الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نحن نقص عليك| محمد.. ميلاد نبي الهدى

 القرآن الكريم
القرآن الكريم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يزخر القرآن الكريم بالقصص التى لم تكن مجرد عرض للتسلية وإنما ليزداد المؤمن ثباتًا على الحق وإصرارًا على مواجهة الباطل، من خلال إطلاعه على مواقف الأنبياء والمرسلين وقصصهم. وكان القصص القرآنى له النصيب الأكبر من قبل علماء المسلمين والباحثين والمفكرين، وخلال شهر رمضان المبارك نستعرض سيرة الرسل والأنبياء حتى تكون عبرة ونهجًا وصراطًا مستقيمًا نسير عليه.
{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِى إِسْرَائِيلَ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ}
بعد أن فشل أبرهة الحبشى فى مهاجمة مكة تدمير بيت الله «الكعبة»، وكان عبدالمطلب قد جاوز السبعين، وكان ابنه عبدالله فى الرابعة والعشرين من عمره فرأى أن يزوجه، فاختار له آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، وأقام عبدالله مع آمنة فى بيت أهلها ثلاثة أيام، وحينما انتقل إلى منزل أبيه عبدالمطلب لم يقم طويلًا، إذ خرج فى تجارة إلى الشام، وتركها حاملًا، ومكث عبدالله فى رحلته عدة أشهر، لكنه مرض واضطر للمكوث عن أخواله بالمدينة، فلما عرف عبدالمطلب بعث له الحارث أكبر أبنائه ليعود بعبدالله، ولكنه حين بلغ المدينة علم بنبأ وفاة أخيه، وأنه تم دفنه، ووقتها حزن عبدالمطلب حزنًا شديدا على ابنه، الذى قام بفدائه بفداءٍ عظيم لم تسمع العرب عنه من قبل، وذهب عبدالله تاركًا بعده خمسة من الإبل وقطيعًا من الغنم وزوجته العروس الحامل، وتقدمت بأمنة أشهر الحمل حتى وضعت غلامًا، وحينما بُعث النبأ لعبدالمطلب وكان وقتها عند الكعبة المشرفة، فرح فرحًا شديدًا، وأسرع إلى زوج ابنه وأخذ الطفل بين يديه، وسار حتى دخل الكعبة وسماه محمدًا، وكان الاسم غير متداول بين العرب، لكنه كان معروفًا، وردّ الجدّ الصبى إلى أمه، وجعل وإياها ينتظران المراضع من بنى سعد، لتدفع الأم بوليدها إلى إحداهن، وذلك وفق عادات أشراف العرب من أهل مكة، وكان ميلاد محمدٍ فى الثانى عشر من شهر ربيع الأول، فى شهر أغسطس عام ٥٧٠ ميلاديًا. 
وفى سابع يوم من مولده أمر عبدالمطلب بجزور فنحر، ودعا رجال قريش فحضروا وطعموا، ولما علموا أن اسم الطفل محمدًا، سألوه لم رغب عن أسماء آبائه؟ فقال أردت أن يكون محمودًا فى السماء لله وفى الأرض لخلقه. 
ولكن قابل الطفل اليتيم معركة كبيرة، والتى بدأت من لحظة ميلاده ألا وهى الرضاعة، والبحث عن مرضعٍ، فكانت آمنة تنتظر مجيء المراضع من بنى سعد لتدفع به إلى إحداهن كعادة أشراف العرب، حيث كانوا يبعثون أبناءهم إلى البادية فى اليوم الثامن من مولدهم، ثم لا يعودون إلى الحضر حتى يبلغوا الثامنة أو العاشرة، وتوافد العديد من المرضعات لتأخذن الرضيع، وكان منهن ثويبة جارية عمه أبى لهب، والتى أرضعته لفترة قصيرة، ومن ثم جاءت المراضع من بنى سعد إلى مكة يلتمسن الأطفال، ولكنهن كنَّ يعرضن عن الأطفال الأيتام؛ لأنهن كن يرتجين البر من الآباء، أما اليتامى فكان الرجاء فيهم قليلًا، لذلك لم تُقبل واحدة من أولئك المراضع على محمد، حتى جاءت حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية التى أعرضت عن محمد فى أول الأمر، ذلك لأنها كانت إلى جانب من ضعف الحال، فلما أجمع القوم على الانطلاق عن مكة قالت حليمة لزوجها الحارث بن عبد العُزى: والله إنى لأكره أن أرجع مع صواحبى ولم آخذ رضيعًا، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم ولأخذنه! وأجابها زوجها لا عليك أن تفعلي، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة، وبالفعل أخذت حليمة محمدًا وانطلقت به مع قومها إلى البادية، لتبدأ رحلة معجزات النبى صلى الله عليه وسلم. 
فمنذ أن أخذته حليمة وحلت البركة على بيتها، فسمنت غنمها وزاد لبنها، وبارك الله لها فى كل ما عندها، وأقام محمد فى الصحراء سنتين ترضعه حليمة وتحضنه ابنتها الشيماء، ويجد هو فى هواء الصحراء وخشونة عيش البادية ما يسرع به إلى النمو ويزيد فى وسامة خلقته وحسن تكوينه، فلما أتم سنتيه وآن فصاله ذهبت به حليمه إلى أمه، ثم عادت به إلى البادية، ليقيم الطفل عامين آخرين بالصحراء يمرح فى جو باديتها الصحو الطلق لا يعرف قيدًا من قيود الروح ولا من قيود المادة.