الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أنوبيس في حفل "الأمم الأفريقية".. أثريون: رمز التجدد والشباب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعتبر الإله أنوبيس، إله الموتى والدفن والتحنيط، من أهم المجسمات والتماثيل التي عثر عليها في المقابر الملكية، حيث جاءت صوره في رسومات جدران المقابر التي توضح دوره في يوم الحساب، وقد رسم شكله الفراعنة جسد إنسان ورأس حيوان "ابن آوى"، تنطقه الهيروغليفية بالاسم "أنبو"، ويُعرف أيضًا بـ "سخم إم بت"، وجدت صلوات لأنوبيس منحوتة في المقابر القديمة جدًا في مصر، وقد انتقلت عبادته تدريجيًا منذ عهد الأسرة الخامسة إِلى الإِله أوزيريس، الذي احتلت عبادته أعظم منزلة في الديانة المصرية القديمة، ووقع الاختيار عليه ليكون أيقونة حفل افتتاح كأس الأمم الأفريقية 2019.
"البوابة نيوز" تستعرض آراء الأثريين والمتخصصين في اختيار تمثال "أنوبيس" كي يظهر في مدخل ملعب استاد القاهرة الدولي أثناء حفل افتتاح بطولة كأس الأمم الأفريقية.
أكد الدكتور جلال أبو بكر أستاذ الآثار والحضارة المصرية بكلية الآداب جامعة المنيا أن اختيار الإله " أنوبيس" كشعار لكأس الأمم الإفريقية هو اختيار موفق جدًا، لأن النصوص المصرية القديمة المتعلقة بالإله أنوبيس تقول " إن تحنيط الجسد فيه حياة للإنسان"، ومن هذا المنطلق نستطيع القول إن المصري القديم عندما كان يقوم باختيار الحيوانات كرموز بالنسبة لمصر القديمة ومعناها للمصري، فهي ليست للعبادة وإنما كرموز فقط، وأن العبادة الفعلية كانت للإله الواحد والتي أخذت أشكالًا عديدة حتى جاء اخناتون والذي جسده في صورة أتون "قرص الشمس". 
وقال أبو بكر، إن الإله "أنوبيس" كان رسالة الدكتوراه الخاصة به والتي مكث عليها طوال تسع سنوات، حيث يعتبر الإله "أنوبيس" رمزًا للتجدد والشباب، والذي أخذ شكل الحيوان "ابن أوى" والموجود بمناطق الجبانات ومناطق الدفن كحارس لها، ويكون رمزًا للتحنيط وإله الدفن وإله الموتى وأن ما حدث وفقًا للأسطورة الأوزورية "أيزيس وأوزوريس" هو أن أنوبيس هو من قام بتحنيط جسد أوزوريس، ومن ثم أصبح رمزًا للتحنيط عند المصري القديم، وحيث إن الكاهن الذي يقوم بعملية التحنيط كان يقوم بارتداء قناع أنوبيس، هو رمز التحنيط ورمز الدفن، ورمز للحياة الأخرى، ولهذا تعددت أشكالها.
وأضاف أن الإله أنوبيس تعددت أدواره حيث يكون مرشدًا للموتى في العالم الآخر وكمحنط للموتى وأيضًا في أثناء عملية المحاكمة، في دور القاضي وباعتباره إله الدفن، كما بدأ من بداية العصور المصرية القديمة واستمر حتى العصور الرومانية اليونانية وكان يقوم بدوره بداخل غرف التحنيط وعمليات دفن الموتى، كما أقيمت له العديد من المعابد ومن أشهرها معبد أنوبيس بأسيوط، وله معابد في أماكن أخرى، وهناك العديد من النصوص المصرية القديمة ذكرت أنوبيس بأنه هو مرشد الموتى للعالم الآخر". 
وأشار أبو بكر إلى النصوص المصرية القديمة والتي كانت ترى أن عملية التحنيط هي عملية تجدد الجسد في حياة الإنسان، ومن هنا ارتبط موضوع التحنيط بالبعث والحياة والتجدد في العالم الآخر، وأنه ارتبط أيضًا بنضارة الشباب وربما يكون الاختيار في محلة لأنه ارتبط بالنشاط والحياة والتجدد، والرياضة، وإعادة النضارة والشباب للإنسان، وستظل الحضارة المصرية القديمة هي النبراس الذي نهتدي إليه، والتي تأخذ كافة المقومات الخاصة بالحضارة على مر العصور. 
وعن اختيار الإله أنوبيس أيقونة لبطولة كأس الأمم الأفريقية تقول الدكتورة مونيكا حنا أستاذ الآثار المصرية: أنوبيس هو إله التحنيط وحارس الجبانة بشكل أكبر من أنه إله الموتى، وإله الموتى الرئيسي هو أوزوريس ويُرسم أو يُنحت على شكل مومياء، والمتوفى يُنحت على شكله.
وأضافت مونيكا حنا في تدوينه لها على موقع التواصل الاجتماعي ردًا على التساؤلات حول أنوبيس بقولها: اختيار أنوبيس كتميمة أو أيقونة لكأس الأمم الأفريقية ليس أمرًا سيئًا، لأنه يتم رسمه صغيرًا في السن، وحتى في العصر اليوناني الروماني كان يُرسم بعضلات مفتولة مثل الموجود في مقبرة كوم الشُقافة في الاسكندرية؛ كما يرى اليونانيون أنوبيس قريب للإله Hermes إله الرياضيين في اليونان، كما صمم اليونانيون تماثيل شبيهة للإلهين.
وواصلت حنا: الحضارة المصرية القديمة ليست حضارة مغلقة على نفسها أو ومحنطة، وإنما هي متطورة بتطور الزمان ويتم استلهامها في الفنون حسب مقتضيات كل عصر.
من جانبه قال علي أبو دشيش خبير الآثار المصرية "أنوبيس" هو رب التحنيط أو ربة الجبانة وكان دائما يتمثل في جسد إنسان برأس حيوان ابن آوي بلون أسود. وكان أنوبيس رمز للحساب والميزان الرمزي الجنائزي المتمثل بصورة حيوان أسود اللون من فصيلة الذئاب أو ما يسمى ابن آوى في الحضارة المصرية الفرعونية.
وأضاف أبو دشيش: لُقّب "أنوبيس" بحامي القبور حيث كان يحمي مقابر الموتى من فوق الجبال غرب ضفاف نهر النيل في طيبة، حيث كان المصريون يدفنون موتاهم دائما في الغرب، ويقبع جيش "أنوبيس" أسفل رمال الصحراء. ويعرف أنوبيس في النصوص المصرية القديمة باسم "Inpw"، أى "الابن الملكى"، وكلمة "inp" تعني "يتعفن"، وهذا يوضح صلة المعبود "أنوبيس" بالجثث والأموات؛ تلك التي تتعفن إن لم تتحنط، وتعنى أيضا "ضم، ربط، لف؛ في لفافة"، وهو شأن المومياء الملفوفة في اللفائف الكتانية، والتي يقوم "أنوبيس" بحراستها.
وواصل: المعبود "أنوبيس" هو الابن الرابع للمعبود "رع"، وقد رأى المصريون في ابن آوى العدو اللدود لجثث الموتى، حيث يقوم بنبش القبور والعبث بالجثث، ولعل ذلك كان السبب وراء تقديسه كرب للموتى وحامي للجبانة، وذلك اتقاء شره. وقد حظي بهذه المكانة من العبادة والتقديس نظرًا للدور الذى لعبه في قصة "أوزير"، حيث قام "أنوبيس" بتحنيطه وإقامة الطقوس والشعائر له؛ وقد اكتسب اللون في هيئته من لون الجسد بعد تحنيطه.
وقد عُبد "أنوبيس" في "القيس" عاصمة الإقليم السابع عشر من أقاليم مصر العليا، والذي كان يعرف باسم "إنبـو"، وعرفه اليونانيون باسم "كينوبوليس"، أى: "مدينة الكلب". وتقع المدينة جنوب غرب "بنى مزار" بمحافظة المنيا، على الضفة الشرقية لبحر يوسف.
ويُشير أبو دشيش إلى أن المعبود "أنوبيس" لعب أدوارا بالغة الأهمية في "محكمة الموتى"، حيث اعتبر هو المسئول عن وزن قلب المتوفى في قاعة المحكمة، إذ يقوم باستقبال المتوفي في قاعة "أوزير". ويصور عادة أسفل الميزان واقفًا أو راكعًا. وكذلك لعب دورا رئيسا في عملية التحنيط، والذي يُعد أهم أدواره، إذ يقوم بعملية تطهير الجثة ودهنها وتحنيطها، ثم لفها في اللفائف الكتانية، وارتبط بعملية التحنيط من خلال دوره في تحنيط المعبود "أوزير" في أسطورة "أوزير".