الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

منابر لها تاريخ| الجامع العمري.. أقدم وأشهر مساجد قوص

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للعقيدة الإسلامية أثر بالغ فى نفوس معتنقيها لسماحتها وملاءمتها للنفس البشرية، وهو الذى انعكس بشكل كبير على الفنون فى شتى مجالاتها، كان أبرزها العمارة الإسلامية. فعلى مدار شهر رمضان المبارك تأخذكم «البوابة» فى رحلة بين مساجد مصر وأضرحتها، لنتعرف على تاريخ نشأتها، وتأثيرها الروحانى فى قلوب مُرتاديها. 
يُعد الجامع العمرى بقوص من أشهر مساجد قوص بل وأقدمها، وسمى بهذا الاسم نسبة إلى الجامع العمرى بالفسطاط، ويرجع تاريخه إلى العصر الفاطمي، ولكن التغيرات والتجديدات التى أدخلت عليه أفقدته الكثير من معالمه الأصلية، فقد تغير كثير من عقوده الداخلية فى إيوان القبلة، والتى قام بها محمد بك قهوجى سنة ١٢٣٣ هجريًا، كما أن التجديدات التى حدثت للمئذنة أفقدت المسجد وجهاته الرئيسية، وشارك فى إعماره العديد من الأمراء فى عدد من الأمنة، والتى بدأت فى العصر المملوكى والعصر الأيوبي، كما يُعد من أكثر مساجد مصر احتواءً على اللوحات التذكارية التى تثبت كل إضافة أو عمليات الترميم والإصلاح. 
ويحتوى المسجد على منبر ذى أهمية كبيرة، لأنه يُعد من أقدم منابر مصر والمؤرخ فى عام ٥٥٠ هجريًا، وهو مصنوع من الخشب الساج الهندى المحفور حفرًا بارزًا والمزخرف، كذلك بالحشوات المجمعة التى بدأت تظهر فى أواخر العصر الفاطمى فى القرن السادس الهجري، وقد تم تسجيل تاريخ المنبر على لوحة تذكارية فوق باب المنبر وهى مكتوبة بالخط الكوفى المزهر ٧ سطور تاريخ المنبر واسم منشأة.
وفى منتصف البائكة الثالثة فى إيوان القبلة يوجد محراب يرجع تاريخه إلى العصر المملوكي، زخرفت واجهته بزخارف جصية قوامها عناصر نباتية وهندسية بديعة التكوين، وتشبه زخارف هذا المحراب زاوية زين الدين يوسف بالقاهرة، وكذا المحراب المملوكى فى جامع عمرو بن العاص، ويحيط بالمحراب كتابة بالخط الثلث المملوكي، كما توجد مقصورة من الخشب الخرط فى نهاية البائكة الرابعة والخامسة من إيوان القبلة، وتُعد غاية فى الأهمية، أما الجانب الشرقى من المقصورة فهو مازال يتحدى الزمن وباق على صورته الأولى، ويتكون من حشوات سداسية الشكل يحيط بها من أعلى وأسفل أشرطة من خشب الخرط الذى انتشر استعماله فى العصر المملوكي. 
أما كرسى المصحف والموجود بداخل المقصورة، فهو من الخشب المصنوع بطريق الحشوات المجمعة والمطعم بالعاج والصدف، ويحيط بالكرسى شريط من الكتابة بالخط النسخ المملوكى وتتكون الكتابة من آية الكرسي، وعبارة «أمر بإنشاء هذا المصحف المبارك المقر الكريم العالى المولى الأميرى الأجلى عز الدين خليل الماكلى الناصرى أعز الله أنصاره بمحمد وآله»، ومن المرجح أن يكون منشئ الكرسى والمقصورة هو منشئ المحراب المملوكى بالبائكة الثالثة بإيوان القبلة، أى أنها جميعًا ترجع إلى أوائل القرن الثامن الهجري.
ويوجد أمام المحراب المملوكى عامود من الرخام تعلو تاجه «طبلية» خشبية عليها نصان من الكتابة الكوفية، والتى تم نقلها إلى متحف الفن الإسلامى بالقاهرة، والتى تم تحقيق الكتابة عليها وقراءتها «جاستون فيت»، والتى احتوت على تاريخ ٤٧٣ هجريًا، وهو الشيء الذى يرجح أن صاحب أو منشئ ذلك المسجد هو بدر الدين الجمالى أمير الجيوش، خلال عهد الخليفة المستنصر بالله، أما فى عام ٥٥٠ هجرية فقد أمر الصالح صلائه وزير الخليفة الغائر بعمل المنبر المبارك. 
ومن أهم أجزاء المسجد هى القبة الموجودة فى الركن الشمالى الشرقي، وهى منفصلة عن المسجد ويتم التوصل إليها من خلال المرور من دورة المياه، وتقوم القبة على أربعة عقود يعلوها فى الأركان صف من المقرنصات، وقد أنشأ هذه القبة مقلد بن على بن نصر خلال العصر الأيوبي، وبالتحديد فى العام ٥٦٨ هجريًا، كما يحتوى المسجد على لوحة تذكارية على باب الميضة، ونقش فى وسطه شكل مشكاة، وكتب عليها اسم المقرئ الشيخ الصالح جمال الدين محمد الناجي.