♦ ما هو الدور الذي يقوم به مركز دراسات الشرق
الأوسط بباريس «السيمو»؟
لعل انتشار أفكار مغلوطة،
حول جماعات الإسلام السياسي في الغرب، والدور الذي لعبوه في بلادهم، والقول إنهم
مؤسسات ديمقراطية تم اضطهادها من قبل حكومات ديكتاتورية، قد ساعد كثيرا في تغلغل
تلك الحركات المتطرفة في أوروبا، الأمر الذي آن له أن يتوقف أو على الأقل يجد من
يفسر ويحلل من خلال وجهة نظر أخرى عَايشت تلك التنظيمات، وعَاينت أفكارها بدقة،
واشتبكت معها ومع قادتها وكوادرها ومُناصريها في سجالات عديدة.
لذلك كان هذا المشروع،
مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، مركزا متخصصا في دراسات الإسلام الحركي وقضايا الإرهاب.
مشروع نأمل أن يكون
إضافةً حقيقيةً لهذا الحقل من الدراسات؛ يقدم شيئًا يُساعد العالم على الفهم
والتدبر، بعيدًا عن الرؤى المتخبطة والعشوائية والبعيدة عن الدقة.
وقد مدّ المركز جسور
التعاون مع كافة المراكز الأخرى، وانفتح بشكل واسع وعام على مجتمع البحث العلمي،
كما استضفنا جنرالات، وأستاذه بالسوربون، ووزراء سابقين، ورؤساء مؤسسات مهمة،
كمؤسسة ديجول، ومؤسسة نابليون، واستكتبنا عددا كبيرا من الكتاب الفرنسيين الكبار؛
منهم رولان جاكار، وجورج مالبرونو.
♦ كيف تقيمون سياسة النفوذ التي تمارسها قطر؟
كتب كثيرة نشرت في الغرب،
وبالتحديد في فرنسا، تشرح وتكشف في آن واحد؛ محاولات الدوحة للاستحواذ على أكبر
قدر من النفوذ في أوروبا وفرنسا بالذات، فهذه الإمارة الصغيرة، تستخدم ثلاثية
المال والإعلام وجماعات الضغط؛ للتوغل داخل المجتمعات والدول، في محاولة لامتلاك
أوراق للتأثير؛ نظرًا لأنها لا تستطيع التأثير الطبيعي بحكم حجمها، وموقعها
الجغرافي، وعدد سكانها ومكانتها الدولية.
يكفي أن أشير لك أنه في
الأزمة الإيرانية الأخيرة، ذهب أمير قطر إلى إيران في زيارة خاطفة، استمرت أربع
ساعات، وادّعى أمام أمريكا، أنه حاول خلال تلك الزيارة إثناء إيران عن تنفيذ
عمليات استفزازية ضد الأهداف الأمريكية بمنطقة الخليج، في الوقت الذي اكتشفت
المخابرات الأمريكية، أنه ينقل المعلومات لإيران، وأصدرت تعليمات بوقف التعاون مع
الدوحة.
ما تفعله قطر في أوروبا،
من تمويل واضح للتنظيم الدولي للإخوان، بجمعياته ومساجده، عن طريق مؤسساتها
المالية المنتشرة في أوروبا واضح وضوح العيان، وقد كشف عن جزء منه الصحفيان
الفرنسيان «جورج مالبرونو»، و«كريستيان شينو»، في كتاب «أوراق قطرية».
ناهيك عما فعلته في ليبيا وسوريا، وما زالت تفعله في عدد كبير من دول العالم، وهو الأمر الذي دفع بالدول العربية إلى مقاطعتها وفرض حصار إقليمي عليها.
♦ هل تعرضتم لأي ضغوط كمركز دراسات الشرق
الأوسط؟
بالطبع تعرضنا لضغوط منذ
اليوم الأول الذي بدأنا فيه العمل رسميا في فرنسا، فقد قدم
القطريون احتجاجًا رسميًا لإدارة فندق «موريس» في العاصمة الفرنسية باريس ضد إقامة
المؤتمر الأول للمركز في السادس من أكتوبر عام 2017، حول تمويل قطر للإرهاب، والذي
شارك فيه عدد كبير من الباحثين والصحفيين والسياسيين الفرنسيين؛ منهم: جورج
مالبرونو، وإيريك شامبير، وبيير بيرتلو، ومرشح الرئاسة الفرنسية السابق فرانسوا
أسلينو، ووزير خارجية فرنسا الأسبق رولان ديماس.
وظل القطريون وأصدقائهم
في فرنسا، يطاردوننا منذ ذلك اليوم، حتى عقدنا مؤتمرًا صحفيًا في الجمعية الوطنية
الفرنسية، اشتركت فيه معنا السيدة «ماري لوبين» باعتبارها نائبة في البرلمان
الفرنسي، وليس شيئًا آخر، لكي نشرح أمام لجنتي العلاقات الخارجية والدفاع خطورة
توغل تنظيم الإخوان الدولي في فرنسا وشرائه لعدد من السياسيين الفرنسيين.
وبعد الندوة أطلقوا عددا
من الشائعات على رئيس المركز، متهمين إياه بذات الاتهامات التي رددها موقع «موند
أفريك»، والتي تتعلق بأنه مهووس بنظرية المؤامرة، وأنه عدو لإسرائيل، ويعادي
الفكرة الصهيونية، وشنوا بناء على تلك الشائعات، التي يستخدمون في إطلاقها عددا من
أنصارهم، وفي مقدمتهم الإخواني نبيل الناصري والجهادي السابق رومان كاييه -
الموضوع اسمه على لائحة الإرهاب فى فرنسا.
الأمر الذي وصل إلى دفع
اتحاد المنظمات اليهودية في فرنسا إلى إصدار بيان ضد رئيس المركز، معتمدين على تلك
الشائعات التي ليس لها أساس من الصحة، ولا يوجد عليها أي دليل يذكر.
ورغم كل ذلك، استمررنا في طريقنا، فعقدنا مؤتمرا آخر في
مجلس الشيوخ الفرنسي ثم فى البرلمان الأوروبي ثم
في نادي الصحافة بباريس، ثم
ذهبنا إلى جنيف، وعقدنا مؤتمرا
في نادي صحفي الأمم المتحدة، وهناك أرسلو خلفنا هاني رمضان حفيد حسن البنا، ومعه عدد من الجهاديين السابقين كي يرهبونا داخل المؤتمر،
ثم حاولوا التشويش على كلمتنا الأمر الذي
دفع منظمي المؤتمر إلى طردهم
خارج القاعة، وهو ما كتب عنه الصحفي
السويسري «يان هاميل»، مقالا مطولا فى مجلة لوبوان الفرنسية يشرح فيه ما حدث.
وما زال أنصارهم
يطاردوننا بالشائعات المغرضة، حول المركز، ورئيسة طوال الوقت في محاولة لإثنائنا
عن دورنا في فضح التدخلات القطرية الإخوانية في فرنسا وأوروبا.
♦ هل تعتقدون أن الإخوان يمارسون ضغوطا على بعض الصحفيين والباحثين في فرنسا؟
بصورة عامة نعم، ولكن
السؤال المهم ما هي نوعية تلك الضغوط التي يمكن لتنظيم الإخوان وحلفائهم من
الأتراك والقطريين والإيرانيين أن يمارسوها على الصحفيين والباحثين الفرنسيين.
من وجهة نظري تسير تلك
الضغوط فى 3 اتجاهات مختلفة:
الأول مباشر: عبر شنّ
حملات مدفوعة الأجر ضد بعض الصحفيين واتهامهم بتلقي تمويلات من دول بعينها؛
لانتقادهم الإخوان وحلفاءهم من القطريين والأتراك، ومثال على ذلك ما تعرض له جورج
مارلبورو، وكريستيان شينو، بعد نشر كتابهما المهم «أوراق قطرية»، وذلك ما يستخدموه
معنا طوال الوقت.
الثاني غير مباشر: عبر
تجنيد عدد من السياسيين والصحفيين للدفاع عنهم طوال الوقت ومهاجمة خصومهم وإلصاق
الشائعات والاتهامات بهم، وهو ما يؤثر فى النهاية على معنويات الصحفيين والباحثين
خاصة إذا كانوا لا يملكون صفة القتالية في عملهم.
الأسلوب الثالث: بدأت باستخدام بعض الدول الداعمة للتنظيم الدولي، وخاصة قطر للقيام عبر اختراق عدد من المؤسسات الإعلامية في العالم وشراء حصص وأسهم بها للتأثير على القرار داخلها، وهو ما فعلته قطر مؤخرا مع مجلة فرنسية شهيرة، الأمر الذي أدى إلى منع نشر مقال لكاتب كبير بها؛ كان يفضح فيه فساد أحد المسئولين القطريين الكبار.