الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نفحات الأدباء| عبدالرحمن صدقي: أخطار تهدد الثقافة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتب الأديب والشاعر المصرى عبدالرحمن صدقى، مقالا تحت عنوان: «أخطار تهدد الثقافة» فى شهر يونيه من عام ١٩٣٧ بمجلة «الهلال». 
قال صدقى: «إنه ليس من شك فى أن ما يسمونه العودة إلى الطبيعة ونشدان الأوضاع الأولية للحضارة يؤدى من تلقاء نفسه إلى نكران الثقافة، ثم إن العلم نفسه أصبح خطرا على الثقافة الحاضرة، فقد زاد التقدم العلمى فى القرون الثلاثة أو الأربعة الأخيرة حتى صار من المستحيل كل الاستحالة على أى عقل من العقول أن يهيمن على جملة المعارف الإنسانية، ويستوعب هذا المقدار الكبير الذى جمعته الإنسانية طيلة هذه القرون».
ويوضح «صدقي» أن الإنسانية زاد محصولها من المعارف، وأنها لم تكن فى زمن من الأزمان أجهل منهم اليوم، فالثقافة الشخصية فى عمومها وشمولها تعوزهم كل العوز، وقد أحال الاختصاص كل فرد إلى آلة للتفكير فى نسق خاص من المسائل إذا عداه وقفت حركتها وبطلت ميزتها.
وتابع صدقي: لا نزاع على أن الخطر الأعظم هو فى وجود جمهور كثيف من الناس حول ثقافة لا يتصلون بها أى اتصال، وطالما بقيت الإنسانية لا تلابسها الثقافة ولا تتخللها مع كل ما فى شيوعها من قصور وابتداء؛ فإنه لن يبرح حولها هذا العدد الأكثر من الأهلين المعادين، متحفزين على تدميرها يوم تسمح الحال.
وبين «صدقي» أن الأسلم للثقافة جمهور لديه فكرة ولو غامضة عن قيمة العلم والفن، وإننا لنجد لأدب كل أمة طابعا خاصا بها، ولقد تشاركها فيه غيرها من الأمم ولكنها مشاركة لا تبلغ قط مبلغا فيه، وهذه الظاهرة قديمة فالأدب العربى الجاهلى مثلا ناطق بالفحولة والروح الفطرية، والأدب الإنجليزى متميز بالناحية الخلقية، والفرنسى طافح بالحيوية العاطفية الحسية، والجرمانى متسم بالمعانى الغامضة الروحية، والروسى بالإنسانية السمحة الفياضة.. ونحن فى نشداننا هذه الآداب ننشدها للصفة المميزة لكل منها وفى انطماس هذه الصفة ضياع لعنصر من أهم عناصر الحياة فيها. 
واختتم «صدقي» قوله بأن هذه الأزمات والأعراض قد تكون هى الحالة الطبيعية، وذلك أن التطور لا يسير أبدا على نسق متصل، بل تتداوله حالا بعد حال.