الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أخلاقيات المسلم (4)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما زلنا نرصد بعض الآداب والأخلاقيات الإسلامية التى تناسيناها فى زحام الحياة العصرية، تلك الحياة التي جعلتنا نعيش فى جزر منعزلة رغم قرب المسافات، فكل واحد فينا يعيش اليوم مع هاتفه المحمول، وعبر ما يسمى بمواقع التواصل الاجتماعي أكثر مما يعيش مع أقرب المقربين له، وجميعنا يخاطب أشخاصًا غرباء عنه، يختفون وراء أسماء وصفات وهمية، وينصبون أنفسهم قضاة وعلماء وخبرات فى مختلف المجالات، وسحر هذه المواقع يدفعك للبقاء طويلًا معها فيسرق منك عمرك دون أن تدرى، وتظل عائشًا وحدك فى عالم افتراضى غير حقيقى مستسلمًا لأفكار غيرك أو على الأقل فإنك تدور فى فلك غيرك مهدرًا جهدك ووقتك وطاقتك، ومتكاسلًا عن العبادات وعن السعى إلى الرزق أو إلى ما يفيد البشرية من عمل وقضاء لمصالح الناس، وفى الوقت ذاته فإنك تستنفد أموالًا فى باقات وكروت شحن وما إلى ذلك ثم تشتكى الفقر والعوز وغلاء الأسعار.
وقد ثبت علميًا أن الإنترنت يصيب المرء بالإدمان تمامًا كالمخدرات فيأتى عليك اليوم الذى لا تستطيع فيه البعد عن الإنترنت وتراك فى حالة عصبية حال انقطاعه عنك أو انتهاء باقتك تمامًا كالذى لا يتعاطى جرعة المخدرات الخاصة به، وهكذا فإن أعمارنا تضيع هباء أمام شاشات الهواتف والتى أفقدتنا الإحساس بالزمن وغيرت فينا بعض العادات والتقاليد التى كنا نتوارثها والتى هى من مجمل الآداب والأخلاقيات الإسلامية، فعلى سبيل المثال أصبحنا لا نتزاور كما كنا نفعل فى الماضى، فصار الشاب لا يعرف عمه وصارت الشابة لا تعرف ابنة عمتها وأصبحنا نكتفى برسائل الأعياد والمناسبات، بل أننا لا نعرف اليوم جيراننا وتلك مصيبة كبرى، فللجار على المسلم مجموعة من الحقوق وعنها قال صلى الله عليه وسلم «ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» وقوله «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذى جاره» وقوله: هى فى النار للتى كانت تصوم النهار وتقوم الليل ولكنها تؤذى جيرانها، وها قد جاء الزمن الذى لا نعرف فيه شيئًا عن جيراننا، حتى السلام لا نقرأهم إياه، وقد ننظر إليهم نظرات حسد وغل، رغم أن المسلم يجب ألا يحسد، فهو يحب الخير للجميع ويؤثر الناس على نفسه، قال صلى الله عليه وسلم «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا، فلا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» وقال «إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو العشب».
وخلاصة القول إن كل الخصال الحميدة الجميلة هى مستقاة من الإسلام وكل الخصال الكريهة ليست من الإسلام في شيء، ولكن بعض الذين رفعوا لواء الإسلام أساءوا له وجعلوا العالم ينظرون له باعتباره دين الهمجية والقتل والإرهاب وهو أبعد ما يكون عن ذلك.