الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

"بائع التفاح": الحياة لا تقاس بالعمر ولكن بالخبرات

بائع التفاح
بائع التفاح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«ياما نفسى أعيش إنسان قلبه على كفه.. كل اللى بردانين فى كفوفه يتدفوا.. يضحك يضحك خلق الله.. يفرح يفرح كله معاه.. إنسان جواك وجوايا.. إنسان له حلم له غاية».. هكذا تغنى «عمار»، البالغ ١٩ عامًا، معبرا عن غربته عن أهله وأحبابه، وحرمانه من التعليم ليرسخ كل جهده نفسيًا وماديًا من أجلهم، وكرث ذهنه للقمة عيشه، واتخذ بضاعته رفيقًا له أينما ذهب.
يروى عمار قصته فهو آت من صعيد مصر إلى القاهرة، ليجوب الشوارع ببضاعته البسيطة وهى «التفاح بالعسل الملون»، ليستطيع جنى قوت يومه، وتوفير جزء بسيط منه ليرسله إلى أهله فى الصعيد لمعاونتهم على نزيف الأسعار: «دايما أسمع رزق القاهرة واسع عشان كدة اتغربت»، متحملًا عتمة أيام الغربة بمفرده، آملًا بسعيه وتعبه أن ينال ثمارها بوسعٍ كبيرٍ، فهو اعتاد أن يستيقظ وقت آذان الفجر ويتمم صلاته وأذكار الصباح، ثم يقف حسب جدوله أمام مكان محدد ليبيع للمارة.
ويرى أن مهنته رغم أنها بسيطة لكنها علمته الكثير فى مدرسة الدنيا، فيرى خبرته الدنيوية تفوق خبرة أصحاب الشهادات، لما يراه، ويسمعه، ويتوقعه، من وجوده فى الشوارع: «كل مكان وله ثقافته، فثقافة الشارع أصعب حاجة الواحد بيقابلها، خاصة واحد زى حلاتى مش وراه غير اللف ليبيع للناس»، مؤكدا أن ثقافة الشارع سلاح ذو حدين، لما وجده من صعوبات واجهها من إغواءات عديدة فى ربيع عمره، فوجد عروضا بمبالغ هائلة ليوزع القاتل «الاستروكس» على الشباب والأطفال، لكنه رفض رغم أنه فى أمس الحاجة إلى جنيه واحد.
ووجد من يطالبونه بارتكاب الرذيلة من قبل الغواة، سواء رجالًا أو نساءً، مقابل تلبية كل ما يتمناه من ماديات، وتعرض إلى الكثير من السب والمعاملة غير الآدمية من قبل المتعاطين دون سبب: «بس أنا رغم كده براعى ظروفهم لأنهم غائبون»، ووجد ممن يشحذون بالأسلحة ليوقفوه ويأخذوا قوت يومه من قبل اللصوص، لولا وقوف الله معه كاد أن يلقى مصرعه، ورغم ذلك فهو لا يكترث لتلك الظروف كثيرًا طالما وضع نصب عينه خوفه من الله عز وجل، وابتسامة أمه الواسعة التى تستقبله عندما يعود إليها سالمًا غانمًا: «دى لوحدها عندى بالدنيا وما فيها».
واختتم «عمار» حديثه بأن ثقته بالله ونفسه تمنحه القوة وتجعله يتمكن من استقبال أى شيء بصدر رحب دون كلل أو ملل، رغم صغر عمره لكنه يرى من منظوره الخاص أن الدنيا ليست بالعمر ولا بالشهادات، بل بما يجنيه المرء من تعلم وخبرات، رغم أنه كان يرغب بالتعليم: «هقول إيه هى الدنيا كده ما حدش بياخد منها كل حاجة، بس الحمد الله أنا راضى باللى ربنا كاتبهولي».