الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

«الشوام» أثروا الحركة الفنية والأدبية.. وأسهموا في نشأة المسرح والصحافة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وسط هجوم البعض على كثافة التواجد السورى فى مصر، والموجة الجارفة من الحب والترحيب التى قابلتها على مواقع التواصل الاجتماعى عبر هاشتاج «السوريين منورين مصر»، أشاد العديد من المثقفين والأدباء والنقاد المصريين بالأدب السورى وتاريخه المميز فى إثراء الثقافة العربية، خاصة خلال القرن المنصرم، فى الوقت الذى أبدوا فيه استياؤهم من الهجوم على التواجد السورى فى مصر.
هذا الهجوم لا يُعد سوى كونه نوعًا من «الفرقعة الإعلامية»، كما وصفها الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة السابق، والذى يؤكد أن الأمر لا يتعدى مجرد محامٍ قدم العديد من البلاغات «ولا يجب أن نلقى الضوء على مشكلة وهمية، فالسوريون متواجدون فى مصر منذ سنوات سواء قبل الحرب أو خلال السنوات الماضية، ولا أحد اقترب منهم ولا داعى لتفشى المشكلة أكثر من ذلك»، حسب قوله.
ويلات الحروب
يُشير الناقد الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إلى أن سوريا عانت خلافات سياسية كبيرة وعانت من الحروب «لكنها جعلت الدولة غنية بالمواد والأحداث الدسمة الصالحة للتناول فى مجال الكتابة الإبداعية». وتابع فى حديثه لـ«البوابة»: كما أنها من هذا الباب عامل مهم لغزارة الإنتاج الأدبي، ما جعل كتابنا وأدباءنا السوريين استفادوا من الحرب فى كتاباتهم، ولا يكاد أى عمل أدبى يخلو من ويلات الحرب وشرورها، وهذا أمرٌ مشروع، كون الكاتب أولًا وأخيرًا، ابن مجتمعه وصوت الإنسان الداخلي، بما يملك من أدوات لغوية وتعبيرية، تمكّنه من تجسيد هذا الصوت على شكل كلمات وخلق كيان يستشهد به لينقله للعالم، ودائما ينجذب القراء للكتاب الذين يتحدثون من قلب المحنة فهم صادقين أكثر.
ولفت الناقد الكبير إلى أن الأدب السورى له مكانه كبيرة لدى المصريين «فقديمًا وحديثًا مليء الأدب لديهم بأدب الحرب والهزائم والرثاء والخوف، ولم يستجد علينا جديد، فتكررت تلك الأزمات فى آخر عشر سنوات، فالحرب تموت وتنتهى مهما طالت، تبقى ندوبها فقط وأدبها الجيّد، وربّما تندثر الندوب مع أصحابها، ويبقى الأدب، أدب الحرب صورة رائعة للجرح والندبة معًا؛ ولا أنسى دوما سليم بركات، وخالد خليفة الذى لاقت أعماله إقبالا ممتازا فى أجزاء أخرى من العالم العربي، خصوصًا فى لبنان ومصر حيث أعيد نشرها، ولاقتْ ثناء دوليا كبيرا».
بناء الثقافة العربية
ووصف الشاعر الدكتور حسن طلب دور أدباء ومثقفى سوريا فى بناء الثقافة العربية المعاصرة بأنه «ريادى وبارز»، مؤكدًا أن الشعر السورى شارك فى تطوير القصيدة العربية المعاصرة إبان المد الرومانسى بعد حركة الإحياء فى النصف الأول من القرن العشرين.
وأضاف فى حديثه لـ«البوابة»: ولا أحد يمكنه أن يتجاهل فى هذا السياق بصمة شاعر رومانسى فى قامة عمر أبو ريشة، ثم حين بدأت ثورة الشعر الحديث على القصيدة العمودية التقليدية، كان الشاعر نزار قبانى من أهم رواد تلك الثورة، بل كان أوسعهم انتشارا وأكثرهم تأثيرا فى جذب جمهور الشعر لتذوق الشكل الشعرى الجديد، وتوالت بعده أجيال من الشعراء الكبار، فمن الشاعر على الجندى والشاعر سليمان العيسى إلى الشاعر والكاتب المسرحى ممدوح عدوان، إلى الشاعر عبدالقادر الحصنى الذى يقيم الآن فى بلده الثانى مصر.
ويشير «طلب» إلى أن ما قيل عن الشعر يمكن أن يقال عن الرواية وفنون السرد «فهناك أسماء تركت بصمتها على خريطة الرواية العربية المعاصرة؛ فمن يمكنه أن ينسى أسماء لامعة مثل: حنا مينا ونبيل سليمان وغيرهما؛ وكذلك الحال فى النقد الأدبى من سامى الكيالى إلى صدقى إسماعيل الذى كان له الفضل فى التعريف بآثار الشاعر الفرنسى رامبو، إلى نذير العظمة الشاعر والناقد الكبير؛ ثم إلى أحدث أجيال النقاد الأكاديميين ومنهم الدكتور وفيق سليطين، والدكتورة رشا عمران التى يتسع نشاطها على امتداد العالم العربى منتصرة على سائر المعوقات والظروف العصيبة التى يعيشها السوريون اليوم.
ويلفت «طلب» إلى أنه لا يقل أثر المفكرين السوريين على تشكيل الوعى العربى المعاصر عن زملائهم فى الأقطار العربية الأخرى، يقول: فهذا هو رائد الفكر القومى العربى ساطع الحصرى «أبو خلدون»، ومن بعده قسطنطين زريق صاحب كتاب «نحن والتاريخ»، الذى رآه أحمد بهاء الدين واحدا من أهم الكتب الفكرية العميقة الجديرة بالاهتمام؛ ثم الفيلسوف صادق جلال العظم صاحب الكتاب الرائد الشهير الذى كنا نتبادله فى شبابنا «نقد الفكر الدينى»، مع غيره من المؤلفات الفلسفية القيمة، ولا ينسى أحد المفكر السورى الذى رحل عن عالمنا الشهر الماضى الطيب تيزينى، ويمكن أن نضيف فى هذا السياق أعمال المفكر الدينى محمد شحرور، لا سيما فى قراءته المعاصرة للقرآن.
نشأة الصحافة
وقال الناقد الدكتور حسين حمودة: إن المثقفين والأدباء السوريين مؤثرون بشكل عام فى الأدب، وفى الحياة الثقافية والأدبية، ولهم دور مهم، ومنذ عام ٧٠، كان الأدباء والمثقفون لهم إسهام ودور كبير فى نشأة الصحافة فى البلدان العربية، وأيضا فى الفنون مجملا، وبخاصة مصر، كالمسرح والقصة القصيرة والمقالات، وذلك كان فى القرن التاسع عشر.
وتابع «حمودة»: حصل السوريون على جوائز عربية وأدبية متعددة، ومن أقرب الأمثلة فوز زكريا كامل بالجائزة الكبرى لملتقى القصة العربية القصيرة بالقاهرة، ثم أيضا فوز الكاتب السورى خالد خليفة، عن رواية «لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة» بجائزة نجيب محفوظ التى تقدمها الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وكانت أحداثها تدور عن مجتمع عاش بشكل متواز مع البطش والرغبات المقتولة، عبر سيرة عائلة اكتشفت أن كل أحلامها ماتت وتحولت إلى ركام، كما تحولت جثة الأم إلى خردة يجب التخلص منها ليستمر الآخرون فى العيش.