدى»، رد «عشان أصحيكى تصلى الفجر وتدعى لي»، وتحدث لكل إخوته فى نفس اليوم، وفى ختام اليوم اتصل صديق له بوالده يبلغه خبر استشهاده، فسقطت على الأرض مغشيا علىّ.
وعقب استيفاقى قلت «ازاي، هو مش ف سيناء» أتاريه كان مخبى على.
كان يتمنى الشهادة ومنحها الله له، الحمد لله «ترك ابنه مكانه دلوقتي»، وقالت شقيقة الشهيد «قبل شهرين اتصل بى وقال هاتى ورقة وقلم واكتبى العنوان دا ومتعرفيش حد بيه إلا لو لقيتو الاتصال بى انقطع، وأخبرها أنه بالشيخ زويد، واتصل صباح يوم استشهاده فقلقت، فقال بسلم عليكم «فبقوله مش هنشوفك فى العيد، قال لأ وأنا عايز طلب منكم تدعولى بالشهادة، وأنا ذهلت، ففى التاسعة صباحا جاء خبر استشهاده.
وكانت وصية الشهيد «لو مت ادفنونى فى مقابر الشهداء، وأن يحفظ ابنى عمر القرآن، وتاخدو بالكم من زوجتى وابنى».