الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل دقت طبول الحرب؟ .. الخليج العربي "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يمكن قراءة التصعيد الأخير بمنطقة الخليج العربي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بمعزل عن الصراع الدائر في الشرق الأوسط ككل، وتحديدا في كل من اليمن وسوريا والعراق، وهي مناطق السيطرة التي تتقاطع فيها مصالح عربية مشتركة في مواجهة قوى دولية وإقليمية تسعى إلى لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من زعزعة استقرار تلك الدول حسب حاجة كل منها، فإيران على سبيل المثال تسعى للحفاظ على أذرعها الثلاثة في العراق وسوريا واليمن؛ بهدف تطويق دول الخليج عن طريق إنشاء دويلات شيعية طائفية للسيطرة على منطقة الخليج العربي والعبث بتركيبتها الديموجرافية، وفتح منافذ اقتصادية جديدة تستطيع من خلالها الالتفاف على العقوبات الأمريكية، ثم تأتي المصالح الأمريكية وهي الأكبر في المنطقة، حيث تسعى الإدارة الأمريكية لتأمين سيطرتها على حقول النفط وحماية إسرائيل من التهديدات الإيرانية.
وعلى جانب آخر تسعى تركيا لتصفية حساباتها مع حزب العمال الكردستاني خارج حدودها في كل من سوريا والعراق بدعم التنظيمات الإرهابية المسلحة وبالتعاون مع حلفائها من جماعة الإخوان داخل تلك الدول، بالإضافة إلى رغبة الرئيس التركي غير الأخلاقية في السيطرة على ثروات جيرنها ونهبها لإنقاذ اقتصاده الذي يعاني من أوضاع صعبة.
لكن إذا حاولنا التطرق بشكل مباشر للعمليات الإرهابية الأخيرة التي استهدفت سفنًا إماراتية في الخليج العربي وأنابيب نفط داخل الأراضي السعودية، وهل لتلك العمليات علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالتصعيد الأمريكي الإيراني؟ خصوصًا أن تلك العمليات جاءت بالتزامن مع إعلان الجانب الأمريكي عن عقوباته الجديدة ضد إيران وإعلان عن بعض التحركات العسكرية الدعائية في الخليج. في المقابل أطلقت إيران كعادتها العنان لقادة الحرس الثوري الإيراني لشن حرب كلامية تجاه أمريكا ودول الخليج أيضًا، لكن الملفت والذي يشير إلى إمكانية وجود رابط بين تلك العمليات الإرهابية والصراع الأمريكية الإيراني، ما تداولته مواقع إيرانية وإذاعة راديو صوت بيروت إنترناشونال من تصريحات لضابط سابق رفيع المستوى في قوة البحرية في الحرس الثوري الإيراني، الذي قال صراحة: إن العملية التي حصلت قبالة سواحل الإمارات تم تنفيذها من قبل القوة البحرية للحرس الثوري. مشيرا إلى أن بحرية الحرس التي تم تشكيلها باقتراح اللواء محسن رضائي، وبدعم مطلق من روح الله الخميني في عام ١٩٨٦، قد تغيرت تركيبتها وأهدافها بشكل جذري بعدما تسلمها في ٢٣ أغسطس ٢٠١٨ العميد علي رضا تنكسيري، الذي وصل إلى منصبه بطلب خاص من قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، وبمباركة ودعم كبير من السيد علي خامنئي.
ويقول الضابط الرفيع: إن مهمة تنكسيري كانت محصورة في هدفين :
الأول: هو مراقبة وتجميع معلومات حول حركة الملاحة الدولية وتحركات السفن والأساطيل المعادية في الخليج العربي وصولا إلى البحر المتوسط، والثاني: هو التخطيط لتنفيذ عمليات هجومية وكمائن في الخليج العربي، وعلى تخوم مضيق هرمز.
ويلفت الضابط الذي كان جزءا من هذه القوة، إلى أن تنكسيري بدا منذ اليوم الأول لوصوله التخطيط لتنفيذ أعمال هجومية ضد عدد من الدول الخليجية، وكانت الإمارات العربية على رأس لائحة الاستهداف منذ العام ٢٠١٨، حيث جرى التخطيط لاستهدافها عبر حركة الملاحة منها وإليها. كما تم التخطيط أكثر من مرة لعمليات داخل موانئها ولكن لم ينجح الاختراق بسبب التشدد الكبير في إجراءات الأمن الإماراتية المشددة، وتطور آليات المراقبة المعتمدة. ولهذا السبب اتجه الخيار نحو القيام بعملية مركبة.
وحول العملية يؤكد الضابط المطلع، أنها تمت في المياه الدولية عندما مرت طرادات إيرانية قرب تلك البواخر من ضمن إجراءات معتادة، وقامت فرقة خاصة من الضفادع البشرية بتلغيم السفن بعبوات مؤقتة، انفجرت داخل المياه الإقليمية الاماراتية على مقربة من ميناء الفجيرة.
ويشير الضابط إلى أن عملية التلغيم استهدفت أماكن التخزين لضمان عدم إلحاق خسائر في الأرواح، وهو ما كانت تحرص عليه كل الخطط التي وضعت سابقا، خشية مقتل أوروبيين أو أمريكيين، الأمر الذي سيُدخل إيران في حالة تشبه أزمة "لوكيربي" الليبية مع المجتمع الدولي. إلى هنا انتهت تصريحات الضابط الإيراني، وبعدها بيوم واحد وقعت عملية استهداف أنابيب النفط السعودية التي أعلنت جماعة أنصار الله الحوثية المدعومة من إيران مسئوليتها عنها، وهو ما يعني أن هناك احتمالات قوية على ضلوع إيران في تنفيذ العمليتين الإرهابيتين.
في المقابل التزمت كل من السعودية والإمارات وخلفهما مصر والبحرين بضبط النفس حتى الآن، مع الحديث عن تحقيقات موسعة لمعرفة منفذي تلك العمليات، في مناورة سياسية شديدة الذكاء ولا تنفصل عن تطور مجريات الأحداث بين الجانبين الأمريكي والإيراني، فأي تصعيد من جانب تلك الدول في هذا التوقيت قد يسير بمجريات الأحداث في اتجاه آخر غير الذي تريده دول المقاطعة؛ مصر، والسعودية، والإمارات، والبحرين. 
في المقابل يظل المشهد على صعيد المواجهة الأمريكية الإيرانية غامضا بعض الشيء، فالحديث عن حرب أو مواجهة عسكرية بين الجانبين خلال المستقبل القريب أمر يصعب التكهن به رغم كل المؤشرات القريبة والبعيدة الدالة عليها؛ بدءًا من تحركات القطع البحرية الأمريكية والإيرانية، مرورًا بحالة الاستنفار والتعبئة التي تعيشها إيران، وانتهاءً بالتصريحات المتبادلة بشأن الخيار العسكري، الذي لا تستبعده واشنطن، ولا تجده طهران بعيدًا حين تصف الحصار الحالي بأنه حرب "أقسى من الحرب العراقية الإيرانية" في ثمانينيات القرن الماضي، فالولايات المتحدة تستعد لسحب قواتها من سوريا، وتتفاوض مع طالبان بهدف تقليص وسحب قواتها من أفغانستان، ليست في حاجة أن تفتح جبهة قتال جديدة مع إيران، إلا إذا اضطرت لذلك.
إيران أيضًا تعلم تمام العلم أنها غير جاهزة اقتصاديا وعسكريا لمواجهة أمريكا في الخليج، ولعلمها التام أن الإقدام على تلك الخطوة سيفقدها آخر أوراقها، وربما يعصف بنفوذها في كل من سوريا واليمن والعراق.. وللحديث بقية.