الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل دقت طبول الحرب؟.. شركات السلاح الأمريكية ووكلاء إيران "3"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يمكن قراءة التطورات الأخيرة التي يشهدها الشرق الأوسط، وتحديدًا منطقة الخليج العربي، بعيدًا عن عاملين رئيسيين، لهما صلة مباشرة بكل ما يحدث من تصعيد سياسي وعسكري؛ أولهما: موقف شركات السلاح الأمريكية باعتبارها الداعم الأول لترامب في حملته الانتخابية وحليفه الاستراتيجي في مواجهة الكونجرس الأمريكي في المواقف الصعبة، أما العامل الثاني فيتعلق بوكلاء إيران في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا في كل من سوريا ولبنان والعراق واليمن، الذين يشكلون تهديدا حقيقيا بعد أن نجحت إيران في تزويدهم بصواريخ قصيرة وطويلة المدى خلال السنوات الماضية. 
فبالنسبة لشركات السلاح الأمريكية، يعد التهاب الوضع في منطقة الخليج فرصة رائعة لتصريف مخزونها الهائل من السلاح المكدس داخل المصانع الأمريكية، خصوصا بعد فشلها في خلق أسواق جديدة حول العالم خلال العامين الأخيرين، واتجاه العديد من مشتري السلاح إلى روسيا وبلدان شرق آسيا، لذلك كانت تلك الشركات هي الداعم الأول لترامب في مواجهة الكونجرس الأمريكي أثناء أزمة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، واستطاعت آنذاك في توجيه الرأي العام الأمريكي نحو ضرورة الإبقاء على العلاقات الأمريكية السعودية في مسارها الحالي الحفاظ على صفقات السلاح المبرمة مع السعودية التي قدرت بـ 110 مليارات دولار آنذاك.
وفي تلك الأثناء وزعت رابطة الصناعات الجوية الأمريكية على المسئولين التنفيذيين بشركات الصناعات العسكرية منشورا يحذر من الانسياق وراء دعوات مقاطعة المملكة العربية السعودية التي يتبناها الكونجرس، مؤكدة فيه أن وقف مبيعات الأسلحة قد يقلص قدرة الولايات المتحدة على التأثير على الحكومات الأجنبية.
وجاء في المنشور نصًّا: "عندما نبيع المنتجات الأمريكية للحلفاء والشركاء نستطيع أن نضمن ألا يتمكن أعداؤنا من أن يحلوا محلنا في علاقاتنا السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية".
ولمن لا يعرف "رابطة الصناعات الجوية "، فهي واحدة من أقوى الروابط الاقتصادية والعسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تضم في لجنتها التنفيذية الرؤساء التنفيذيين لشركات الصناعات العسكرية الخمس الكبرى وهي لوكهيد مارتن، ونورثروب جرومان، وبوينج وريثيون، وجنرال ديناميكس.
لذلك وبكل تأكيد لن تتحمس شركات السلاح الأمريكية لأي حل سياسي للأزمة الحالية ، لكن هذا لا يعني بالضرورة تفجر الوضع أو نشوب حرب بين أمريكا وإيران، فالولايات المتحدة لا ترغب على الأقل حاليا في توجيه ضربات عسكرية ضد إيران أو أي طرف آخر في المنطقة، فالولايات المتحدة التي تتهيأ لسحب قواتها من سوريا وتتفاوض مع طالبان بهدف تقليص وسحب قواتها من أفغانستان، ليست مضطرة أن تدخل حربًا جديدة مع إيران. 
إذا كان الأمر كذلك، إذن ما هي الأهداف الأمريكية من فرض العقوبات على إيران وتصعيد لهجتها تجاهها ثم تحريك قطعها البحرية في الخليج؟ هناك عدة أهداف في مقدمتها الضغط على إيران لصياغة اتفاق ننوي جديد بشروط أمريكية جديدة لكبح النظام الإيراني وطمأنة إسرائيل الابن المدلل للولايات المتحدة الأمريكية، وثاني تلك الأهداف بكل تأكيد هو تحميل كل من السعودية والإمارات فاتورة إعادة نشر القوات الأمريكية في الخليج، مع إمكانية إبرام صفقات سلاح جديدة تتحمل فاتورتها هاتان الدولتان. 
أما العامل الثاني في معادلة الخليج العربي والخاص بوكلاء إيران في المنطقة فهو لا يقل من حيث الخطورة أو القوة عن تأثير شركات السلاح الأمريكية، وربما يفوقها من حيث القدرة على تغيير مجريات الصراع، وإن كان علينا قبل الخوض فيه أن نشير إلى أن إيران من جانبها تدرك أنها لا تستطيع أن تبادر بالحرب، لا لأنها غير قادرة على تحمل تبعاتها ونتائجها فحسب، بل لأن مثل هذه المبادرة ستفقدها ورقة التوت السياسية التي تتستر بها، والتي تبقيها قادرة على الاستقواء بقوى كبيرة كروسيا والصين، والتواصل مع شركائها في الاتفاق النووي من دول الاتحاد الأوروبي؛ لذلك سعت خلال السنوات الماضية مع تخلل المنطقة بفعل ثورات الربيع العربي وما تبعها من فوضى في العديد من الدول إلى خلق وكلاء لها في المنطقة، ودعمهم بالمال والسلاح؛ أي ما يعني تجهيز مسارح عمليات بديلة خارج الأراضي الإيرانية وتحديداً في العراق ولبنان واليمن وقطاع غزة عبر وكلاء إقليميين لها بما يمكنها من إدارة عدد من المعارك الصغيرة الموجهة والمؤثرة من خلال استخدام صواريخ بعيدة المدى. 
وهو ما كشفه مايكل نايتس، المتخصص في الشئون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج بمعهد واشنطن للدراسات الأمنية، مؤكدا في تقدير موقف أن إيران اتبعت نمطا جديدا في نقل أسلحتها الي وكلائها بالمنطقة بتوفير صواريخ المدفعية بعيدة المدي بعد تحديثها لإصابة أهدافها بدقة عالية، ثم تضاف إليها الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، بالإضافة لتوفير صواريخ باليستية طويلة المدى يتم استخدامها عند الضرورة. وأكد نايتس لن زيادة أعداد الصواريخ وانتشارها في تلك البلدان لا تساهم فقط في توسيع رقعة المواجهة وتعدد الأهداف التي يمكن الوصول لها، بل تسمح أيضاً بزيادة أعداد منصات الإطلاق واتساع رقعتها. 
مشيرا إلى أن تفويض الوكلاء الإقليميين بتجهيز منصات الإطلاق يتيح لإيران زيادة عدد الضربات بأقل مخاطر مقارنة بإطلاق النار من أراضيها أو باستخدام عناصر إيرانية.