الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

متصوفة عاشقون.. ابن عربي يوجه رسائل في مداواة النفوس لأصدقائه

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتب الشيخ محيى الدين ابن عربى رسالة «الروح القدس» أثناء إقامته فى مكة لصديق له فى العام ٦٠٠هـ، كما صرح بذلك فى نهاية رسالة موجهة لصديقه أبى محمد بن عبدالعزيز بن أبى بكر القرشى المهدوى نزيل تونس، وهو بذلك يجرى على نفس عادة القدماء، فى توجيه مؤلفات صغيرة الحجم، كرسالة لصديق أديب أو عالم مُقرب.
يكتب هذا النص إلى صديقه، يبتغى فى المقام الأول الثواب؛ لأنها على أي حال فيها ذكر لله، وذكر الفضلاء من أهل الله يجلب النفع والبركة أيضا، وهو بحاجة إلى أن يثبت لصديقه أن الزمان مهما تقدم لا يخلو من الرجال السائرين «إنما ذكرت لك هؤلاء - يقصد رجال الطريق - فرحا أن الزمان والحمد لله لم يخل من الرجال الجارين على أسلوب المتقدمين باختلاف أحوالهم»، والرجل الصالح الذى نَعم بلقاء رجال الطريق يتألم، ويجد نفسه فى حاجة لذكرهم، والتأكيد أن فراقهم يتعب النفس، فى الوقت الذى يحرضها على الاقتداء بهم والتأسى بأحوالهم «تعال نقم مأتما للفراق ونندب إخواننا الظاعنين».

إن النص الرائق الذى كتبه الشيخ استهدف تنبيه النفس، فرسالته تحوى حوارًا ماتعًا، دار بينه وبين نفسه، يقيم عليها الحجة؛ ليأخذها بالشدة بدلا من أن تأخذه هى باللين. نص متدفق سهل يستدعى فيه حال أويس القرني، وحال فقراء الصحابة وأحوال السادة الفقراء إلى الله فى طريق القوم.
يذكر الشيخ ذلك ناصحا نفسه قبل أن يوجه نصيحته إلى صديقه؛ لأن النصح واجب عليه لأحبابه، يقول: «إن النصح أولى ما تعامل به رفيقان وتسامر به صديقان. وقلما دامت اليوم صحبة إلا على مداهنة... وكل إنسان يقبل النصح من غيره لا من نفسه... لأن النفس عمياء عن عيوبها بصيرة بعيوب غيرها».
والنصيحة لها مكانة عالية فى التراث الصوفى، يقول المحاسبي: «واعلم أن من نصحك فقد أحبك، ومن داهنك فقد غشك، ومن لم يقبل نصيحتك فليس بأخٍ لك». ورسالته مليئة بالمسائل والمواعظ التى يقصد بها النصح والتذكير وإتحاف السامع وإمتاع المتلقي.