الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

أعياد القمح.. موسم حصاد "سنابل الخير" فى "عروس الصعيد"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«سنابل الخير» اسم جميل أطلق على القمح، الذى يعد من أهم المحصولات التى ينتظر الفلاحون حصادها لما يعود عليهم من خير كثير، وهنا فى محافظة المنيا، يمكنك رؤية الحقول الممتدة على مساحات شاسعة وهى تضم «السنابل الذهبية» التى تتجمع مع بعضها لتشكل مشهدا رائع الجمال، بعد نضج حبات القمح، فيما الابتسامات تغمر وجوه الصغار والكبار فرحا بموسم حصاد القمح، والذى تزامن مع شهر رمضان المبارك، والسعادة ترتسم على وجوه الفلاحين فرحا بحصاد القمح، وهم يغنون تلك الأغنية الشائعة التى توارثتها الأجيال «القمح الليلة يوم عيده.. يارب تبارك وتزيده» 
العم على.. ابتسامة مشرقة تتحدى التعب 
«البوابة نيوز» التقت بعض الفلاحين من عشاق زراعة «سنابل القمح» الذهبية، ومنهم «على. ن - ٥٠ عاما - من قرية «بنى عبيد» التابعة لمركز «أبو قرقاص» بالمنيا»، ورغم كبر عمره إلا أنه كان نشيطا وهو يترنم بأغنيات حلوة تحت وهج الشمس الحارقة، تعلو وجهه ابتسامة عريضة وهو يقوم بحصاد القمح وربط أكوام القش، بعدها يقوم بالدريس وتعبئة القمح فى الأجولة، ويقول: «نفرح كثيرا بموسم حصاد القمح فهو حصاد تعب وشقاء العام كله، والفدان يحتاج حصاده ليومين أو ثلاثة، وعادة نبدأ بحصاد أعواد القمح كاملة باستخدام المناجل، ثم تترك على الأرض لعدة أيام، بعدها يتم تربيط القش إلى أكوام، باستخدام حبال الليف المصنوعة من النخيل، وبعدها بيوم يتم «تجرين الأكوام» إلى كوم كبير نسميه «الجرن»، ومن ثم البدء فى الدراس بواسطة الدرّاسة، التى تفصل الغلال، عن التبن ومن ثم نقل المحصول والتبن الذى يستخدم للماشية إلى المنزل.
ويضيف على قائلا: «فى أيام الحصاد نصحو فجرا أنا والأبناء، نفطر معا ونشرب الشاى، ونتوجه بعدها للحقول لنبدأ فى حصاد القمح الذى ننتظره من العام للعام، وعادة ما نزوج بناتنا وأولادنا فى موسم الحصاد، مشيرا إلى أنهم يتمنون حل مشكلة الرى التى تواجهنا كل عام للتيسير على الفلاحين، الذين يجدون صعوبة بالغة فى رى محصول القمح، وذلك حفاظا على زراعة القمح وتخفيف معاناة الفلاحين.
«سنابل الخير» تعانق الأيدى الشقيانة
«رموشها ذهبية وضفائرها شمس فجرية.. تتمايل فى حقول الذهب وتنادى السواعد تحصد قمح الصيفية».. بتلك الكلمات يبدأ «أحمد عبدالمنعم إسماعيل- فلاح - من محافظة المني»، كلماته لـ«البوابة»، وهو يقف عند ماكينة دراسة القمح، تحت وهج حرارة الشمس التى تفرش سخونتها على مساحات شاسعة من سنابل القمح قائلا «وابتسامة تعلو وجهه»: نشكر الرئيس السيسى الذى وقف بجانب الفلاح حينما أعطى أوامره برفع سعر توريد طن القمح، موضحا أن موسم حصاد القمح يعد عيدا للفلاحين ينتظرونه كل عام، لما ينتظرونه من الخير الكثير خلاله، موضحا أن الاحتفال بحصاد القمح يعود إلى عصور قديمة فى مصر، فالقمح ومنذ القدم كان يعد الغذاء الرئيسى للمصريين، وقديما كانوا يضعون فى حقول القمح «عروسة القمح أو باكورة القمح»، والتى يتم فيها تضفير سنابل القمح مثل العروس، فى تقليد استمر منذ عصور الفراعنة وحتى وقت قريب، لافتا إلى أن الفلاح عادة كان يترك كوم من القمح المحصود ويتركها أمام حقله، ليأخذ منها كل من يمر أمامه، لتزيد بركة المحصول، وكان يسمى ذلك «البروكة» وهى كلمة مشتقة من البركة.
«ورونا الهمة يا رجالة»
نواصل اللقاءات مع أصحاب الوجوه المشرقة والبشرة السمراء، التى تتساقط منها حبات العرق مختلطة بابتسامتهم الصافية وهم يحملون أكوام القش وعيدان القمح على رءوسهم غير مبالين بحرارة الجو فى نهار أيام رمضان المبارك، ومنهم سلامة رمضان ومحمد سامى، شباب فى بدايات العشرينات من العمر، يعملون خلال مواسم الحصاد لمساعدة أسرهم وأنفسهم، وعن موسم حصاد القمح، يقول «محمد سامى -٢٥ عاما - دبلوم زراعى»، أعمل فى موسم حصاد القمح منذ صغري، حصلت على دبلوم زراعى، وكنت أتمنى مواصلة دراستى فى كلية الزراعة، إلا أن حالة الأسرة المادية لم تسمح لي.
ويضيف قائلا: «المقابل المادى ليس هو المكسب الحقيقى من مشاركتى فى حصاد القمح، ولكن كمية القمح التى نحصل عليها فى نهاية اليوم، تساعد أسرتنا طوال العام؛ حيث نخبز منها، مضيفا أن موسم الحصاد يعد عيدا للفلاحين خاصة الفقراء منهم ينتظره الجميع كل عام مثل موسم جنى القطن، حيث يحدد فيهم مواعيد الزواج والأفراح وعقد القران بعد قبض أثمان المحاصيل، لدفع المهور ومصروفات العرس، ويتجمع العمال والمزارعون والأطفال سويًا وسط حقول القمح، ونتقاسم العمل لإخراج حبات الذهب الأصفر، مضيفا أنه ما أحلى إفطار رمضان وسط الحقول الذهبية، مشيرا إلى أنهم عقب انتهاء العمل، يتجمعون فى الحقول ويتسامرون سويا حتى الليل.
ومن محمد إلى «سلامة رمضان - ٢٦ عاما - عامل أجير»، يقول: «حصاد القمح هو الموسم الذى ينتظره الجميع هنا طوال العام، لأنه المحصول الرئيسي، الذى يعتمد عليه الفلاح ليدبر مصروفاته، كما أنه موسم الفرح فى كل منازل القرية، ويبدأ تجهيز العرسان، مشيرا إلى أن الفلاحين أو غالبيتهم لا يزالون يحصدون القمح بالآلات الزراعية القديمة، ومنها «المحش» الذى يسبب تشقق الأيدى، إلا أنه يعد أداة ضرورية تساعد الفلاح فى قطع سنابل القمح، لافتا إلى أن أخطر ما يصادفونه خلال حصاد القمح، هو تكاثر الثعابين والعقارب خاصة لارتفاع درجات الحرارة، مضيفا أنهم يتمنون توفير أمصال العقارب والثعابين بصفة مستمرة بالوحدات الصحية، لتفادى المخاطر التى يتعرضون لها فى الحقول الزراعية. 
الضجيج فى حقول الذهب الأصفر 
فى حقول القمح دوما وبجوارها ستلمح «الجرار»، وخلفه ماكينة حمراء يجلس وراءها سائق، منهم «جمال. ن - ٣٣ عاما - سائق»، يقول: «أعمل سائق جرار زراعى، وأنتظر موسم حصاد القمح كل عام، وحينما أعرف أن أحد المزارعين سيبدأ الحصاد، أتوجه إليه وأعرض عليه العمل، مضيفا أن مهمته هى تشغيل الجرار بعد تثبيت عجلاته على رافع حتى لا يتحرك، وربط سير الجرار بماكينة الحصاد حتى تعمل عندما يدور الجرار، ومن حين لآخر لا بد من مسك السير حتى لا يخرج عن مساره أثناء الدوران فى الربط بين الجرار والماكينة، موضحا أنه عادة ما يستغرق حصاد الفدان فى الدراسة من ٧ إلى ٨ ساعات متواصلة، لافتا إلى أنه قديما كان يستعمل «النورج اليدوي»، الذى كان يستخدم فى عملية الدراس، إلا أنه ظهرت بدلا منها «آلة الدراسة»، التى وفرت وقتا وجهدا فى فصل الغلال عن التبن فى عملية الدراس».. مختتما كلماته بالقول: «موسم حصاد القمح عيد للفلاحين، فالأفراح تعم بيوتهم خلاله».