يزخر القرآن الكريم بالقصص التى لم تكن مجرد عرض للتسلية وإنما ليزداد المؤمن ثباتًا على الحق وإصرارًا على مواجهة الباطل، من خلال إطلاعه على مواقف الأنبياء والمرسلين وقصصهم. وكان القصص القرآنى له النصيب الأكبر من قبل علماء المسلمين والباحثين والمفكرين، وخلال شهر رمضان المبارك نستعرض سيرة الرسل والأنبياء حتى تكون عبرة ونهجًا وصراطًا مستقيمًا نسير عليه.
{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين} الآية السابقة وردت فى القرآن الكريم، الذى ذكر اسم سيدنا إبراهيم فى سور قرآنية بلغ عددها ٢٥ سورة، ذكر فيها اسمه ٦٩ مرة.
وإبراهيم الذى لقب بخليل الله يعد «أبو الأنبياء»، وهو من أولى العزم من الرسل، بعثه الله رسولًا إلى قومه فى بلاد العراق، وكانوا يعبدون الأصنام والكواكب من دون الله، كما كان أبوه «آزر» من عباد الأصنام، وقد أصر على كفره فتبرأ منه إبراهيم، وبدأ إبراهيم دعوته مع أبيه وقومه ثم مع الملك الظالم، وحينما رفضوا الاستجابة لدعوته قام بتحطيم أصنامهم، وقرروا إحراقه بالنار، ولكن الله أنجاه منها، وبعد ذلك أمره بالهجرة واتجه إلى فلسطين الأرض المباركة مصطحبا معه ابن أخيه «لوط» عليه السلام.
وأقام هناك لفترة مع زوجته سارة، ثم أخذها واتجه إلى مصر، حيث جرت أحداث قصة لهم مع فرعون مصر وقتذاك الذى أهدى جارية تدعى «هاجر» إلى إبراهيم، ومنها أنجب أول وأكبر أبنائه سيدنا إسماعيل عليه السلام، وأمره الله بأخذ هاجر وإسماعيل إلى بلاد الحجاز، وفعل ذلك، وفيما بعد وهبه الله إسحق من زوجته سارة، ولما شب إسماعيل أمره الله ببناء الكعبة مع ابنه إسماعيل، فبنى أول بيت وضع للناس، وبعد ذلك بنى ثانى بيت لعبادة الله، وهو المسجد الأقصى فى بيت المقدس.
وشب إسحاق فى حياة إبراهيم كما شب إسماعيل قبله، وزوج إبراهيم ابنيه النبيين، إسماعيل وإسحاق، وأنجب إسحاق ابنه يعقوب، ورأى إبراهيم حفيده يعقوب النبي، وبعد حياة حافلة بالدعوة إلى الله، جاء إبراهيم أجله فتوفاه الله إليه.
وعندما ننظر إلى قصة حياة سيدنا إبراهيم نجدها زاخرة مليئة بالأحداث والحكايات، والتى تُعد كل منها عبرة، ومن الممكن أن نقسم حياته إلى مرحلتين، المرحلة الأولى، والتى دعا فيها قومه إلى عبادة الله وعبادة الأصنام، والمرحلة الثانية بعد رحيله إلى فلسطين، بصحبه نبى الله لوط، وعاشا فى مكانين متقاربين.
