سلوم حداد.. عندما تشيخ الذئاب

سلوم حداد، والذي تحل ذكرى ميلاده غدا الخميس 20 يونيو، فنان اشتهر بأعماله التاريخية التي جسد من خلالها دور "الزير سالم" بطل الأسطورة العربية "حرب الباسوس"، وقد ساعده في ذلك تمتعه ببنية جسمية مناسبة، وبراعة في نطق اللغة العربية، مع اطلاعه الواسع على الأدب والتراث، جعله محبًا لمثل تلك الأعمال ومخلصا لها.

دوره في "عندما تشيخ الذئاب" كان ملفتا للانتباه وحاز رضا الجمهور، فالرواية تناقش أوضاع واقعية عاشها الشام في فترة الثمانينيات، وهي تعكس حياة شخصيات متعددة تتمايز في تركيبتها الإنسانية والاجتماعية والدينية، ومن خلال دوره كشف "حداد" عن البُنى الذهنية الدينية المقيدة لثقافة المجتمع، والتي تتصف بعدم اعترافها بعقلية الآخر ولا تواكب التطور الإنساني والمجتمعي الذي تشهده الحياة، ولكن الذهنية الفكرية والاجتماعية والدينية غير المواكبة ما زالت هي من ترسم حياة المجتمعات دون انتباه لاختياراتها الخاصة.

يبدأ المسلسل بتناول حياة أهل حارة الشياح، وتبدو الأمور عادية جدا، لكنه سرعان ما تتكشف حقائق الشخصيات التي تصارع الحياة التي تكبت أحلامهم، ويكتشف المشاهد أن لكل شخصية تاريخ قديم وماض يسيطر على سير الأحداث، وكيف انقلبت الشخصيات على مبادئها وكيف تحولت مصائرها، حيث تشعر الشخصيات في جموعها بالهزيمة، فاليساري دخل المعتقل وأرشد على زملائه وخرج مطرودا من حزبه ومغضوب عليه من الحكومة فنجده يعيش حالة من الانهزامية التي تسحق ذاته فلا يحس به أحد.

أما رجل الدين فهو قد أدرك حالة الانهزامية التي لحقت به إبان الصدام المسلح مع الدولة، لذلك قرر أن يبدأ اللعبة من جديد أن يتسلق ويخلق علاقات بديلة ويصبح له دور مؤثر في الحياة السياسية، في الوقت ذاته يتمتع بالفساد والمكر والحيلة، وشره الجنس، فنحن نجده يتعلق بكل أنثى جميلة في الحارة ويصنع المستحيل حتى يصل إليها، ويترك خلفه نسخة جديدة منه تحاول تحقيق طموحات الشيخ عبد الجليل السابقة، فهو صنيعته في الفساد والعنف والمكر أيضا.