في الناصرة وقفة ضد العنف. كان آخر ضحية لها في الأسبوع الماضي الفنان توفيق الزهر، فنانا في الستين من عمره، شارك ورافق أفراح الناس في المدينة. أصابته رصاصة طائشة وهو ممسك بيد حفيدته، في الشارع العام، عند مخبز قصده لشراء خبز كريم له ولحفيدته. هناك عند الخبز ومصدر الحياة أصابه العنف وأوقعه ضحية وأضافوه إلى عدد الضحايا في الناصرة وفي الوسط العربي كله في إسرائيل. كل أسبوع له ضحية أو أكثر.
في الوسط العربي صراع مع الذات. ولا تمييز بين صالح وغير صالح. فالكل مسؤول لأن يكون المجتمع صالحًا وقلبًا واحدًا. الكل يجب أن يسأل نفسه: قادة السياسة، ورجال الأمن، ورجال الدين، ورؤساء العائلات. هل يبقى العنف أم تغلب المحبة والإنسانية على الجميع؟
المهم أن يصل الوسط العربي كله إلى تحقيق نفسه وهو في صراع أكبر مع الحرية والمساواة، فلا يفتت قواه بتحويله الصراع الأكبر إلى مخاصمات مع الإخوة.
والمهم في الناصرة أيضًا أن تصل إلى النتيجة المرجوة، وهي أن تكون قلبا واحدا بكل مكوناتها، من حيث الدين والأحزاب السياسية وكل أنواع التعددية في مجتمع عربي. والأمر ممكن. الناصرة تراث للعالم بسر الله الذي بدأ فيها وما زال العالم يراه عقيدة له وأفق حياة. أثر الله باق فيها. الناصرة تراث للعالم، وتراث لأهلها ومكان سكناهم ومعيشتهم اليومية. فهي مدعوة لأن تكون مدينة سلام، وأهلها قلب واحد. أنا أومن أنها قادرة على ذلك بكل أهلها وطاقاتها الإنسانية وما كمن فيها من تاريخ يحمل صلاح الله فيها.
صلاتي إلى الله أن يصل نور الناصرة إلى قلوب أهل الناصرة جميعا وأن تبدأ عهدا جديدا بقلب جديد. وصلاتي أن يحقق الوسط العربي نفسه في إسرائيل، فيتنبه لما عليه أن يصل إليه بعد، فلا يضعف نفسه بما في المجتمع العربي من فروق لازمة، بل يقوّي نفسه هو أيضا بالقلب الواحد ورؤية الهدف الواحد، والهدف الأخير الأخير هو المحافظة على كرامة واحدة لكل إنسان في إسرائيل.
البطريرك ميشيل صباح، رئيس أساقفة اللاتين السابق بالقدس الفلسطينية.