الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نحن نقص عليك| إبراهيم.. «الخليل» والأصنام

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يزخر القرآن الكريم بالقصص التى لم تكن مجرد عرض للتسلية وإنما ليزداد المؤمن ثباتًا على الحق وإصرارًا على مواجهة الباطل، من خلال إطلاعه على مواقف الأنبياء والمرسلين وقصصهم. وكان القصص القرآنى له النصيب الأكبر من قبل علماء المسلمين والباحثين والمفكرين، وخلال شهر رمضان المبارك نستعرض سيرة الرسل والأنبياء حتى تكون عبرة ونهجًا وصراطًا مستقيمًا نسير عليه.
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّى أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ)
لم يستطع سيدنا إبراهيم إقناع أبيه «آزر» بترك عبادة الأصنام، وأن يعبد الله الواحد، وتركه بعد أن وعده بأن يستغفر له الله، وشرع فى دعوة قومه لترك عبادة الأصنام، والتخلى عن الكفر، وأن يعبدوا الله عز وجل وحده لا شريك له، إلاَّ أنهم رفضوا دعوته، ولم يستجيبوا له أو لدعوته.
وأراد إبراهيم أن يبيَّن لهم بالحجة الواضحة ضلالهم، وأن يثبت لهم مرة أخرى أن لا إله إلا الله وحده، وأنه لا يوجد من يستحق العبادة غيره، وأراد أن يبطل كون هذه الأصنام التى يتعبدونها على كونها آلهة، ولهذا بيَّن لقومه مدى عجزها، وعدم نفعها، وطرح عليهم عدة أسئلة، هو يعلم أنهم على علم أكيد بأجوبتها، فكان يريد منهم الانتباه والتيقظ، وكانت من ضمن تلك الأسئلة، هل تسمعكم تلك الأصنام عندما تدعونها؟ وهل تنفعكم؟ وهل تضركم؟ فكانت كل الإجابات بالنفي، وهو الشيء الذى أجاب عليه سيدنا إبراهيم قائلًا: نعم فهى لا تسمع ولا تنفع ولا تضر، لأن الإله لا بد وأن يكون قادرًا على جلب النفع أو دفع الضرر، فكيف تكون تلك الأصنام آلهة وهى عاجزة عن النفع؟ إذن فلماذا تعبدونها طالما أنها ليست آلهة؟ وكان جوابهم بأنهم يعبدونها اتباعًا وتقليدًا لآبائهم، وبعد ذلك أعلن لهم إبراهيم عداوته لتلك الأصنام التى يدعونها بأنها آلهة، بل تبرأ منها أيضًا، وأخذ يثبت لهم بالبراهين والأدلة عدم نفع تلك الأصنام، وأنهم يقوموا بصنعها بأنفسهم فكيف يتعبدون ما قاموا بصنعه ونحته بأيديهم.
وأخذ يبين لهم بعض صفات الله عز وجل، فهو الذى يخلق، والذى يهدي، والذى يطعم، والذى يسقى، وهو الذى يبتلى بالمرض، والذى يشفي، والذى يميت، والذى يحيى ويحاسب الناس يوم القيامة، والله هو الذى يغفر للمؤمنين ويدخلهم الجنة، وهو وحده الإله الرب، فيأمر إبراهيم عليه السلام قومه بعبادة الله وحده، وبيَّن لهم عجز آلهتهم عن فعل أى شيء، حتى ذاع خبر دعوة إبراهيم إلى عبادة الله وانتشر الخبر بين القوم، وكان إبراهيم قد توجه إلى دعوة الملك رأس قومه إلى عبادة الله، فقد وصلت دعوة إبراهيم إلى بلاط الملك، فتوجه إبراهيم إليه داعيًا ومجادلًا.
وكان ملكًا كافرًا مدعيًا للألوهية، وكان الناس يعبدونه من دون الله، فتوجه إبراهيم عليه السلام إليه، وتحدث معه وجادله وناقشه، وأقام عليه الحجة، ثم أفحمه وغلبه، فكان الملك أمام إبراهيم مغلوبًا ومهزومًا ومبهوتًا، ورفض دعوة إبراهيم التى وجهها إليه، والتى كانت تتضمن تخليه عن ادعائه الألوهية، ويعلن خضوعه لله رب العالمين، واستسلامه له، واتخاذه له ربًا، فكان ملكًا مغرورًا، وكحال باقى القوم رفض دعوة إبراهيم.
ولما كان لإبراهيم إلا أن يقوم بتحطيم تلك الأصنام التى أحلت قومه عن عبادة الله عز وجل، ورغم يقينهم بأنها لا تنفع ولا تضر، ففكر إبراهيم وتوصل أنه لا بد من أن يزيل ذلك السبب، وأن يقضى على ذلك الحجاب المانع «وهى الأصنام» والتى تحول دون عبادة الله، لعل قومه يفكرون بدعوته، ولعلهم يؤمنون بعد إزالة ذلك الحاجز المنيع، وفكر فى تحطيمها.
فانتهز إبراهيم عليه السلام الفرصة، وذلك يوم عيدٍ لهم كانوا يخرجون للاحتفال به خارج البلدة، ولم يخرج معهم لهذا العيد فلما كلموه وأرادوا أن يجبروه على الخروج معهم أخذ يفكر فيما يقوله لهم وفى النهاية تحجج لهم بأنه مريض ليتركوه، وبالفعل تركوه وذهبوا لعيدهم، فلما ذهبوا وتركوه أسرع عليه السلام إلى المعبد الذى فيه أصنامهم، ووجد هناك بعض الطعام الذى وضعوه لتباركه لهم آلهتهم المزعومة، فخاطب إبراهيم عليه السلام هذه الأصنام متهكمًا لِمَ لا يأكلون؟! بل لِمَ لا ينطقون؟! هذا إن كانوا آلهة كما يزعم قومه، ثم قام عليه السلام بتكسير هذه الأصنام جميعًا، وترك أكبر صنم لهم ولم يكسره.