الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

قبطي على مائدة رمضان.. حكاية كاهن بالأقصر اعتاد تزيين شرفة منزله بـ"فانوس رمضان"

القمص مينا جاد جرجس
القمص مينا جاد جرجس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اعتاد القمص مينا جاد جرجس، كاهن كنيسة السيدة العذراء مريم، بمدينة إسنا جنوب الأقصر، منذ اكثر من ٣٠ عاما، على مشاركة جيرانه المسلمين فرحة دخول شهر رمضان الكريم، عبر تزيين شرفة منزله بـ«فانوس» مختلف كل عام، حتى أصبح مشهورا بتلك العادة منذ قدومه إلى المدينة، والتى عكست روح المحبة والود بين مسلمى وأقباط مصر، ولاقت تفاعلا كبيرا من المواطنين معربين عن سعادتهم بتصرف القمص، مؤكدين أن تلك الروح هى روح مصر الحقيقية.
يقول القمص مينا، صاحب الـ٦٦ عاما: «منذ أكثر من ثلاثين عاما تحديدا فى فبراير ١٩٨٠، انتقلت من قرية الضبعية التابعة لمركز القرنة غرب الأقصر، إلى السكن فى شارع السعودية بعزبة مروان بمدينة إسنا، للعمل راعيًا لكنيسة العذراء مريم، بعد أن حصلت على بكالوريوس العلوم اللاهوتية، ولاقيت ترحيبا كبيرا من صاحب المنزل حفنى مكى بكير، الذى أنزلنى منزلة الوالد، وجمعتنى علاقة طيبة به ومن بعده أولاده، كما لاقيت تعييدًا ومجاملة من قبل جيرانى المسلمين فى جميع المناسبات القبطية».
وأضاف: «بدأت فى تعليق فانوس رمضان منذ سكنى فى هذا المنزل، منذ ذلك الوقت وأنا أشارك إخوانى وأصدقائى وجيرانى المسلمين فى الاحتفال بالشهر الكريم المحبب لقلوبهم بصورة سنوية، من خلال تهنئتهم بقدوم الشهر وتزيين شرفة منزلى المطلة على الشارع بفانوس رمضان وإنارته من الداخل، فعادة أشترى فانوسا كبيرا بنقوش لمسجد ونجمة وهلال وأحيانا أخرى أصنع أنا وزوجتى الفانوس من الورق الملون، كما أهدانى أحد جيرانى فانوسًا آخر فى إحدى المرات».
وتابع: «البعض يرى أن هذه أشياء بسيطة وعابرة، لكن برغم رمزيتها إلا أنها مؤثرة جدًا وتخلق نوعا من المحبة والألفة بين الجميع، ومثل هذه الأمور تعد حائط صد للفتن وتعبيرا عن النسيج الوطنى الواحد الذى يربط بين المسلم والمسيحى لا فرق بينهما، فشعب مصر لم يعرف يومًا طريقًا نحو التفرقة، وإن الوحدة والترابط بين مسلمى وأقباط هذا الشعب هى سر القوة التى تواجه أى محاولات خارجية تسعى للنيل من أمن وأمان هذا الوطن الغالي، وأنا نشأت وتربيت بين مجتمع يتقاسم أبناؤه كافة الأحداث والمناسبات السعيدة والحزينة، لهذا فإن الاحتفال بشهر رمضان المبارك يعد من المناسبات المهمة التى تحتل مكانة كبيرة فى قلبي، كما أن تعليق الفانوس يشعر المسلمين بالغبطة والسعادة».
وأشار إلى كون الفانوس عاملًا مشتركًا فى المحبة بين المسلمين والمسيحيين، فالمسيحيون فى عيد الغطاس فى يناير من كل عام، اعتادوا على حمل الفانوس أيضا والاحتفال بالعيد داخل الكنيسة، كما أن الدولة الإخشيدية كانت تقوم بتوزيع الفوانيس سنويًا على المسيحيين للاحتفال بهذا العيد، لافتا إلى أنه أعد كتابًا بعنوان: «كرامة العذراء فى الإسلام» فى عام ٢٠٠١، يوضح فيه مكانة السيدة مريم البتول فى القرآن الكريم والسنة النبوية ولدى أئمة ومشايخ المسلمين، وقام بإهدائه إلى مشايخ إسنا، لنشر المحبة والمودة بين المسلمين والأقباط.
واعتبر القمص مينا «الفانوس» رمزًا للنور والمعرفة، وإبادة الظلام والجهل، وفتح العقول لمعرفة معنى مصر والوحدة الوطنية، بقوله: «الفانوس ده إشارة روحية ممتازة لمن يريد أن يفهم والسيد المسيح قال «أنتم نور العالم ولا يمكن أن تخفى مدينة كائنة على جبل» فالفانوس يرمز إلى النور الذى يرمز بدوره إلى الاستقامة والطريق المعتدل كما أن الله هو نور العالم الذى يبدد الظلمة رمز الخطية والشيطان الذى يستحوذ على عقول البشر كما أن المحبة هى أساس بنيان المجتمع والنفوس والأوطان بخلاف البغض أو الكراهية وربنا قال من يبغض أخاه فهو قاتل نفس ويمكث فى الظلام ولا يرى النور».
من جانبها، قالت فكرية محارب – زوجة القمص مينا- إنها عندما انتقلت للسكن فى شارع مروان بإسنا، وجدت كل الحب والمودة من جيرانها المسلمين، حيث يقفون بجوارها فى أفراحها وأحزانها، مضيفة: «أطفال الشارع ينادونى بـ«عمتي»، مشيرة إلى أنها تشعر بالفرح كثيرًا بتعليق الفانوس سنويًا فى شرفتهم، وأن هذا يعود بالإيجاب والسعادة على جيرانها».