الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مع بدء العد التنازلي للبطولة الأفريقية.. مصر تكتب صفحة جديدة في ثقافة الساحرة المستديرة

كأس الأمم الأفريقية
كأس الأمم الأفريقية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأ العد التنازلي لانطلاق أهم بطولة كروية أفريقية فيما تفقد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي اللمسات النهائية باستاد القاهرة استعدادًا لهذا الحدث الكبير الذي يكتب صفحة جديدة في ثقافة الساحرة المستديرة بأبعادها وجوانبها المتعددة.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي قد تفقد أمس "الجمعة" مع عدد من المسئولين اللمسات النهائية لأعمال تطوير استاد القاهرة الدولي استعدادًا للبطولة الثانية والثلاثين لكأس الأمم الأفريقية التي تنطلق من المستطيل الأخضر المصري في الحادي والعشرين من شهر يونيو الجاري فيما كان الاهتمام واضحا بتجهيزات الاستقبال والضيافة لجماهير المشجعين في أهم بطولة كروية أفريقية.
وسواء في استاد القاهرة الدولي الذي أسس في عام 1958 وافتتح عام 1960 ويتسع لنحو 75 ألف مشجع أو الملاعب الأخرى التي تقام بها مباريات البطولة الكبيرة، فإن العمل يجري على قدم وساق لتجهيز الملاعب على أكمل وجه لاستقبال الجماهير وكل الأشقاء الأفارقة والضيوف القادمين من كل مكان في العالم وبما يليق بمصر. 
والملاعب تزداد أهميتها حسب البطولات التي تقام عليها فها هو ملعب "واندا ميتروبوليتانو" في العاصمة الإسبانية مدريد يتردد اسمه بقوة في الصحافة وكل وسائل الإعلام باعتباره الملعب الذي يستضيف اليوم "السبت" المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين فريقي ليفربول وتوتنهام الإنجليزيين.
ولأن الجماهير هي بهجة الملاعب فمن الطبيعي أن كما تتحدث الآن وسائل الإعلام عن جماهير ليفربول وتوتنهام التي تجوب ساحات مدريد مرددة الأغاني والهتافات بأسماء نجومها وهي تترقب لحظة دخول ملعب "واندا ميتروبوليتانو" فيما يرتدي المشجعون قمصان فريق النادي الذي ينتمون له وخاصة جماهير ليفربول أو "فريق الريدز" الذي عرفت جماهيره بقوة الانتماء والحماس البالغ.
وإذ يتفق معلقون سواء داخل مصر أو خارجها على أن الرياضة جزء من ثقافة المجتمعات فإن البطولة الإفريقية المرتقبة والتي يشارك فيها لأول مرة 24 منتخبا إفريقيا تشكل فرصة ثمينة لتفاعل حميم في الملاعب وكذلك في ساحات أخرى من بينها ساحة التفاعل الثقافي لتعزيز الأواصر بين أبناء القارة الواحدة.
ومن هنا طرح بعض المعلقين والكتاب في صحف ووسائل إعلام مثل الدكتور وحيد عبد المجيد اقتراحات ترمي لتفعيل البعد الثقافي لهذا الحدث الرياضي الكبير بتنظيم ندوات وعروض مسرحية وسينمائية وأمسيات شعرية ومعارض فنية لمبدعين من الدول الأفريقية المشاركة في البطولة الثانية والثلاثين لكأس الأمم الأفريقية وهي البطولة التي لم يزد من قبل عدد المنتخبات المتنافسة فيها عن 16 فريقا.
والى جانب استاد القاهرة الدولي تتوزع مباريات البطولة الثانية والثلاثين لكأس الأمم الأفريقية التي تختتم في التاسع عشر من يوليو المقبل على ملاعب مصرية أخرى هي استاد 30 يونيو واستاد السلام واستاد الإسكندرية واستاد السويس واستاد الإسماعيلية. 
وفي سياق تناوله لهذه البطولة الكروية الكروية الأفريقية الكبيرة التي تستضيفها مصر للمرة الخامسة، كان الناقد الرياضي الكبير حسن المستكاوي قد اكد انه من الأهمية بمكان أن "يشعر ضيوفنا بالسعادة والبهجة وهي مسئولية كل المصريين"لافتا الى أهمية تنظيم مصر "للأحداث الرياضية والفنية والأدبية والثقافية". 
وقال المستكاوي:"سوف تفتح مصر ذراعيها لشباب وجماهير ونجوم القارة فالرياضة قوة ناعمة مذهلة ليس لها مثيل في تأثيرها وسوف تلتف كل الأيدي المصرية حول هدف واحد وهو إنجاح البطولة فتتحول المدن التي تستضيف مباريات المجموعات الست إلى حالة شعبية احتفالية فيها المثير من البهجة والمتعة".
والجماهير العاشقة للساحرة المستديرة يحق وصفها "بالسوبر مشجعين" أو "المشجعين السوبر" كما هو العنوان الطريف لكتاب جديد صدر بالانجليزية بعنوان "سوبر فانز" أي "مشجعين عظام أو رائعين أو فائقين أو فوق العادة وغير عاديين" لأن ظلال المعنى أو المرادفات لكلمة "سوبر" كثيرة للغاية وأن كانت كلها تتفق في المدلول ومعنى العظمة الفائقة والقوة الهائلة وكلها تتفق مع صفات الجماهير المصرية العظيمة. 
ولعل جورج دورمان مؤلف هذا الكتاب الجديد والصحفي المتوج بأهم جوائز الصحافة وهي جائزة "بوليتزر الأمريكية" قد انتبه لمعادلة صعبة عندما تحدث في العنوان الرئيس للكتاب عن "المشجعين السوبر" في عالم الرياضة كظاهرة إيجابية بينما اختار عنوانا فرعيا دالا يحمل ظلال قلق وهو :"في قلب مشجعي الرياضة الذين تتسلط عليهم الهواجس".
وهو عنوان يومئ لظواهر سلبية ومجافاة للسوية! أما متن الكتاب كرحلة في أعماق عالم المشجعين فيخلص لوجود فوارق بين المشجعين السوبر والمتعصبين لأفكار غير سوية وإن تخفوا خلف أقنعة المشجعين المتحمسين فيما توغل هذه الفئة أحيانا في ممارسات بالملاعب أبعد ما تكون عن القيم الرياضية والسوية الإنسانية.
وكما يوضح هذا الكتاب الجديد "فالمشجع السوبر" لا يمكن أن يعيث فسادا في الملاعب بذريعة حماسه في تشجيع فريقه ولا ينتمي لتلك الفئة التي تتسلط عليها هواجس بعيدة عن قيم الرياضة وغاياتها السامية حتى لفتت اهتمام خبراء في علم النفس الرياضي بالغرب، كما يقول المؤلف والكاتب الرياضي جورج دورمان مضيفا أن "المشجع السوبر يعبر بأفضل طرق التشجيع في الملعب عن هوية فريقه".
وهذا ما تفعله الجماهير المصرية العظيمة والوفية لمصر وهويتها وكلها يصدق عليها وصف "السوبر مشجعين" بقدر ماتعبر عن أروع معاني الانتماء وتجسيد الهوية في وقت تتوالي فيه الطروحات والكتب الجديدة التي تتناول كل ابعاد وجوانب ثقافة الساحرة المستديرة.
والبطولات الرياضية الكبرى كبطولة كأس الأمم الأفريقية تشد دوما اهتمام مثقفين وأكاديميين مثل الدكتور سامي عبد العزيز الأستاذ بكلية الإعلام فى جامعة القاهرة الذي رأى من قبل في سياق بطولة "مونديال الشباب" التي استضافتها مصر عام 2009 ان مثل هذه الأحداث لم تعد مجرد حفل افتتاح واقامة عدة مباريات وإنما أصبحت صناعة ثقيلة.
وفي سياق هذه البطولة العالمية لشباب كرة القدم والتي توزعت مبارياتها حينئذ بين القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية والسويس أضاف الأكاديمي والحبير الإعلامي سامي عبد العزيز: ولعل التجارب العالمية في مجال تسابق الدول على استضافة وتنظيم هذه الأحداث وما تكشف عنه من استعداد هذه الدول لضخ استثمارات كبيرة واستخدام عمليات تربيط وتسويق مباشر وغير مباشر لنيل هذا الشرف تؤكد لنا ما يمكن أن تحققه مثل هذه الأحداث من مكاسب سياسية واقتصادية وإعلامية.
وإذا كان التنافس بين الدول وحتى الأندية الكبرى في العالم ظاهرا في مجال بناء الملاعب والمنشآت الرياضية الجديدة فضلا عن تخليد الملاعب التاريخية والقديمة كجزء عزيز من التراث فمصر مضت قدما على هذا المضمار وها هي تقدم أفضل الملاعب للجماهير وضيوفها في البطولة الثانية والثلاثين لكأس الأمم الأفريقية.
والملاعب جزء عزيز من الذاكرة الثقافية للساحرة المستديرة وها هو كتاب جديد يصدر في الغرب بعنوان :"الدرب" وقد اشترك في تأليفه مارتين كلوك وآدم بوولي ليتناولا معا تاريخ فريق توتنهام هوتسبير الشهير "بالسبيرز" الذي تأسس عام 1882 وملعبه التاريخي في شمال لندن "وايت هارت لين" الذي أقيم عام 1899.
ولأن "السبيرز" كان عليهم أن يودعوا ملعبهم أو معقلهم التاريخي فإن الكتاب الذي كان عنوانه الفرعي: التاريخ الرسمي للمقر العالمي الشهير للسبيرز" جاء بمثابة مرثية لهذا الملعب التاريخي الذي أقيم بعد نحو 17 عاما من تأسيس نادي توتنهام هوتسبير ليتسع للجماهير التي لم يعد يستوعبها ملعبه الأول في "نورثمبرلاند بارك" بسعته التي لا تزيد على 14 ألف مشجع فيما شهد الملعب التاريخي للسبيرز توسعات شملت إضافة مدرجات جديدة حتى ثلاثينيات القرن العشرين لتتجاوز سعته الـ 70 ألف مشجع.
تلك ملاعب ليست كأي ملاعب! تلك ملاعب لها تاريخ بقدر ما اسهمت ملاعب مثل استاد القاهرة الدولي و"وايت هارت لين" في كتابة تاريخ الساحرة المستديرة ولعل استاد القاهرة يستحق كتابا مثل كتاب "الدرب" الذي يطرح عبر 232 صفحة رؤية فريدة لملعب تاريخي وليوصف هذا الكتاب الجديد بأنه أحد أكثر الدراسات شمولا حول الملاعب التاريخية.
وإذا حق القول بأن الجماهير المصرية لعبت أهم الأدوار في تشكيل هوية منتخبها الوطني فلمارتين كلوك كتاب آخر حول "السبيرز" صدر من قبل بالاشتراك مع آلان فيشر بعنوان :"تاريخ شعبي لنادي توتنهام هوتسبير الكروي.. كيف شكلت جماهير مشجعي السبيرز هوية أحد أشهر الأندية في العالم".
وفي هذا الكتاب الذي يمكن وصفه بأنه يدخل في نطاق "التاريخ الاجتماعي الرياضي" تركيز على بحث كيفية تشكيل جماهير المشجعين لأحد أقدم وأشهر الفرق الكروية في العالم وكيف لعبت الجماهير الدور الأكثر أهمية في صياغة هوية نادي توتنهام هوتسبير ومؤلفا هذا الكتاب لم يترددا في إجراء سلسلة من اللقاءات مع مشاهير مشجعي السبيرز وبعضهم يعيش خارج بريطانيا.
وهما يرصدان بدقة تفاصيل تطور العلاقة بين الجماهير والنادي والتغيرات التي شهدها فريق توتنهام الكروي منذ الأيام الخوالي لناد في قلب مجتمع محلي في شمال العاصمة البريطانية حتى الحقبة المعاصرة التي أمسى السبيرز يتمتعون فيها بمشجعين حول العالم وصاحب علامات عابرة للحدود ومتعددة الجنسيات بكل ما يعنيه ذلك من تنوع وما يثيره أيضا من أسئلة وتحديات جديدة في العصر الرقمي.
والكتاب الذي تطرق لعوامل ثقافية واقتصادية ومزج ببراعة ما بين التاريخ والحاضر يؤكد بوضوح حقيقة أنه "لا فريق كروي بلا جماهير" ويوثق تاريخ توتنهام بعيون مشجعيه وذكرياتهم وخبراتهم المتراكمة عبر سنوات من تشجيع فريقهم الكروي المفضل.
وسعى المؤلفان مارتين كلوك والآن فيشر "لتقطير" خبرات ومشاعر المشجعين الذين ارتبطوا بكل الحب بفريقهم وأسباب الانقلاب في تلك المشاعر أحيانا لتتحول إلى إحباط ومرارة وغضب سافر أما الاستاد الجديد لنادي توتنهام فيحمل رائحة التاريخ العريق لملعب "وايت هارت لين" وأقيم في الموقع ذاته بشمال لندن. 
وإذا كان توتنهام يتنافس اليوم مع ليفربول على لقب بطل دوري أبطال أوروبا فإن الفريق الإنجليزي الأكثر تتويجا بالبطولات على مدى تاريخه الكروي المديد آلا وهو فريق مانشستر يونايتد اقترن اسمه بملعبه الشهير" بمسرح الأحلام" والذي يعبر عن لقاء المباني والمعاني في هذا النادي العريق الذي أسس في الأول من مارس عام 1878.
أما ملعب "الانفيلد" الذي يقترن بفريق ليفربول فقد ذاع صيته بين المصريين بفضل نجم هذا الفريق محمد صلاح الذي حفر اسمه المصري بأحرف من نور في تاريخ الفريق الأحمر الذي صدرت عنه من قبل عدة كتب مثل كتاب:"رجال حمر" في إشارة للون الأحمر "لفريق الريدز".
وفي هذا الكتاب، اجتهد جون ويليامز لوضع سيرة تاريخية لفريق كرة القدم بنادي ليفربول وجمع ما بين البحث التاريخي والتحليل الاجتماعي وتوغل بأسلوب الحكي عند الجذور والأصول والسياسات الكروية لنادي ليفربول الذي ظهر لحيز الوجود في الخامس عشر من مارس عام 1892 واشتهر بألوانه الحمراء ليوصف فريقه الكروي "بالريدز" فيما يشكل اسم النجم المصري محمد صلاح مرحلة جديدة ومهمة حقا في مسيرة فريق هذا النادي العريق والذي يطمح اليوم للتتويج ببطولة دوري أبطال أوروبا.
وكذلك استحق البرتغالي كريستيانو رونالدو هذا الحب الكبير من جماهير فريق نادي يوفنتوس الإيطالي التي نصبت في مدينة تورينو لوحة كبيرة تحمل صورته وأرقامه القياسية تماما كما يستحق الأرجنتيني ميسي نجم البارسا آيات الإعجاب والحب من جماهير برشلونة وملعبها الشهير "كامب نو".
ومن قبل وصف أسطورة الكرة الأرجنتينية والأيقونة الخالدة للساحرة المستديرة دييجو مارادونا في كتاب يحوي سيرته الذاتية جماهير مشجعي فريق سان لورينزوفي بلاده بأنها تجسد معنى البهجة في الملاعب بقدر الانتماء والولاء لهذا النادي الذي أسس عام 1908 ويحمل ملعبه التاريخي الذي بني عام 1940 اسما طريفا هو "بومبونيرا" أي صندوق الشيكولاتة.
أما فريق نادي "أتلتيكو مدريد" الذي تأسس عام 1903 وتوج من قبل عشر مرات ببطولة الدوري الإسباني الشهير "بالليجا" كما توج هذا الفريق الذي يوصف "بفريق الأحياء الجنوبية للعاصمة الإسبانية" بعدد مماثل من ألقاب بطولة كأس ملك إسبانيا فإن ملعبه "فيسنتي كالديرون" التاريخي كان يتخذ شكل خيمة على ضفاف نهر مانتساناريس.
وافتتح نادي أتلتيكو مدريد ملعبه الجديد "واندا ميتروبوليتانو" في بداية الموسم الكروي 2017-2018 الذي شيد باستثمارات بلغت 300 مليون يورو فيما يدخل اليوم تاريخ الساحرة المستديرة باستضافته لمباراة نهائي دوري الأبطال الأوروبي بين ليفربول وتوننهام.
ولا جدال أن تاريخ الساحرة المستديرة يستعد لكتابة صفحة جديدة ومضيئة عن الملاعب المصرية مع انطلاق البطولة الأفريقية الكبيرة لتتردد أسماء هذه الملاعب بكل الفخر شأنها شأن ملاعب تاريخية شهيرة وصانعة للنجوم ستامفورد بريدج وسانتياجو برنابيو وكامب نو وبومبونيرا وواندا ميتروبوليتانو.
إنها صفحة مصرية جديدة من الأمجاد في تاريخ الساحرة المستديرة في سياقات لقاء متجدد دوما بين الواقع والحلم وبين المباني والمعاني.. ومع بدء العد التنازلي للبطولة الثانية والثلاثين لكأس الأمم الأفريقية على المستطيل الأخضر المصري لكل عشاق اللعبة الجميلة في العالم أن يضبطوا الساعات بتوقيت مصر.. إنها ساعات للمجد والمتعة والبهجة.