الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

متصوفة عاشقون| عبدالله القطان.. «الحمد لله بررت بالقسم»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اختلف الشيخ أبو محمد عبدالله القطان مع العلماء فى تأليف الكتب، وبخاصة فى التساهل مع ذلك الأمر، قائلا: «مساكين أصحاب المصنفات والتآليف ما أطول حسابهم غدا». فهذه الكتب وما يقال فيها لا بد يقف أصحابها أمام الخالق كى يحاسبوا على ما ورد فيها من زيغ وضلال وتحريف.
اشتهر القطان بين أهل زمانه بكونه رجلًا صداميًا، يصطدم مع ولاة الأمر بصورة دائمة، فهو يرد كلامهم بطريقة غير محمودة، مما يعرض نفسه للإيذاء، ذكر له ابن عربى قصة طريفة ومهمة جدا مع وزير وسلطان، لكن القصة لا تذكر اسمهما، فقط يقول إن الرجل عاش فى قرطبة، فربما كان ولاة الأمر فيها هم من تعرضوا للشيخ بالأذى، مثلما تعرض لهم فى كلامه بالسب والتشنيع على أفعالهم.
تقول الرواية: إن الجند ألقوا القبض على الشيخ القطان، ووقف بين يدى الوزير يستجوبه، فقال للوزير: يا ظالم يا عدو الله وعدو نفسه بماذا وجهت؟ فقال الوزير: قد أمكن الله منك ما تعيش بعد هذا اليوم أبدا. فقال الشيخ: إنك لا تقرب أجلا ولا تدفع مكروها، كل ذلك لا يكون، أنا الذى والله أشهد جنازتك. فقال الوزير: اسجنوه حتى أشاور فيه السلطان فى قتله. فسجنوه تلك الليلة، فتعجب قائلا: لم يزل المؤمن فى سجن، وهذا بيت من بيوته. وفى الصباح أثار فضول السلطان فطلبه ووقف بين يديه، فرأى السلطان رجلا دميمًا لا يؤبه له، ولا شأن له، فسأله عن اسمه ونسبه، وقال له: أتحفظ توحيدك؟ فتلى عليه الشيخ من القرآن ما تيسر له، فقال السلطان: ماذا تقول فى ملكي؟ فضحك الشيخ، فقال السلطان: مما تضحك؟ فقال الشيخ: تسمى هذا الهذيان الذى أنت فيه مُلْك وأنت مَلِك؟ أنت كمن قال الله تعالى فيه «وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا»، أما انت فرجل عُجنت لك خبزة وقيل لك كلها. وأغلظ عليه فى الكلام وأسمعه ما لا يطيقه وما يكرهه، وكان ذلك فى حضور العلماء والمشايخ. فقال السلطان: أنت رجل موفق.. اجلس مجلسنا. فقال الشيخ: لا فإن مجلسك مغصوب ودراك التى تسكنها جاءت لك بغير حق، ولولا أنى مجبور ما دخلت هنا. 
كان مثل هذا الحوار جدير بأن يذهب به إلى مصير غير محمود، ولكن الرواية توضح أن السلطان تحلى بكثير من الصبر وسعة الصدر، فسمع كل ما يكره وما لا يطيقه، وفى النهاية أمر له بأُعطية وعفا عنه، فقبل العفو ورد العطاء، ولم يمض زمن طويل حتى مات الوزير وخرج الشيخ فى جنازته قائلا: الحمد لله بررت بقسمي.