الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

حكايات مجهولة| ماركوس أوريليوس.. قائد عسكرى نبغ فى العلوم الفلسفية

ماركوس أوريليوس
ماركوس أوريليوس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهد مطلع القرن الثانى الميلادى، وتحديدًا فى العام ١٢١م، ميلاد الحكيم والإمبراطور الرومانى ماركوس أوريليوس، فهو من القادة العسكريين الذين نبغوا فى تلقى العلوم الفلسفية، كان محنكًا، منتصرا فى كل ما خاضه من غمار، توفى فى معسكره على جبهة الدانوب وقد ناهز التاسعة والخمسين، كان يرى فى الملك عبئًا وابتلاءً، لكنه لا يعفى صاحبه من الفضيلة منبها: «احذر أن تتقيصر» أى أن تصير قيصرًا، وتتلبس بصفات الملوك والحكام، وتحمل ذلك من باب الواجب الاجتماعى.
ماركوس، كان رجلًا فاضلًا بمعنى الكلمة، كرس حياته للأدب والفلسفة، لقب بفيلسوف العرش، كتب عدة تأملات بشكل يومى باللغة اليونانية، ولم يقصد بها النشر أو مخاطبة القراء، بل كان يكتبها لنفسه من باب التمرين والتدريب.
تأثر بكثير من الفلاسفة السابقين مثل سقراط وهيراقليطيس، وأيضًا مؤسس المدرسة الرواقية زينون، الذى تدور حول وجوده فى أثينا وأصوله قصة تقول إنه ركب سفينة تجارية من فينيقيا، لكن الأحوال ساءت بهم وغرقت السفينة قبالة بيريه، واستطاع زينون أن ينجو بنفسه ويستقر فى أثينا، ويتصف بالزهد وحب الفلسفة والتأمل، يخدم نفسه ولا يملك من يخدمه.
حفظ لنا التاريخ مجموعة من تأملاته التى كتبها لنفسه، والتى يقول عنها الفيلسوف جون ستيوارت مل فى كتابه «عن الحرية»: «كانت كتابات ماركوس أوريليوس هى أرفع ما أنتجه العقل القديم فى الفكر الأخلاقى، ولم تكن تختلف اختلافًا يذكر عن أخص تعاليم المسيح». وكانت تأملاته شخصية للغاية، موجهة للداخل كثيرة التكرار، لا ينتظمها نسق معين، وفى بعضها اقتباسات مشفوعة باسم صاحبها، وفى بعضها حكم غامضة مجهول ما المقصود بها. يأنس الحكيم ماركوس دائمًا بوحدته وخلوته على عكس عادة الحكام، وينصح نفسه قائلًا: «قل لنفسك حين تقوم.. تمادى فى إيذاء ذاتك أيتها النفس.. إنهم يطلبون منتجعات لهم».
وفى تأملاته يقول الحكيم ماركوس: ومن ديوجينيتوس -حكيم يوناني- تعلمت ألا أنشغل بالتفاهات، وألا أصدق حديث المشعوذين والدجالين عن الرقى والتعاويذ وطرد الشياطين وما شابه، ولا أربى طيور العراك، ولا أتحمس لمثل هذه الرياضات، وألا أضيق بالصراحة، وأن أنجذب للفلسفة، ومن ريستكوس -حكيم يوناني- تلقيت الانطباع بأن شخصيتى بحاجة إلى تحسين وتدريب، وتعلمت ألا أنجذب إلى الخطابة، فأكتب خواطرى أو ألقى خطبى الوعظية الصغيرة أو أرائى بمظهر التنسك أو المحسن، وأن أبتعد عن البلاغة وقرض الشعر وكتابة الإنشاء، وألا أتجول فى البيت بالملابس الرسمية، وأن أكون مرحبا بالصلح مع من أساءوا إليّ بمجرد أن يجنحوا للسلم، وأن أقرأ بتمعن، ولا أكتفى بأفكارى السطحية أو أسارع بقبول آراء المتفيهقين.