الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

متصوفة عاشقون| محمد الخياط.. دائم الصمت كثير الفكر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صحب الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى الخياط فى رحلة إلى الحج، فقد التقاه فى إشبيلية نحو عام ٥٩٠ هـ، ثم فرقتهما الرحلات فى بلاد الله، فلم يجد ابن عربى فى قلبه إلا اللهيب من فراق رجال الطريق الصالحين.
وكان الخياط بارًا بأهله، يغلب عليه الخوف، عندما يصلى يسمع لقلبه دوي، سريع الدمعة غزيرها، طويل الصمت دائم الحزن، كثير الفكر شديد التأوه، لا تراه إلا مطرقًا ضاربًا بعينيه فى الأرض، لا يمازح أحدًا، بريء من المداهنة، قوى فى المناصحة، لا يستحى من الحق، ولا تأخذه فى الله لومة لائم، لا يدارى ولا يماري، ابتلى بالفقر والمرض فصبر، له شئون عجيبة وهمة رفيعة، لا يبتدأ أحدا بالكلام.
كما اتصف الخياط أيضا بكونه يكف الأذى عن الناس، ويحب الفقراء، ويحب العلم وأهله، يخدم الفقراء بنفسه، يقدم لهم الطعام واللباس، رءوفًا شفيقًا رفيقًا، يرحم الصغير ويدرك شرف الكبير، يعطى كل أحد حقه.
يحكى ابن عربى أنه تنازعه خاطران حول الذهاب إلى البيت أو العبور إلى بيت الخياط، وانحاز للخاطر الثانى وظل يشتد فى مشيه حتى وصل لدار الخياط رغم عتمة الليل، فوجده واقفًا وسط الدار يسأله: لماذا أبطأت، قلبى متعلق بك؟ وهذا مما اشتهرت به الصوفية وهو التخاطر ومعرفة ما يدور فى ذهن الشيخ أو ذهن المريد.
وتناول الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى ما يزيد على ٣٠ شخصية زاهدة ومتصوفة، قابلهم فى رحلاته فى الأندلس والمغرب العربي، وقد عرض لهذه الأسماء المجهولة فى رسالته المعروفة باسم «الروح القدس»، التى كتبها أثناء إقامته فى مكة المكرمة سنة ٦٠٠هـ، وأرسلها إلى صديقه التونسى محمد بن عبدالعزيز المهدوي، فهو يجد الراحة فى ذكرهم وتسلية عن فقدهم وتحريض النفس على الاقتداء بهم والتأسى بأحوالهم.