الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

معارك ما بعد هزيمة «داعش» 3.. النساء قوة «التنظيم» التي لم تسقط.. المرأة لعبت أدوارًا في تجنيد مقاتلين جدد وتنفيذ عمليات مسلحة والعمل الاستخباراتي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يقتصر دور النساء على بعض الأدوار العسكرية، وإنما كنّ بمثابة ضرورة ترفيهية للمقاتلين أيضًا، وهنا كان يصطحب المقاتلون زوجاتهم لمناطق الصراع والقتال، فضلًا عمن كان يكتب عليهن من الأسر خاصة الأزيديات وما أطلق عليهن سبايا «التنظيم»، ولم يقتصر دور هؤلاء النساء على الجزء الترفيهى فى العلاقة بجسد المرأة، فقد شاركت الرجل فى مسئوليات القتال والإنجاب حتى يعطوا هؤلاء شكلًا لدولتهم من خلال إقامة أسر كاملة والعيش تحت ظلال رماحهم التى تقتل وتذبح الآخرين.

«داعش» من أكثر التنظيمات التى استغلت العنصر النسائى عبر منصات التواصل الاجتماعى
لعبت النساء وما زلن دورًا حيويًا سواء فى قيام دولة تنظيم «داعش» فى ٢٩ يونيو ٢٠١٤ أو التمهيد لقيام هذه الدولة والذى استغرق سنوات طويلة، كما لعبنّ أدورًا أخرى حتى بعد سقوط المملكة المزعومة للتنظيم فى ٢٢ مارس ٢٠١٩، فدورهن ّكان وما زال بجانب المقاتلين الرجال فى ساحات الحرب التى استمرت سنوات طويلة، وأكثر ما تم استخدامهن فى الأعمال الاستخباراتية، فقد نجحن فى جمع المعلومات، كما كان لهن دور كبير فى تجنيد عشرات الآلاف من الشباب سواء بإيقاعهن فى حب وغرام «التنظيم» فيهجرن أوطانهن بحثًا عن مدينة «داعش» «الفاضلة» أو الوقوع فى غرام هؤلاء النساء عبر علاقات زواج وأخرى غير شرعية كانت أكثر وضوحًا بعد سقوط «التنظيم» وأثناء احتجاز هؤلاء النساء فى مخيمات خاصة فى محاولة منهن الابتعاد عن محاكمتهن بتهمة ممارسة الإرهاب.
نتناول فى الحلقة الثالثة من سلسلة معارك ما بعد هزيمة «داعش» دور المرأة فى تنظيم «داعش»، وكيف يتعامل المجتمع الدولى والحكومات المحلية مع نساء «التنظيم»؟، والمخاطر التى تتولد من جراء عدم وجود تصور واقعى وعملى لدمج هؤلاء النساء أو التعامل معهن وفق ما يمثلن من خطورة شديدة، حيث إنهن الأقدر على إعادة إنتاج جيل جديد من «التنظيم»، خاصة أن الغالبية منهن ما زلن يؤمن بأفكارهن.
دور النساء فى قيام دولة «داعش»
دور المرأة فى تنظيم «داعش» لا يقل عن دور الرجل، فعلى قدر أن دورهن كان مكملًا، إلى أن البعض ذهب إلى أن قيام دولة «التنظيم» كان مرهونًا بدور نسائه، خاصة أن الرجال لا يستطيعون بمفردهم القيام بكل الأدوار، فضلًا عن أن هناك أدوارًا خاصة لا يستطيع غير النساء القيام بها وسط الإجراءات الأمنية المشددة فى المدن التى يدخلها «التنظيم»، منها نقل المتفجرات وتجنيد الشباب، فضلًا عما يعتبره «التنظيم» ترفيهًا على مقاتليه من علاقات جنسية أو حتى زواج.
لم يقتصر دور النساء فقط على بعض الأدوار العسكرية، وإنما كنّ بمثابة ضرورة ترفيهية للمقاتلين أيضًا، وهنا كان يصطحب المقاتلين زوجاتهن لمناطق الصراع والقتال، فضلًا عمن كان يكتب عليهن من الأسرى خاصة الأزيديات وما أطلق عليهن سبايا «التنظيم»، ولم يقتصر دور هؤلاء النساء على الجزء الترفيهى فى العلاقة بجسد المرأة، فقد شاركت الرجل فى مسئوليات القتال والإنجاب حتى يعطوا هؤلاء شكل لدولتهم من خلال إقامة أسر كاملة والعيش تحت ظلال رماحهم التى تقتل وتذبح الأخرين.
كان «التنظيم» يعتقد أنه انتقل من مرحلة «التنظيم» إلى مرحلة «الدولة»، وبالتالى لا بد أن ينتقل إليها شكلًا وموضوعًا، وهنا تبدو المرأة ضرورة ملحة لمضمون هذه الدولة التى لا يمكن تصوره بدون النساء عمومًا، فضلًا عن هوس «التنظيم» وأعضائه بالمرأة والارتباط الجنسى بها.
تم تطويع دور المرأة أثناء قيام الدولة وبعد سقوطها أيضًا، وهو ما يُعد دورًا محوريًا مازالت تلعبه النساء حتى هذه اللحظة، ولفهم هذه العلاقة بشكل أكبر لا بد من تصور دور المرأة عسكريًا داخل «التنظيم» واجتماعيًا، خاصة أنها تمثل ركيزة أساسية فى العلاقة الجنسية والتكاثر.
دور المرأة كان محوريًا منذ بداية قيام ما يسمى بالدولة الإسلامية، فكثير من الشباب الذين تم التغرير بهم من خلال عدة أشياء كان أهمها النساء، وهنا كان دورًا تبادليًا، أى أن النساء تم التغرير بهن من قبل مقاتلى «داعش»، فبعضهن أعجبن بتجربة السفر إلى أوطان اعتقدوا أنها ناشئة، والرابط هنا كان العلاقة الجنسية، التى كان يداعب بها كل طرف الآخر، حتى تم تجنيد مئات الآلاف بهذه الطريق، وهو ما مثل تحديًا فيما بعد سقوط «داعش» مئات الآلاف من العوائل والزوجات والأطفال، ولا توجد رؤية جادة للتعامل معهم.
أدوار استراتيجية للنساء فى «داعش»
قامت النساء بدور كبير إزاء العمل الاستخباراتى ونقل المعلومات، فكان من السهل على النساء التحرك بأريحية شديدة بخلاف المقاتلين من الرجال والرقابة الشديدة التى كانت تقع عليهم، وبالتالى قامت النساء بأدوار مهمة فى نقل المعلومات إلى مقاتلى «داعش»، ولعلها استخدمت جسدها أو التغرير به من أجل الحصول على بعض المعلومات، فتم قتل وذبح مئات الآلاف من الضحايا والأبرياء بعد أن وقعوا فريسة هؤلاء النساء واعترفوا على أنفسهم، وهنا كانت المرأة تقوم بدور البطل فى الوصول للمعلومة وفى كشف من يعمل ضد «التنظيم» الذى تنتمى إليه هؤلاء النساء.
سخرت المرأة جسدها من أجل خدمة تنظيم «داعش»، تارة من خلال الإرتباط بزوج «داعشي»، وقد ارتبطت بعضهن بأكثر من ثلاثين زوجًا خلال الـ٤ سنوات فقط، تلك الفترة التى سيطر فيها «التنظيم» على مدينتى الرقة والموصل، فكلما يموت لها زوج تبحث عن آخر، وهنا بدت العلاقة جنسية وجسدية وإحساسهن بأنهن يقمن بدور دينى من وراء الارتباط بعيدًا عن المشاعر التى قد تكون حاكمة لعلاقة الزواج والارتباط.
هناك صورة أخرى سخرت فيها المرأة جسدها، عندما سقطت دولة «داعش» أرادت الكثير من السيدات أن يهربن من فكرة العقوبة التى قد تقع عليهن بسبب ارتباطهن السابق بداعش، وهو ما دفع بعضهن بالعمل فى الدعارة أو إقامة علاقات غير شرعية مع بعض الرجال، من باب الحاجة التى تعودت عليهن حتى مع وجود «التنظيم» وقبل أن يسقط، والأمر الثانى بأنهن كن يقمن بممارسة العمل «الداعر» مع رجال الأمن فى مخيماتهن اللائى ظللن حبساء فيهن بعد سقوط «التنظيم» هربًا من احتمالية توقيع عقوبة الإرهاب عليهن.
وهنا أصبحت العلاقات الجنسية لنساء «داعش» ضرورة للهرب من أى عقوبات قد تنزل بهن، كما أن علاقتهن فى الأول كانت لضرورة قيام الدولة المتهالكة والترفيه عن مقاتلى «التنظيم»، فضلًا عن دورها فى إنجاب مقاتلين جدد للتنظيم المتطرف حتى تستطيع هذه الدولة التمدد أكثر والوصول لما تسمية بأستاذية العالم فتكون الإمبراطورية الوحيدة المتحكمة فى العالم.
على كل الأحوال تحولت المرأة عند «داعش» إلى جسد وسلعة، فى البدء تم استخدامها فى العمل الاستخباراتى والزيجات المتكررة، والأمر الثانى عمل بعضهن فى الأعمال المنافية للأداب، وهذا لم يكن بعيدًا عن سياق رؤية «داعش» للمرأة عمومًا أو رؤية التنظيمات التكفيرية للمرأة على وجه الخصوص والتى تختصرها فى علاقة جنسية عابرة، فحتى العلاقات الدائمة يتم اختصار المرأة فى بضعها (موضع العفة).
تم استخدام المرأة فيما أطلق عليه بالإرهاب العائلى، فقد لعبن دورًا واضحًا فى التفجير، خاصة أنها لم تكن مثار شك كما الرجل «الداعشي» وسهولة تحركها بخلاف المقاتلين، ولذلك ليس عجيبًا أن نقول إن «داعش» من اكثر التنظيمات الإرهابية التى استغلت العنصر النسائى حتى عبر منصات التواصل الاجتماعى.
ويمكن اختصار هذا الدور فى استغلال المرأة لنشر الأيديولوجية الفكرية بين النساء، والتنظيم يعتقد من هذا المنطلق أن الجهاد ضد النساء واجب، بل يعتبره فرض عين، وكما هو معروف أن للنساء قدرة على الجذب والتأثير على الشباب وضمهم للتنظيم، وفى هذا السياق أيضًا تم تدريب النساء للتعامل مع المتفجرات.
ولذلك سوف تلعب النساء دورًا مهمًا فى الحفاظ على ارث «التنظيم» حتى بعد سقوطه، خاصة أن كل المؤشرات تؤكد أن ٢٥٪ من مقاتلى «التنظيم» كانوا من النساء، وهنا يمكن اعتبار النساء التحدى الأهم والأبرز والأكبر فى مواجهة «داعش» حتى بعد سقوط دولته، وغياب رؤية للمواجهة ربما يضع احتمالية عودة «التنظيم» من خلال المرأة.
نساء «داعش».. تحديات فائتة ومواجهة غائبة 
على قدر الخطر الذى تمثله نساء «داعش» لا بد من التعامل معه ومواجهته بشكل لا يقل عن مستوى التهديد، فى إطار رؤية تجمع ما بين تحدى المواجهة للتنظيم وبقاياه وما بين محاولة دمج المجموعات التى تأثرت بداعش أو ربما كانت إحدى ضحايا «التنظيم» طوال سنوات سيطرته منذ عام ٢٠١٤ وحتى إعلان التحرير الكامل فى ٢٠١٩.
واجهت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها عشرات الدول «داعش» ولكن غاب عن هذه المواجهة أى تصورات واقعية ومنطقية للتعامل مع تحديات «التنظيم» مثل «الأطفال» و«النساء» كمثال لا يمكن تجاهله، فعلى قدر ما يمثلان من خطر محدق فى المستقبل فى حال عدم دمجهم، على قدر ما أن هذا الخطر سوف يظل يطل برأسه لو تم استسهال فكرة المخاصمة القانونية، بينما هم فى الأساس ضحايا «التنظيم».
ما زال هناك متسع فى الوقت لطرح رؤى حقيقية تناسب فكرة التعامل مع نساء «داعش» والتعامل معهن بجدية شديدة بحيث لا تنتشر أفكار «داعش» من خلالهن، ولا بد أن يكون التعامل وفق تصور دولى ولا يخضع فقط لرؤية الحكومات المحلية التى يتواجد فيها «التنظيم»، خاصة أن خطر هؤلاء النساء يؤثر فى عودة «داعش» من جديد، وهو يؤثر فى الأمن القومى العالمى.
وبالتالى لابد أن تخضع المخيمات اللائى تتواجد فيها هؤلاء النساء خبراء فى علم الاجتماع والنفس وأطباء على مستوى حرفى ومختصون فى العلاقات الاجتماعية والشؤون الأسرية ومعلمات متخصصات فى الدمج والشريعة الإسلامية فى محاولة لانتشال هؤلاء السيدات من وحل الأفكار التى سقطن فيها، والتعرف على السيدات اللائى يتطلبن فكرة الدمج والتعامل معهن باحترافية أكبر.