الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

عزت قرني.. التأصيل لفكر وطني شامل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن عدم وجود فكر تأصيلي وطني شامل مؤسس متسق وعميق يمكن أن يكون محور حياة الاجتماع والسياسة والاقتصاد والتعليم يؤدى بصورة ضرورية إلى انعدام فلسفة مصرية خاصة، هكذا يرى الفيلسوف الدكتور عزت قرني، الذي دائما ما يؤكد أن الغرب يخدعنا منذ الثورة الفرنسية، فنحن منذ قرنين أو أكثر مضوا في محاولة للبحث عن طريق للخروج من كهوف القرون الوسطى، وبدلا من أن نذهب قدما للأمام، مشينا في طريق خطأ.
من هذا المنطلق المهموم بقضايا المجتمع المصري تحديدا ينطلق الفيلسوف الراحل - الذي لقى مصرعه إثر حادث أليم، عصر اليوم الاثنين، عن عمر ناهز الـ 79 عامًا- إلى تقديم العديد من الاجتهادات المعرفية في مجال الفلسفة، فقد آمن بدوره كمثقف يريد تغيير المجتمع، حيث نقل إلى اللغة العربية عدد من محاورات أفلاطون اليونانية عن خلود النفس، وفي التقوى، وفي الواجب، وفي الفضيلة، وفي الوجود، وفي العلم، كما أصدر عدد من المؤلفات التي تناقش قضايا الفلسفة الشائكة مثل أصول الأخلاق ونظرية الشر.
حصل الراحل على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون في فرنسا، وحصل على عدد من الجوائز منها جائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة عام 1975، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1976، كان عضوا بعدد من الجمعيات الهامة، الجمعية الفلسفية المصرية، الجمعية التاريخية المصرية، جمعية محبي الفنون الجميلة.
تطرق "قرني" إلى مسألة وضع فلسفة وطنية خاصة بمصر في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر"، حيث دور الفلسفة في ثبات المجتمع، وأن الافتقار إليها يسبب حالة من الاضطراب والتشتت والضياع، كما أكد على دور الفلسفة في توجيه كثير من العلوم والفنون مثل الآداب والموسيقى والفنون التشكيلية، فعندما تتجه الفلسفة ناحية الغرب نجد الفنون عامة تتشتت وتتجه ناحية الغرب.
كما اهتم بمسألة التطرف والإرهاب، فكان يرى أن الحل الأمثل لمكافحة التطرف يكمن في مواجهة الاتجاهات العدوانية المتمثلة في التعصب والتطرف والعنف والذي يتشكل في النهاية كإرهاب تروح ضحيته العشرات، وهي وفق رؤية الفيلسوف الراحل ظاهرة شديدة التنوع في جوانبها أهمها أنها ذات مواهب فردية عند الأفراد العدوانيين، وموارد اجتماعية حين ترفض فئات وجماعات التوافق مع المجتمع والسلطة من الأصل، وموارد فكرية أو تنظيرية للتوجه والتقعيد والحشد، ثم موارد بشرية ومالية ولوجستية واستخباراتية وغير ذلك.
ويشن الراحل هجوما كبيرا على الدول التي بدأت بتمويل الإرهاب، وذلك منذ عهد الاستعمار والحادثة الشهيرة في تمويل جماعة الإخوان من قبل فرنسا وبريطانيا بمبلغ 500 جنيها من شركة قناة السويس، وصولا إلى اليوم حيث دول تمويل الارهاب.
اقترح "قرني" تنظيف المدارس والجامعات من الكتب الصفراء التي لا تحوي علما ولا معرفة ولا فكر، محذرا من تعاطي تلك الكتب للأفكار التقليدية القديمة التي ترسخ لأفكار قديمة، لقد أخطأ من توهموا أن المشكلة الفكرية تقوم في الخطاب، وأن الخطر هو في الفكر الديني القديم منعدم الحس النقدي والحس التاريخي معا، فمن الضروري بناء فكر ديني جديد بمصطلح جديد علي أيدي مفكرين حقيقيين، من المدنيين أو من الأزهريين ويكونون على دراية بفقه يتلاءم مع فكر مصري أصيل.
وفي إطار إنشاء الفلسفة المصرية أصدر الراحل كتاب "أصول الأخلاق" حيث التأصيل للجانب الخلقي في الشعور والنشاط الإنسانيين، حيث يقترح نظامًا مكتملًا لشتى مفاهيم الأخلاق، التي مركزها الواجب والقاعدة والإلزام، بينما قدم في كتابه "نظرية الشر"، رؤيته التفصيلية للموضوع، حيث خصص من قبل كتابًا عن غايات الإنسان، وآخر تلاه عن فكرة الخير.