الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أتيليه القاهرة بين التضامن والورثة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتصدر صفحات السوشيال ميديا نداءات ومناشدات المثقفين المصريين والعرب لإنقاذ أتيليه القاهرة.
أتيليه القاهرة هذ المكان الصغير الذى يقع فى شارع كريم الدولة بوسط البلد والذى يمثل جزءًا مهمًا ومؤثرًا فى تاريخ الحركة الثقافية المصرية والعربية منذ أوائل الخمسينيات من القرن الماضى عندما أنشأه الفنان محمد ناجى فى مارس ١٩٥٣ كجمعية خاضعة لقانون الجمعيات الأهلية التابعة لوزارة التضامن، ويديره مجلس إدارة يتم انتخابه دوريًا منذ نشأته فى مارس ١٩٥٣.
من المؤكد أنك إذ قررت أن تسافر إلى باريس سيكون فى خطتك زيارة ساحة المونمارتر ساحة الفنانين والرسامين أو ستبحث عن مقهى لاروتندى فى العاصمة الفرنسية حيث لوحة الفنان بيكاسو المسماة (فى مقهى لاروتندي) والتى رسمها لتكون قيمة عشائه فى هذا المقهى.. أما إذا سافرت إلى موسكو فحتما ستذهب إلى منزل بوشكين والذى استقبل فيه عروسه ففى هذا الشارع يوجد المبنى رقم ٥٣ حيث عاش الشاعر ألكسندر بوشكين وزوجته ناتاليا غونشاروفا بعد زواجهما، ويمكنك أن تعرف بسهولة على هذا المبنى من خلال النصب التذكارى لشاعر روسيا المفضل ولحبيبته، والذى يقع فى شارع ارابات فى العاصمة الروسية، وفى نفس الشارع المبنى رقم ٩ كان مقرًا لمقهى أدبى شهير فى عشرينيات القرن الماضى، وقد كان الشعراء سيرغى اسنين وفلاديمير ماياكوفسكى من بين رواد هذا المقهى، أما إذا أتيت إلى القاهرة فمن المؤكد أن أتيليه القاهرة سيكون أحد وجهاتك الأساسية حيث علقت على جدرانه لوحات طوغان والوشاحى وعبلة، وغيرهم، وعلى منصة أتيليه القاهرة ألقى الأبنودى ودنقل وحجازى وعبدالباقى قصائدهم وناقش إدريس والكفراوى وإبراهيم عبدالمجيد أعمالهم وأبدع تليمه وعزالدين إسماعيل فى تفكيك النصوص وقراءتها وفى حديقته كتبت مئات من الروايات والقصص وولدت أجيالا من المبدعين أتوا إلى هذا المكان ليقدموا أعمالهم إلى من سبقهم من الرواد وحتى الباحثين الأجانب والمستشرقين تكون قبلتهم الأتيليه للتعرف على الأدباء ونصوصهم حوالى ثلاثة آلاف مبدع لكل منهم دوره وقيمته ومحبيه هم أعضاء الأتيليه الحاليون، وكثيرون من قبلهم رحلوا فى أوروبا مكان جلس فيه فنان واحد أو شاعر واحد جدير بالحفاظ عليه وكافى أن يتحول إلى متحف والآن تاريخ آلاف من المبدعين المصريين والعرب الذين احتضنهم هذا المكان معرض للاندثار وحل مجلس الإدارة وبالتالى عودة المبنى إلى الورثة. 
نزاعات طويلة منذ سنوات حول أتيليه القاهرة تتأرجح بين وضعه كجمعية تابعة لوزارة التضامن وتخضع للقوانين التى تخص الجمعيات بدون مراعاة لقيمته الثقافية والتاريخية وبين وجود ورثة للعقار الذين بالطبع يسعون بكل الطرق للحصول على ميراثهم. 
ستظل مشكلة هذا الإرث الثقافى قائمة وممتدة وتسويف حلها لن يفيد بشيء إذا لم تتدخل الدولة بحلها حلًا جذريًا ومن وجهة نظرى أعتقد بضرورة تعديل وضع الأتيليه القانونى بما يتناسب مع مكانته الثقافية ودوره الرائد وضروره ايجاد حل مع ورثة مالكة العقار بتسوية مالية مرضية لهم أو شراء المبنى منهم.