الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

وساطة إثيوبيا.. طريق الحل لأزمة السودان.. المجلس العسكري الانتقالي في الخرطوم يوافق على مقترحات وساطة آبي أحمد.. وقوى الحرية والتغيير تعلن تعليق العصيان المدني

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لاقت مقترحات الوساطة التى قدمها رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، الذى أجرى زيارة للخرطوم مؤخرا فى إطار وساطة مع قوى الحرية والتغيير، قبولا من المجلس العسكرى الانتقالى فى السودان، وقال المتحدث باسم المجلس الفريق الركن شمس الدين كباشي، فى تصريح سكاى نيوز عربية، إن المجلس «وافق تماما» على مقترحات الوساطة التى قدمها رئيس الوزراء الإثيوبي. وعرض أبى أحمد على الطرفين السودانيين، تفاصيل مبادرة أفريقية لاقت استجابة مشروطة منهما، واقترح من ضمنها تشكيل مجلس سيادى من 15 شخصا، تكون الأغلبية فيه للمدنيين.

أوضح كباشى أن المجلس «لا يمانع العودة إلى المفاوضات مع المعارضة والتوصل إلى توافقات». 
وتابع: «المجلس سينظر فى أى شروط للتفاوض من قبل قوى الحرية والتغيير لاستئناف المفاوضات، وسيقوم بالرد عليها».
وتُعد زيارة «آبى أحمد» إلى السودان مؤخرا، أحد أهم الجهود الإقليمية للوساطة التى برزت فى القارة الأفريقية فى الفترة الأخيرة؛ وعملت أديس أبابا على القيام بدور فاعل فى الأزمة للعديد من الاعتبارات أهمها التقارب الجغرافى بين البلدين، والخوف من تأثير الأحداث فى السودان على الداخل الإثيوبي، بالإضافة إلى الرغبة الإثيوبية فى ممارسة دور مهم فى الأزمة، ومزاحمة العديد من الدول العربية والإقليمية والأفريقية والدولية فى تنفيذ أهدافها، خاصة تلك المتعلقة بحماية مصالحها الداخلية والإقليمية.
ومنذ توليه السلطة فى إثيوبيا فى أبريل ٢٠١٨، بدأ «آبى أحمد» إصلاحات سياسية واقتصادية واكتسب تقديرًا واسعًا بسبب مهاراته الدبلوماسية التى أتاحت تحقيق السلام مع إريتريا، خصم بلاده القديم، مما يمنحه هامشا كبيرا لممارسة دور مهم فى المصالحة السودانية الداخلية.
وتمثلت أهمية زيارة آبى أحمد إلى الخرطوم كونها تأتى فى ظل تزايد معدل التوترات بين المجلس العسكرى الانتقالى وقادة الحركة الاحتجاجية (قوى الحرية والتغيير)، فى محاولة لتسوية النزاع بين الطرفين، خاصة بعد أحداث ميدان الاعتصام التى راح ضحيتها العشرات، وإعلان المجلس العسكرى فى أعقاب أحداث الاعتصام، إلغاء كل الاتفاقات التى توصل إليها مع قوى الحرية والتغيير بشأن الانتقال الديمقراطي، وأعلن عن خطط لإجراء انتخابات فى غضون تسعة أشهر، لكن الحركة الاحتجاجية رفضت هذه الخطط.

مبادرة إثيوبية
وكانت إثيوبيا أعلنت أن نتائج المحادثات التى أجراها رئيس وزرائها آبى أحمد، مع الفرقاء السودانيين فى الخرطوم، تسير فى الاتجاه الذى يخدم المصالح السودانية، خاصة بعد أحداث التوترات بين الفرقاء السودانيين، فيما يتعلق بإدارة المرحلة الانتقالية، وإعلان الاتحاد الأفريقى أنه علق بمفعول فورى عضوية السودان فى المنظمة القارية إلى حين إقامة سلطة انتقالية مدنية، خاصة بعد أن شهد تصعيدًا لأعمال العنف.
الجدير بالذكر أن قوى الحرية والتغيير قد عقدت اجتماعًا خاصًا لبحث مشروع الوساطة الذى تقدم به المؤتمر الشعبى لاستئناف المفاوضات مع المجلس العسكري، والذى نتج عنه اتفاق أعضاء تجمع المهنيين على أنهم لن يقبلوا أى وساطة مع المجلس العسكرى فى الظرف الراهن، بعد أحداث فض الاعتصام وقبل التمكن من التواصل مع بعض أعضاء التجمع المفقودين، إلا أن قبول الطرفين للوساطة الإثيوبية زاد من فرص التحاور مجددًا حول إدارة المرحلة الانتقالية.
ومنح المجلس العسكرى الانتقالى فرصة ذهبية لإعادة تصحيح السياسات المتبعة من جانبه، والتى عملت على تأزم الوضع بصورة كبيرة فى الفترة السابقة، وفيما يلى أبرز الأهداف الإثيوبية تجاه الأزمة فى السودان: 
أولا: حث المجلس العسكرى الانتقالى وقوى الحرية والتغيير على التحلى بالشجاعة لحل المأزق الذى أعقب إزاحة الرئيس السودانى السابق عمر البشير، وأكدت إثيوبيا ضرورة أن يتخذ الفاعلون السياسيون السودانيون قراراتهم بشأن مصيرهم الوطنى فى استقلالية تامة، بعيدًا عن أى طرف غير سوداني.
ثانيا: الدعوة إلى انتقال سياسى وديمقراطى بصورة عاجلة فى السودان، وضرورة بقاء بعثة الاتحاد الإفريقى فى خدمة الأطراف السودانية حتى التوصل إلى اتفاق.
ثالثا: دعم الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية البنيوية وفق تخطيط استراتيجى ومنهجى على أسس الحوكمة الرشيدة، لنهضة السودان الجديدة.
رابعا: التزام إثيوبيا بدعم السلام فى المنطقة، على أن المطلب الوحيد لعودة السلام إلى السودان هو الوحدة الداخلية.

فرص وتحديات الوساطة
وتأتى زيارة رئيس الوزراء الإثيوبى إلى السودان فى سياق الدبلوماسية المكوكية النشطة التى تنتهجها أديس أبابا منذ وصوله لسدة الحكم، ورؤيته للدور الإقليمى الذى يمكن أن تلعبه إثيوبيا فى العديد من الملفات المثارة على الساحة الأفريقية، ولم تكن السودان المحطة الأولى لمثل هذه السياسات، إلا أنها تأتى بعد سلسلة من السياسات المماثلة التى يتبعها أبى أحمد فى مسارات حركته الإقليمية والدولية، كما هو فى حالة التوتر بين الصومال وكينيا مؤخرًا؛ حيث يرى أن أى تدهور فى داخل البلدان الأفريقية أو بين البلدان فى علاقاتهما الثنائية سينعكس حتمًا على بقية بلدان المنطقة، ومن بينها إثيوبيا.
بالإضافة لذلك تمثل السياسة الإثيوبية فى مجملها تتويجًا لمسارات الدبلوماسية الوقائية تجاه الأزمات المندلعة فى المنطقة، وذلك لتفادى خطر التأثير على الأوضاع الداخلية والإقليمية المحيطة بها، فى ظل التخوف الحاكم للسياسة الإثيوبية من أن أى تفاقم للصراع السياسى فى السودان واحتمالات انزلاق البلاد إلى عنف واسع النطاق سيشكل ذلك تهديدًا للامن القومى لها، خاصة فى ضوء الهشاشة الأمنية فى بعض الأقاليم الإثيوبية المتاخمة للسودان.
كما أن آبى أحمد يهدف من زيارته تلك تسجيل موقف إثيوبى قوى تجاه الأحداث الداخلية فى السودان عن طريق تصدير نفسه كراع لجهود المصالحة الداخلية فى الأزمات التى تمر بها القارة الأفريقية، وخاصة تلك التى تقع فى الدول المجاورة له، بالإضافة إلى مزاحمة الأطراف الإقليمية والدولية فى عملية التسوية السياسية، لاعتبارات الأمن القومى الإثيوبى وكذلك لاعتبارات الأمن الإقليمى بمفهومة الشامل.
ختامًا: من المتوقع أن تلعب إثيوبيا دورًا مهمًا فى توجيه الأحداث الداخلية السودانية بما يحقق جانبين أساسيين، هما التوصل إلى صيغة داخلية مقبولة وتوافقية يشكلها الطرفان من المجلس العسكرى الانتقالى وقوى الحرية والتغيير، والثانى يتعلق بالداخل الإثيوبى وكذلك الوضع الإقليمى والمتمثل فى الحفاظ على وحدة الأراضى الإثيوبية من خطر انتقال الأحداث إلى الداخل، والبعد الآخر يتعلق بالدور الذى يسعى أبى أحمد لصياغته إقليميًا ودوليًا بحيث تكون إثيوبيا دولة محورية فى جهود الوساطة وفض النزاعات بالطرق السلمية، ويدلل على ذلك الدور ونجاحه ما أعلنه المجلس العسكرى الانتقالى عن رغبته العودة مجددًا إلى طاولة المفاوضات، وبذلك نجحت إثيوبيا فى تحقيق أهدافها المتعلقة بالمصالحة السودانية، الأمر الذى سينعكس ليس فقط على الداخل السودانى ولكن على الدور الإثيوبى فى القارة السمراء ويضفى ملمحا جديدا لسياستها الخارجية.
من جانبها أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير، التي تقود الحراك الشعبي في السودان، اليوم الثلاثاء، تعليق العصيان المدني ورفع الإضراب السياسي في البلاد "حتى إشعار آخر".
ويضع إعلان قادة الاحتجاجات تعليق العصيان المدني بنهاية يوم الثلاثاء، حدا لثلاثة أيام من العصيان، ألقت بظلالها على دولاب العمل والقطاع التجاري، وذلك لدفع المجلس العسكري الانتقالي إلى تسليم السلطة للمدنيين.
وقالت قوى إعلان الحرية والتغيير في بيان: "كما وضح أنه من الممكن تعليق العصيان المدني والإضراب السياسي مؤقتا، لإعادة ترتيب هذه الأوضاع بحيث تستمر المقاومة بشكل أقوى وأكبر".
وأضاف البيان: "بناء على ذلك قررنا دعوة جماهير شعبنا لتعليق العصيان المدني ورفع الإضراب السياسي حتى إشعار آخر، وذلك بنهاية اليوم الثلاثاء، ليزاول الناس أعمالهم اعتبارا من الأربعاء".
وأكد بيان التجمع النقابي والسياسي "الاستمرار في الاستعداد والتنظيم للجان الأحياء ولجان الإضراب في القطاعات المهنية والعمالية المختلفة".