الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

بورتريه| حسن حشمت.. رمز فني لا ينتهي

الخزاف حسن حشمت
الخزاف حسن حشمت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
روح الوطنية التي أخلفتها ثورة ١٩١٩ ضد الاستعمار الإنجليزى لم تؤثر على رواد الحركة الثورية فقط، بل تغلغلت حتى بداخل قلوب أجيال لم تشهد أعينها وقائع الثورة، والحلقة السادسة عشرة من «بورتريه» تدور حول إخلاص فنان لأعماله ولوطنه، إنه الخزاف «حسن حشمت».
وُلد «حشمت» عقب ثورة ١٩١٩ بعام واحد فى المنوفية، وكعادة الأجواء الريفية التى باستطاعتها إخراج ما بداخل الشخص من مواهب لهدوء الجو ونقائه، استطاع حسن حشمت من تحديد هدفه الدراسي والشخصي فاتجه نحو كلية الفنون التطبيقية قسم الخزف ليبدأ بذلك أولى خطواته الفنية وهو فى الثامنة عشرة من عمره.
واستمر الخزاف فى تلقى العلم حول النحت والخزف، فالتحق بالمعهد العالى للتربية الفنية للمُعلمين وحصل على الدبلوم منها، وبعد الانتهاء منها اتجه فى منحة نحو ألمانيا الغربية لدراسة فن البورسلين، وما لبث أن انتهى من المنحة، عاد من جديد بفن جديد، فكان أول من أنتج التماثيل الصغيرة التى تُعبر عن روح مصر بحاضرها وماضيها مستخدمًا خامة البورسلين.
وكان هذا بمثابة حدث فى البيوت المصرية، والتى عرفت منذ هذا الوقت فى مطلع الستينيات فكرة إدخال التماثيل الصغيرة، واستمرت هذه الظاهرة حتى بدايات الثمانينيات ثم تحول إنتاج الفنان «حسن حشمت» بعد ذلك نحو الاهتمام بالتماثيل المُتوسطة والحجرية الكبيرة منذ ذلك الوقت وحتى آخر أعماله.
لم تقتصر إبداعات «حشمت» عند هذا الحد، فإيمانه الكبير بالفن قاده نحو إهداء قصره بحى عين شمس فى القاهرة إلى وزارة الثقافة منذ عام ١٩٩٨، فهى فيلا ذات مساحة وفيرة تصل إلى ١٢٠٠ م٢، ولكن كانت له بعض الشروط من أهمها أن تبقى زوجته تسكن بالدور العلوى بالفيلا حتى آخر لحظة فى عمرها، وتحقق بالفعل هذا الحلم بعد مرور عشرين عامًا من التطوير والصيانة وتم افتتاحه فى العام الماضى ٢٠١٨.
وفى وقت إهداء الفنان لفيلته كانت تحتوى على ٢٣٥ قطعة نحتية وخزفية، هذا إلى جانب بعض تماثيله ولوحاته الحجرية والخزفية الأصلية التى يهتم فى معظمها بموضوعات من الشارع المصرى والروح المصرية، فكان الفنان شديد الاهتمام بالفن ونشره وجذب الفنانين والدارسين إلى متحفه الذى يُعد صرحًا هائلًا يمكن تعلم الكثير من خلاله.
جذب «حشمت» الفنانين من حول العالم، وذلك بحصوله على الميدالية الفضية ثم الذهبية فى مسابقات الخزف الدولية فى إيطاليا، هذا إلى جانب حصوله على الجائزة الأولى لإقامته نصبًا تذكاريًا لكنيسة ببلجيكا فى إطار مسابقة دولية، وهو فى الخمسين من عمره، أضاف «حشمت» الكثير للتاريخ الفنى خلال مشواره، وأثبت مدى صدق مشاعره اتجاه الوطن قبل وفاته بحوالى عشرة أعوام، واستمر فى التعبير عن حبه للوطن فى أعماله من خلال معارضه المحلية والدولية، وذلك حتى رحل جسده عن الحياة عن عمر ستة وثمانين عامًا، ولكن قصره لا يزال شاهدًا عما أضافه هذا الفنان الكبير.