الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

«نحن نقص عليك»| نوح.. رفض قومه طاعته فأمره الله ببناء السفينة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يزخر القرآن الكريم بالقصص التى لم تكن مجرد عرض للتسلية وإنما ليزداد المؤمن ثباتًا على الحق وإصرارًا على مواجهة الباطل، من خلال إطلاعه على مواقف الأنبياء والمرسلين وقصصهم. وكان القصص القرآنى له النصيب الأكبر من قبل علماء المسلمين والباحثين والمفكرين، وخلال شهر رمضان المبارك نستعرض سيرة الرسل والأنبياء حتى تكون عبرة ونهجًا وصراطًا مستقيمًا نسير عليه.
«وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِى فِى الَّذِينَ ظَلَمُوا، إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ»
ظل نوح يدعو قومه إلى عبادة الله دون كلل أو ملل، بالرغم من عناد قومه وتجبرهم، وقسوتهم ومكرهم عليه، فقد ملأ العناد والمكر قلوبهم، فلجأوا إلى أتباعه وحاولوا أن يثيروهم ضده وضد دعوته، وألا يستجيبوا له، فكان نوح يقابل العناد والإصرار على الكفر والتكذيب، والمكر والكيد، وإشعال الحروب، بكل إيمان وثبات وصبر واحتساب الله وتحد وجهاد، وقد استمر ذلك قرابة الألف عام.
وعلى الرغم من ذلك فلم يؤمن بنوح وبرسالته إلا عدد قليل، فلم يقصر سيدنا نوح فى الدعوة، فقد كان داعية ناجحًا موفقًا، فأحسن فى عرضها والدفاع عنها، والاحتجاج لها، ولكن قومه أصروا على كفرهم، حتى زوجته وولده كانوا من الكافرين، ورفض نوح الجائزة التى وعدوه بها، فهددوه بالرجم والقتل، ولم يخف ولم يتراجع، بل ثبت على الحق، وطلب من الله الفتح والنصر. 
فكان الصبر والإيمان والاستعانة بالله هما السر ومصدر قوته والتى استطاع بها التغلب على مكر قومه، ومواجهتهم، حتى جاء أمر الله بصنع السفينة، وكانت من أهم محطات المواجهة مع قومه، فقد كانت الفرصة التى منحها لهم للإيمان بالله قد انتهت، ولم ينتهزوها، فقد انتهى الأمر وأغلق الباب، وآمن من آمن، وكفر من كفر، فطالما أخبر الله سبحانه وتعالى نوح بأنهم لن يؤمنوا.
فصار نوح يصنع سفينته بأمر من الله ووحيه، وكان قومه من الملأ يمرون عليه ويشاهدونه، وهو يصنعها، وكانوا يتساءلون، لماذا يصنع سفينة؟، وهل تخلى عن النبوة ليصبح نجارًا صانعًا للسفن؟، وما دخل السفينة فى دعوته؟، فكان نوح يخبرهم بأن الله سيغرقهم، وسينجيه هو وأتباعه، وكانوا يسخرون منه، فيرد عليهم نوح قائلًا: «انتم تسخرون منا الآن، ولكننا سنسخر منكم فى المستقبل، ونشفق عليكم ونأسى لحالكم بسبب كفركم وضلالكم، فعندما يقع عليكم العذاب وتغرقون بالطوفان، وينجينا الله فى السفينة، عند ذلك ستعلمون». 
وصنع نوح السفينة، كما أمره الله وبعدما انتهى من صنعها انتظر الخطوة التالية من المواجهة بينه وبين قومه، فلجأ نوح إلى ربه، ودعا على قومه، واستنصر به، وطلب منه أن ينصره عليهم، وأن يفتح بينه وبينهم، وأن يدمرهم ويهلكهم، وأن ينجيه مع أتباعه المؤمنين، وجاء ذلك بعد أن استنفد طاقته خلال دعوته والتى استمرت قرابة الألف عام. 
وأمر الله نوح بأن يجهز ركاب السفينة، فإذا ما بدأ الطوفان، وفار الماء من التنور فعليهم أن يدخلوا السفينة فورًا، كما أمر الله نوح بأن يحمل السفينة من كل المخلوقات الحية على وجه الأرض، تمهيدًا لإزالة كل مظاهر الحياة عليها، وذلك لاستئناف الحياة على الأرض بعد انتهاء الطوفان.