الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

حكايات مجهولة| أبو دلامة ومكيدة المنصور

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نقل ابن المعتز فى كتابه «طبقات الشعراء» حكاية طريفة عن الشاعر العباسى الساخر أبى دلامة، فقال إنه لما مات أبو العباس السفاح الخليفة الأول لبنى العباس، دخل أبو دلامة على أبى جعفر المنصور والناس تعزيه، وراح يقول شعرا: «إنى سألت الناس بعدك كلهم / فوجدت أسمح من رأيت بخيلا/ ألشقوتى أخرت بعدك للذي/ يدع السمين من العيال هزيلا»، وفى الأبيات تلميح ببخل المنصور، مما جعله يستاء من الأمر، فغضب المنصور غضبا شديدا، وقال: لئن سمعتك بعدها تنشد هذه القصيدة لأقطعن لسانك. فقال أبو دلامة: إن أبا العباس كان لى مكرما، وهو الذى جاء بى من البدو، كما جاء يوسف عليه السلام، بإخوته، فقل كما قال: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} فقال له: أقلناك فسل حاجتك. فقال أبو دلامة: قد كان أبو العباس أمر لى بعشرة آلاف درهم وخمسين ثوبًا فى مرضه، ولم أقبضها، فقال المنصور: ومن يعلم ذلك؟ فقال: هؤلاء وأشار بيده إلى جماعة ممن حضره، فقام سليمان بن مجالد وأبو الجهم فقالا: يا أمير المؤمنين، صدق أبو دلامة ونحن نعلم ذلك.
فقال المنصور للخازن: يا سليمان ادفعها إليه وأخرجه فى هذا الجيش الخارج إلى الطاغية، يعنى عبدالله بن على - وكان قد أظهر الخلاف بالشام، ودعا إلى نفسه وجمع جمعا كثيرًا وبقايا أصحاب مروان الأموي، وخاف المنصور أن يتمادى أمره.
فوثب أبو دلامة وقال: يا أمير المؤمنين أعيذك بالله أن تخرجنى مع هذا العسكر؛ فإنى والله مشئوم، فقال المنصور: إن يُمنى يغلب شؤمك فاخرج مع العسكر. فقال أبو دلامة: يا أمير المؤمنين، ما أحب لك أن تجرب ذلك، فإنى لا أدرى أى المنزلتين تحصل، ولا آمن أن يغلب شؤمي، فقال له: دع عنك هذا، فما لك بد من المسير فى الجيش، قال: يا أمير المؤمنين والله لأصدقنك، إنى شهدت تسعة عساكر كلها هزمت، فأنا أعيذك بالله أن تكون العاشر.
ومن جراء طرافة حديث أبى دلامة ومحاولاته المستميتة فى التخلص من الخروج مع الجيش، ضحك الخليفة المنصور كثيرا، وأمره بالمقام مع عيسى بن موسى فى الكوفة وأعفاه من الخروج للحرب.