الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أهل المدد| الفرقة السورية «الإخوة أبو شعر»: صنعنا حالة من التحدي في ساحة الإنشاد بمصر

الإخوة أبو شعر
الإخوة أبو شعر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع.. وجب الشكر علينا ما دعا لله داع.. أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع.. جئت شرفت المدينة مرحبًا يا خير داع.. تلك الكلمات كانت بداية انطلاق لفرقة أبى أيوب الأنصاري، نسبة للمسجد الذى تخرجوا فيه فى منطقة الزاهرة فى دمشق، عندما تم تأسيسها فى عام 1983، على يد موفق أحمد أبو شعر، وكان بشبابه منشدًا للعلماء الكبار بدمشق، بوجود أربعة من أبنائه، كان أصغرهم حينذاك بهاء الدين وكان عمره 11 عامًا، وبعد سنوات التحق بهم أنس أبو شعر، وكان عبدالرحمن أصغرهم لديه فرقة خاصة به تسمى «براعم الإيمان»، وبدأ بالإنشاد وعمره 6 أعوام، وبعد أعوام قليلة انضم إلى إخوته وتجمعت الفرقة، يقيم الآن الإخوة أبو شعر فى مصر ويقيمون حفلاتهم على أرضها، وفى حلقة جديدة من سلسلة «أهل المدد» التقينا بالمنشد عبدالرحمن أبو شعر. 

وعن نشأته فى رحاب أهل المدد، قال عبدالرحمن: الفرقة أسسها والدنا الشيخ موفق أحمد أبو شعر، وهو شيخ فى الإنشاد والعلوم الشرعية وأستاذ مقامات موسيقية وصب كل ما لديه من علم علينا لننهل منه، وبدأت الفرقة بالساحات والحضرات فى دمشق، كان والدى ملتزمًا منذ صغرنا بتدريبنا وتلقينا العلم والإنشاد وبدأنا عند الأقارب ثم الأصحاب، ثم بدأ باصطحابنا إلى مجالس العلم وبآخر المجلس نقوم نمدح رسول الله محمد بن عبد الله فبدأ الناس يطلبوننا للإنشاد هنا وهناك وهكذا بدأت الفرقة بالتوسع.
زارت الفرقة مصر مرات متقطعة منذ العام ٢٠٠٨، وقدموا بعض الحفلات التى لاقت ترحيبا كبيرا، ووفق حديث «عبد الرحمن» أكد أن الترحيب الجمهورى لم يكن متوقعًا، لقد عاد بنا ذلك لتاريخ مصر وتراثها فى الأناشيد الصوفية والمديح مما قررنا زيارة فى ٢٠١١ قمنا فيها بتنفيذ سلسلة حفلات بمسرح البالون، ثم عدنا إلى سوريا وعندما ساءت الأوضاع ببلدنا سوريا عدنا لمصر مستقرين بها فى ١٢ فبراير ٢٠١٢، مع العلم أن علاقتنا الدولية كبيرة لكننا فضلنا الإقامة فى مصر لأنها حقا أم الدنيا، كما أن هناك توأمة وتشابها بين مصر وسوريا حتى فى حب الإنشاد، ولأنها بلد قادرة على نجاح أى فنان «واللى يدخل مصر ومينجحش يبقى فاشل».
«البيت واحد» تلك كانت كلمة عميد المداحين المصريين الشيخ ياسين التهامي، عندما طلبت منه فرقة الإخوة أبو شعر الإذن لهم بمباشرة المديح فى أرض مصر، وهذا من آداب الصوفية فى تقدير بعضهم، يقول «عبدالرحمن»: قمنا بالذهاب إلى الصعيد وطلبنا الإذن من الكبير «الشيخ ياسين التهامي»، وحينذاك رد قائلا «البيت واحد»، وبعدها ذهبنا إلى الجهات الأمنية وطلبنا منهم السماح لنا بالغناء فى مصر وكان الرد علينا بالموافقة ووجدنا ما توقعناه منكم كمًا هائلًا من الاستقبال والحفاوة لم تنته حتى الآن وأصبح الجمهور المصرى أكثر من جمهورنا فى سوريا. 
«لقد سمعنا عنها كثيرًا» هكذا تظل مصر فى مخيلة فنانى فرقة «الإخوة أبو شعر»، فهى الوطن القومى والكبير لكل العرب، وخاصة الذين تعرضت بلادهم للحروب، فأصبحت مصر ملاذهم الآمن والمستقر، ويضيف «عبدالرحمن»: مصر جميلة «شفنا كل الخير فى مصر»، ونحن هنا منذ أعوام وبفضل الله لم نواجه أى صعوبات فى مصر، على العكس المصريون دائما ما يقولون لنا أنتم شرفتم بلدكم وأنتم لستم ضيوفا فى مصر بل هى بلدكم، وهذه الكلمات تهون علينا إحساس الغربة عن وطننا لأننا بالفعل نعتبر مصر بلدنا الثاني، وفى كل عام نحيى حفلا فى محافظة سوهاج، ويذهب ريع الحفل لشراء جهاز أشعة للأورام السرطانية ونودعه فى مستشفى الأورام وهذا رد لجميل مصر على الإخوة أبو شعر.
كلماتهم العذبة لعبت دورًا عظيمًا فى إبداعهم، ولكن ذلك له تفسير عند أبو شعر: نحن لا نميل إلا للموروث الذى يصعب علينا الآن إيجاد مثله، ولكن لدينا التراث المصرى والسورى أيضا، ولكننا نجتهد مثلا نأخذ من كلمات صالح الجعفري، أحمد أبو الحسن، زكى الدين إبراهيم وغيرهم، كما نتعاون حديثا مع الشاعر بهاء الدين محمد، والكاتبة السورية عفاف خليل بكر سورية الجنسية ولكنها تكتب لنا قصائد مصرية.
الإنشاد الدينى ما بين الظهور والتلاشي، الحضور والغياب، ولكنه يروى قائلا: قبل أى تعبيرات أو مفاهيم فمعنى الإنشاد لا علاقة له بالدين، «فالمعروف لا يعرف»، والمعروف أن الإنشاد هو إنشاد ومديح للنبى صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته، وأنا أرى أنه فى ازدهار وتقدم، لكن هذا لا يكفى فيجب اهتمام الإعلام أكثر، لأن الإنشاد فى الإعلام موسمى فقط، وفى سوريا هو متواجد طوال العام بكل الاحتفالات فى الأعياد والأفراح وحفلات التخرج وذلك كونه شكرا لله.
«عندما أتينا لمصر لم نولد مفقودًا، وإنما حركنا موجودًا»، فبحسب وصف الشيخ «عبدالرحمن» كانت مصر مسرحًا يتسع لضم كل القدرات الجيدة فى عالم الإنشاد، رافضًا بعض الأقاويل غير المسئولة التى تحاول تأجيج الضغائن بين السوريين والمصريين، قائلا: أنا أرى أن الذى يقول لا يعمل وهنا الخطورة، فمصر تعنى الشيخ ياسين التهامى ومداح النبى عمنا محمد الكحلاوي، وسيدنا النقشبندي، فالإنشاد بالصورة التى نؤدى بها نحن أى الأسلوب الجماعى كان فى مصر يعرف باسم التواشيح بالبطانة، ولكنه اختفى ونحن أحييناه، ونحن نريد حينما نغادر مصر يقولون فرقة أبوشعر تركت أثرًا جميلا.
ارتبطت الفرقة بمصر، وعندما يثار لديهم أمر تركها يأتى ردهم: لا.. نعتقد ذلك فالقلب الآن هنا ولا تدرى أى نفس بأرض تموت، موجودون فى مصر حتى يقولوا لنا امشوا، ولكن أنا على المستوى الشخصى لن أترك مصر، من المستحيل أن أصحو يومًا فأجدنى بعيدا عن رحاب مسجد سيدنا الحسين، فنحن فى حضرته وفى نوره ورحابه.