الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نحن نقص عليك| "نوح".. رفض ابنه ركوب السفينة فغرق مع الغابرين

سفينة نوح
سفينة نوح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يزخر القرآن الكريم بالقصص التى لم تكن مجرد عرض للتسلية وإنما ليزداد المؤمن ثباتًا على الحق وإصرارًا على مواجهة الباطل، من خلال إطلاعه على مواقف الأنبياء والمرسلين وقصصهم. وكان القصص القرآنى له النصيب الأكبر من قبل علماء المسلمين والباحثين والمفكرين، وخلال شهر رمضان المبارك نستعرض سيرة الرسل والأنبياء حتى تكون عبرة ونهجًا وصراطًا مستقيمًا نسير عليه.
قال: «سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء».. فمات غريقًا كافرًا
«وَهِيَ تَجْرِى بِهِمْ فِى مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِى مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ»
بعدما ركب نوح عليه السلام ومعه قومه المؤمنين السفينة، وبعد أن حمل عليها زوجين اثنين من كل الأحياء، وبدأت السفينة تجرى وسط أمواج الطوفان، وكان الكافرون يغرقون تباعًا فى الماء، ولا يحميهم من الطوفان بيت ولا مرتفع ولا جبل. 
سارت سفينة نوح وسط الأمواج، ونظر نوح إلى الأمواج ليجد ابنه الذى كفر به وبدعوته، فدعاه إلى ركوب السفينة ولكنه رفض، فكانت مشيئته عز وجل ألا يكون على متن السفينة أيًّ من الكافرين، فكانوا جميعهم من المؤمنين وهم قسمان القسم الأول من آمن بنوح ورسالته من أهل بيته، فيما عدا زوجته وابنه، والقسم الثانى كانوا من غير أقاربه.
ودعا نوح ابنه لركوب السفينة وإنقاذ نفسه من الغرق، جاء ذلك عندما نظر نوح من خلال الأمواج والأهوال، فرأى ابنه الكافر، والذى رفض أن يركب معه السفينة، وكان فى معزل، فدعاه إلى الركوب معه لينجو من الطوفان، ولكنه رفض ولم يستجب لدعوة أبيه، ورد عليه قائلًا: «سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء، وأفهمه نوح أنه لن يجد جبلًا، ولا مكانًا يعصمه من أمر الله، ويدفع عنه عذابه»، وبينما كان يحاور كل منهما الآخر، كانت السفينة تجري، والأمواج تتلاطم، والماء يعلو ويرتفع وقبل أن ينتهى الحديث قطعت الأمواج الاتصال بين الابن وأبيه وحال بينهما وطى ذلك الابن داخله فكان من الغارقين، فكانت مشيئة الله ألا يركب فى السفينة أى من الكافرين، والسؤال هنا هل كان نوح ينوى مخالفة أمر الله ويدعو أحد الكافرين لركوب السفينة، وهنا تأتى الإجابة بأن نوح عليه السلام قد دعا ابنه للسفينة، ظنا منه بأنه آمن بعد مفارقته له، لأنه وجده أعزل، ولكن تلك العزلة كانت لأن ابنه اعتزل قومه الكافرين ليس من منطلق الإيمان ولكن بحثًا عن جبل يعصمه من الماء، ولهذا وقع عليه عذاب الله، وجاء الموج العاتى وقطع حواره مع أبيه، ولفه وسط الأمواج ومات غريقًا كافرًا. 
وكانت رحمة الله تحيط بهم فنجاهم من الغرق، ورسوا السفينة بعد انتهاء الطوفان ونجى المؤمنون من الغرق، وأوقع الله عذابه على قوم نوح الكافرين، وأغرقهم جميعًا، ولم ينصرهم أحد ولم يدفع عنهم عذاب الله. 
واستمر الطوفان مدة طويلة لا يعلم مقدارها إلا الله، وعم الطوفان وجه الأرض كلها، وغمر كل البقاع، وعلا فوق قمم الجبال الشاهقة، واستمرت السماء تهطل بالماء، واستمرت عيون الأرض تنفجر بالماء، واستمرت أمواج الطوفان تتلاطم هى والجبال، كل هذا ونوح والمؤمنون ناجون فى السفينة التى كانت تجرى بأمر الله ورعايته وحفظه، حتى شاء الله أن ينهى هذا الطوفان، وأن يُعيد نوح ومن معه إلى اليابسة، وأن يستأنف الحياة على وجه الأرض من جديد، وهكذا انتهى الطوفان، كما بدأ بأمر من الله. 
واستقرت سفينة نوح على جبل الجودي، ونزل منها نوح والمؤمنون الذين معه واستؤنفت الحياة من جديد، ليصبح نوح هو الأب الثانى للبشرية، بعد آدم عليه السلام، لأن الحياة استؤنفت به وبأتباعه بعد الطوفان.