الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

«السوريين منورين» الثقافة المصرية والعربية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«السوريين منورين مصر».. تصدرت هذه العبارة مئات التدوينات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية، بعد هجوم على تواجد الأشقاء السوريين الكثيف فى مصر، بعد خروجهم من جحيم الأحداث الدامية التى تشهدها بلادهم منذ عام 2011، وهو الهجوم الذى لاقى طاقة كبيرة من الحب والتقدير الشعبى للتواجد السورى فى الشوارع المصرية. فلا يخفى على أحد الإثراء المجتمعى والفنى والثقافى الذى قدمته سوريا إلى العالم العربي، من الفنون والآداب إلى أبسط الأمور التى يعشقها الجميع خاصة المصريون.



وسط هجوم البعض على كثافة التواجد السورى فى مصر، والموجة الجارفة من الحب والترحيب التى قابلتها على مواقع التواصل الاجتماعى عبر هاشتاج «السوريين منورين مصر»، أشاد العديد من المثقفين والأدباء والنقاد المصريين بالأدب السورى وتاريخه المميز فى إثراء الثقافة العربية، خاصة خلال القرن المنصرم، فى الوقت الذى أبدوا فيه استياؤهم من الهجوم على التواجد السورى فى مصر.
هذا الهجوم لا يُعد سوى كونه نوعًا من «الفرقعة الإعلامية»، كما وصفها الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة السابق، والذى يؤكد أن الأمر لا يتعدى مجرد محامٍ قدم العديد من البلاغات «ولا يجب أن نلقى الضوء على مشكلة وهمية، فالسوريون متواجدون فى مصر منذ سنوات سواء قبل الحرب أو خلال السنوات الماضية، ولا أحد اقترب منهم ولا داعى لتفشى المشكلة أكثر من ذلك»، حسب قوله.

ويلات الحروب
يُشير الناقد الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إلى أن سوريا عانت خلافات سياسية كبيرة وعانت من الحروب «لكنها جعلت الدولة غنية بالمواد والأحداث الدسمة الصالحة للتناول فى مجال الكتابة الإبداعية». وتابع فى حديثه لـ«البوابة»: كما أنها من هذا الباب عامل مهم لغزارة الإنتاج الأدبي، ما جعل كتابنا وأدباءنا السوريين استفادوا من الحرب فى كتاباتهم، ولا يكاد أى عمل أدبى يخلو من ويلات الحرب وشرورها، وهذا أمرٌ مشروع، كون الكاتب أولًا وأخيرًا، ابن مجتمعه وصوت الإنسان الداخلي، بما يملك من أدوات لغوية وتعبيرية، تمكّنه من تجسيد هذا الصوت على شكل كلمات وخلق كيان يستشهد به لينقله للعالم، ودائما ينجذب القراء للكتاب الذين يتحدثون من قلب المحنة فهم صادقين أكثر.
ولفت الناقد الكبير إلى أن الأدب السورى له مكانه كبيرة لدى المصريين «فقديمًا وحديثًا مليء الأدب لديهم بأدب الحرب والهزائم والرثاء والخوف، ولم يستجد علينا جديد، فتكررت تلك الأزمات فى آخر عشر سنوات، فالحرب تموت وتنتهى مهما طالت، تبقى ندوبها فقط وأدبها الجيّد، وربّما تندثر الندوب مع أصحابها، ويبقى الأدب، أدب الحرب صورة رائعة للجرح والندبة معًا؛ ولا أنسى دوما سليم بركات، وخالد خليفة الذى لاقت أعماله إقبالا ممتازا فى أجزاء أخرى من العالم العربي، خصوصًا فى لبنان ومصر حيث أعيد نشرها، ولاقتْ ثناء دوليا كبيرا».

بناء الثقافة العربية
ووصف الشاعر الدكتور حسن طلب دور أدباء ومثقفى سوريا فى بناء الثقافة العربية المعاصرة بأنه «ريادى وبارز»، مؤكدًا أن الشعر السورى شارك فى تطوير القصيدة العربية المعاصرة إبان المد الرومانسى بعد حركة الإحياء فى النصف الأول من القرن العشرين.
وأضاف فى حديثه لـ«البوابة»: ولا أحد يمكنه أن يتجاهل فى هذا السياق بصمة شاعر رومانسى فى قامة عمر أبو ريشة، ثم حين بدأت ثورة الشعر الحديث على القصيدة العمودية التقليدية، كان الشاعر نزار قبانى من أهم رواد تلك الثورة، بل كان أوسعهم انتشارا وأكثرهم تأثيرا فى جذب جمهور الشعر لتذوق الشكل الشعرى الجديد، وتوالت بعده أجيال من الشعراء الكبار، فمن الشاعر على الجندى والشاعر سليمان العيسى إلى الشاعر والكاتب المسرحى ممدوح عدوان، إلى الشاعر عبدالقادر الحصنى الذى يقيم الآن فى بلده الثانى مصر.
ويشير «طلب» إلى أن ما قيل عن الشعر يمكن أن يقال عن الرواية وفنون السرد «فهناك أسماء تركت بصمتها على خريطة الرواية العربية المعاصرة؛ فمن يمكنه أن ينسى أسماء لامعة مثل: حنا مينا ونبيل سليمان وغيرهما؛ وكذلك الحال فى النقد الأدبى من سامى الكيالى إلى صدقى إسماعيل الذى كان له الفضل فى التعريف بآثار الشاعر الفرنسى رامبو، إلى نذير العظمة الشاعر والناقد الكبير؛ ثم إلى أحدث أجيال النقاد الأكاديميين ومنهم الدكتور وفيق سليطين، والدكتورة رشا عمران التى يتسع نشاطها على امتداد العالم العربى منتصرة على سائر المعوقات والظروف العصيبة التى يعيشها السوريون اليوم.
ويلفت «طلب» إلى أنه لا يقل أثر المفكرين السوريين على تشكيل الوعى العربى المعاصر عن زملائهم فى الأقطار العربية الأخرى، يقول: فهذا هو رائد الفكر القومى العربى ساطع الحصرى «أبو خلدون»، ومن بعده قسطنطين زريق صاحب كتاب «نحن والتاريخ»، الذى رآه أحمد بهاء الدين واحدا من أهم الكتب الفكرية العميقة الجديرة بالاهتمام؛ ثم الفيلسوف صادق جلال العظم صاحب الكتاب الرائد الشهير الذى كنا نتبادله فى شبابنا «نقد الفكر الدينى»، مع غيره من المؤلفات الفلسفية القيمة، ولا ينسى أحد المفكر السورى الذى رحل عن عالمنا الشهر الماضى الطيب تيزينى، ويمكن أن نضيف فى هذا السياق أعمال المفكر الدينى محمد شحرور، لا سيما فى قراءته المعاصرة للقرآن.

نشأة الصحافة
وقال الناقد الدكتور حسين حمودة: إن المثقفين والأدباء السوريين مؤثرون بشكل عام فى الأدب، وفى الحياة الثقافية والأدبية، ولهم دور مهم، ومنذ عام ٧٠، كان الأدباء والمثقفون لهم إسهام ودور كبير فى نشأة الصحافة فى البلدان العربية، وأيضا فى الفنون مجملا، وبخاصة مصر، كالمسرح والقصة القصيرة والمقالات، وذلك كان فى القرن التاسع عشر.
وتابع «حمودة»: حصل السوريون على جوائز عربية وأدبية متعددة، ومن أقرب الأمثلة فوز زكريا كامل بالجائزة الكبرى لملتقى القصة العربية القصيرة بالقاهرة، ثم أيضا فوز الكاتب السورى خالد خليفة، عن رواية «لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة» بجائزة نجيب محفوظ التى تقدمها الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وكانت أحداثها تدور عن مجتمع عاش بشكل متواز مع البطش والرغبات المقتولة، عبر سيرة عائلة اكتشفت أن كل أحلامها ماتت وتحولت إلى ركام، كما تحولت جثة الأم إلى خردة يجب التخلص منها ليستمر الآخرون فى العيش.

سوريا القديمة.. رجال صنعوا الحضارة ووثقوا للتاريخ
تعتبر سوريا من أقدم البلدان الحضارية فى العالم؛ حيث يُشير هورست كلينكل مدير معهد تاريخ وآثار الشرق الأدنى القديم فى كتابه «آثار سوريا القديمة»، والصادر عن منشورات وزارة الثقافة السورية عام ١٩٨٥، إلى أن البحوث الأثرية والتاريخية فى العقود الأخيرة قدمت الدليل تلو الآخر على عراقة سوريا وحضارتها، ولا سيما التى ازدهرت قبل الإسلام، معددًا الفترات والمراحل التاريخية التى مرت بها سوريا منذ العصر الحجري، مؤكدًا أنه ورد ذكر سوريا فى النصوص المسمارية الرافدية والنقوش الهيروغليفية المصرية لأول مرة فى الألف الثالث قبل الميلاد، أى خلال عصر البرونز القديم.
وأشار «كلينكل» فى كتابه إلى أن سوريا من أول البلدان التى بدأت بها بعثات التنقيب الأثري، ففى العام ١٩١١ بدأت بعثة ألمانية برئاسة البارون ماكس فون أوبنهايم أعمال التنقيب الأثرى فى تل حلف الجزيرة السورية، والتى أسفرت عن كشف آثار تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، إضافة إلى آثار قصر لأحد الملوك الآراميين، وكانت التماثيل والمنحوتات المكتشفة فى هذا القصر دليلًا ماديًا على المستوى الراقى، الذى وصلت إليه الفنون مطلع الألف الأول قبل الميلاد.
وباشرت بعثة أثرية فرنسية برئاسة عالم الآثار بيزارد عام ١٩٢١، أعمال التنقيب فى تل النبي، القريب من حمص، وأسفرت أعمالها عن كشف أجزاء من مدينة قادش، التى ورد ذكرها فى نصوص الألف الثانى قبل الميلاد كمسرح للمعركة الفاصلة بين الحيثيين وجيوش الملك رمسيس الثاني. كما أجرت بعثة أثرية، برئاسة دومينسيل دوبوبيسون، فى ١٩٢٤ تحريات أثرية فى تل المشرفة الواقع إلى الشمال الشرقى من حمص، والتى كانت تجرى عن مدينة قطنة التى ورد ذكرها فى نصوص الألف الثانى قبل الميلاد.
وأجرت بعثة تشيكوسلوفاكية بحوث أثرية فى تل رفعت الواقع على بعد ٣٥ كم شمال غرب حلب، وكانت من نتائج أعمالها الكشف عن آثار مملكة «أرباد» الآرامية، لكن تحريات البعثة الأثرية البريطانية التى استأنفت البحوث فى الموقع نفسه خلال الستينيات، كشفت أن الإنسان استقر فى تل رفعت منذ العصر النحاسي «الألف الخامس قبل الميلاد». كما عثرت بعثة أثرية فرنسية خلال أعمال التنقيب قرب حلب بين عامى ١٩٢٦ و١٩٢٧، على شواهد كتابية «مسمارية» ترجع إلى القرن السادس قبل الميلاد، وحقق عالم الآثار الفرنسى دومينسيل دوبويسون فى ١٩٣٠ اكتشافا أثريا فى تل خان شيخون الواقع على الطريق العام بين حماة ومعرة النعمان. ويؤكد مدير معهد تاريخ وآثار الشرق الأدنى القديم، أن مدينة حماة التى اشتهرت بمبانيها التاريخية، كان يقوم فى وسطها تل أثرى امتدت إليه معاول التنقيب فى الثلاثينيات، وقد تبين من البحوث التاريخية أن السُكان تعاقبوا على حماة عبر مختلف العصور القديمة حتى العصر الحجرى الحديث «الألف السادس قبل الميلاد»، كما اتضح من الدراسات المسحية أن حماة كانت عاصمة لمملكة آرامية لعبت دورًا مهمًا فى مطلع الألف الأول قبل الميلاد.
ورصد الكتاب العديد من المواقع الأثرية السورية، وكان على رأسها مدينة تدمر التى تتوسط الطريق الواصل بين الفرات وسواحل بلاد الشام التى تكثر على شواطئها الموانئ والبلدان، وكانت اللغة اليونانية دارجة نطقًا وكتابة فى تدمر، وتجلى ذلك فى التعريفة الجمركية التى نقشت بنودها على حجر عرضه ٥ أمتار محفوظ فى متحف ليننجراد، ويعود تاريخ هذه الوثيقة المهمة إلى سنة ١٣٧ بعد الميلاد.
ورغم ما تزخر به سوريا من مواقع أثرية قديمة- قبل الإسلام- أو مواقع أثرية إسلامية، مثل المسجد الأموى، إلا أن العديد من هذه المواقع شهد عمليات تدمير على نطاق واسع من قبل تنظيم «داعش» الإرهابى منذ بداية الأعمال العدوانية التى شهدتها العديد من المدن السورية. وكان فى مقدمة المعالم الآثرية التى تم تدميرها، مئذنة المسجد الأموى الذى يُعد من روائع الفن المعمارى الإسلامي، ومدرج فى لائحة التراث العالمى باليونسكو، وهو جامع بنى أمية الكبير، والذى يُعرف اختصارًا بالجامع الأموي، وهو المسجد الذى أمر الوليد بن عبدالملك بتشييده فى دمشق، ويُعد رابع أشهر المساجد الإسلامية بعد حرمى مكة والمدينة والمسجد الأقصى، كما يُعد واحدًا من أفخم المساجد الإسلامية.
وكان لمدينة تدمر نصيب كبير من أعمال التدمير والتخريب، وهى المدينة المدرجة على قائمة التراث العالمي، ودمر التنظيم الإرهابى أجزاء من أحد أشهر معالم المدينة الأثرية، وهو «التترابليون» بالإضافة إلى واجهة المسرح الرومانى الذى يعود للقرن الثانى الميلادي. ودمر التنظيم الإرهابى آثارًا أخرى فى المدينة بما فى ذلك قوس النصر الذى يبلغ عمره ١٨٠٠ عام، خلال احتلاله الأول للمدينة. ورغم ما شهدته المعالم الأثرية السورية من أعمال تدمير وتخريب على يد التنظيمات الإرهابية التى تُعادى الحضارة والمدنية وتقف لها بالمرصاد، إلا أن سوريا تظل رغم ذلك واحدة من أقدم بدان العالم حضاريًا، التى تضرب جذور مواقعها الآثرية فى أعماق التاريخ.

الفرق الشامية.. أسست لمرحلة متطورة بالمسرح المصرى

يلعب المسرح دورا كبيرا فى حياة الناس، ويساعد فى تشكيل فكرهم ووجدانهم، سعيا فى إيصال رسالته السامية لهم، حيث خرجت من عباءته أجيال كبيرة من الفنانين والمخرجين والكتاب أصبحوا أعلاما بارزة فى ذاكرة المسرح المصرى والعربي.


والمسرح كما هو معروف فى طابعه الغربى لم يعرفه المصريون إلا فى عهد الخديو إسماعيل، وقبل ذلك كانت هنا بوادر بسيطة أيام الحملة الفرنسية، عندما أقام الفرنسيون مسرحًا فى منطقة الأزبكية، وفكر إسماعيل فى أن يحيل مصر إلى قطعة من أوروبا، ويحسب له أنه صاحب النهضة الحديثة لمصر، وأصبح اهتمامه بالمسرح جزءا من كل الحركة النهضوية التى أرادها بمصر الحديثة.
وبدأ المسرح المصرى يتشكل، ونرى يعقوب صنوع عندما سافر إلى إيطاليا واطلع على المسرح الأوروبى هناك، فكر فى أن ينشئ مسرحًا بمصر، وكان أشبه فى تلك الفترة بمكان يجمع مجموعة من الناس فى مقهى ويقدم الفنون التى يتغذى عليها الإنسان المصرى والمقصود بها النواحى الشعبية أى المسرح الشعبي، بدأ يتجه إلى توظيف ظاهرة الارتجال فى مسرحه، وقدم أول عمل مسرحى بعنوان «الوطن والحرية».

وانتقل المسرح المصرى بعد «صنوع» إلى حقبة جديدة، ثبتت دعائم المسرح فى التربة المسرحية، وفى الربع الأخير من القرن التاسع عشر، قدم إلى مصر عدد من الفرق الشامية التى أقيمت بمدينة الإسكندرية، واعتمدت على المسرح الغنائي، فكانت الذائقة الأولى للمصريين فى تلك الحقبة هى المسرح الغنائي. وبدأت فرقة «أبو خليل القباني» ريادتها بمصر فى ١٨٨٤، كان أول من أسس مسرحا عربيا فى القرن التاسع عشر فى دمشق، حاملا معه عصر الازدهار للمسرح العربي، قدم أول مسرحيته بمصر وهى «أنس الجليس»، التى زادت من شهرته أكثر، إضافة إلى مجموعة أخرى من الأعمال المسرحية المتميزة داخل مصر وخارجها.

وانبثقت من فرقة أبو خليل القبانى فرقة «إسكندر فرح»، التى استعانت بمجموعة من الفنانين الشوام المقيمين بمصر، وأنشأ مسرحا فى شارع عبدالعزيز بالعتبة، وأصبح مكانه الآن سينما «أوليمبيا»؛ حيث افتتح هذا المسرح بالعرض المسرحى «عائدة»، وكان افتتاحا مؤقتا، وعرضت مسرحياته على مسرح حديقة الأزبكية، وهى «أبوالحسن المغفل»، «أبوالعلا»، «ملتقى الخليفتين»، «قوت القلوب»، وانتقل بعدها إلى مسرح كازينو بحلوان، وقدم مجموعة أعمال حضرها الخديو، منها «الرجاء بعد اليأس»، «محاسن الصدف»، «أبوالحسن المغفل».
فيما بدأ «سليمان القرداحي» فى تأسيس فرقته بمصر ١٨٨٢، خاض خلالها جولة إلى أقاليم مصر فى رحلة فنية طويلة، قدم من خلالها مجموعة من المسرحيات التى تميز بها وحققت نجاحا مثمرا، وأعطته الحكومة قطعة أرض بجوار شاطئ الإسكندرية فى منطقة هيئة البريد بالمنشية فى ١٨٩٤ ليقيم عليها مسرحا، وأطلق عليه «مسرح قرداحى»، وبدأت فرقته أول عرض وهو «أوتللو»، كما قدمت فرقة «سليم النقاش» مجموعة من الأعمال المسرحية العربية فى تياترو زيزينيا بالإسكندرية فى ١٨٧٦، وهو رائد المسرح العربى فى مصر.

وكوّن «جورج أبيض» فرقته الجديدة فى ١٩١٧، وضمت مجموعة من الفنانين، وهم عبدالرحمن رشدي، محمد عبدالقدوس، عمر وصفي، فؤاد سليم، دولت أبيض، حيث قدمت موسما مسرحيا ناجحا بدار الأوبرا، وشارك فى تأسيس معهد التمثيل الحكومى فى ١٩٣٠، وكان الأستاذ الأول لمادة التمثيل لمدة عامين، إضافة إلى دوره الريادى فى السينما حيث قدم أول فيلم غنائى مصرى بعنوان «أنشودة الفؤاد» فى ١٩٣٢، من تأليف لازار، وقصة وسيناريو وحوار خليل مطران، شارك فيه زكريا أحمد، جورج، نادرة، عبدالرحمن رشدي، ليان دارفيل، وغيرهم، وشغل هذا العمل حيزا من اهتمامات الفن السابع والحياة الغنائية والموسيقية، وغيرها من الفرق العربية والمصرية التى حملت على عاتقها عصر الازدهار والنهضة المسرحية بمصر. وكان من الطبيعى أن تستكمل رحلة المسرحى المصرى مع ثورة ١٩٥٢، ذلك الحدث السياسى الذى غير من طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية فى مصر، واستطاع الفنانون المصريون تقديم إبداعات جديدة فى شتى المجالات الفنية والثقافية وغيرها وتدخل على أبواب الستينيات التى كانت بمثابة أزهى فترات المسرح بمصر.