الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"دولة الخلافة" على أجندة الحشد في انتخابات البرلمان الأوروبي.. "سالفيني" يوظف تهديدات تواجهها القارة العجوز لتحقيق مكاسب.. "ماكرون": الانتخابات ستكون حاسمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتأهب الأحزاب الأوروبية والقوى اليمينية والشعبوية للمشاركة فى انتخابات البرلمان الأوروبى التى من المفترض أن تنعقد نهاية شهر مايو المقبل، فى حالة من التنافس والصراع، لتشكيل عدد من التحالفات والتكتلات التى ستستند إلى التوافق حول كيفية إدارة التحديات والتهديدات التى تواجه العواصم الأوروبية، لخوض هذه الانتخابات التى ستمثل علامة فارقة فى مستقبل الأمن الأوروبي، كما تعد بمثابة تصويتًا عابرًا للحدود تجاه إدارة ملف الهجرة واللجوء. 


وعلية بدأت القوى اليمينية المتطرفة والشعبوية، فى تشكيل تحالفات انتخابية، لتقرير مصير الملفات الإقليمية المثارة على أجنداتهم الانتخابية التى جاء فى مقدمتها مكافحة الإرهاب، والهجرة، وإصلاح منطقة اليورو، تمهيدًا لصياغة المشروع الأوروبى ذات النهج القومى والسياسات الحماية، الذى يقوده بعض قوى اليمين مثل «ماتيو سالفيني» نائب رئيس الوزراء الإيطالى وزعيم حزب «الرابطة» اليمينى المتطرف، و«فيكتور أوربان» رئيس الوزراء المجري، و«مارى لوبان» زعيمة التيار اليمينى المتطرف فى فرنسا.


«سالفيني» والحشد الانتخابي
يسعى «سالفيني» إلى حشد وتعبئة أكبر عدد ممكن من الناخبين، للاستعداد للتنافس الانتخابى من خلال توظيف التهديدات التى تواجهها أوروبا كبداية لتحقيق مكاسب انتخابية، جاءت آخرها عندما أعلن أن فوز الأحزاب القومية هو الملاذ الآمن لحماية أوروبا من أن تصبح «خلافة إسلامية»، إبان زيارته للعاصمة المجرية «بودابست»، لإجراء مباحثات مع «فيكتور أروبان» زعيم حزب «فيدس» اليمينى المحافظ، ورئيس الوزراء المجرى تتعلق بالانتخابات المقبلة التى ستنعقد خلال الفترة من ٢٣ إلى ٢٦ مايو ٢٠١٩. 
وقد أكد «أوربان» ضرورة التحالف مع كتلة «سالفيني» فى سياق حزب «الشعب الأوروبي»، الذى يضم بعض التكتلات اليمينية، واليمينية الوسط، بجانب عدد كبير من مسيحى ألمانيا، وذلك بعد تعليق عضوية حزب «فيدس» فى مارس ٢٠١٨، نتيجة انتهاجه عددا من السياسات المُعادية للنهج الأوروبي، التى تجسدت فى مناهضة سياسة الاتحاد الأوروبى فيما يتعلق بملف الهجرة، وقيادة «أوربان» لحملة مضادة مستهدفًا فيها «جان كلود بونكر» رئيس المفوضية الأوروبية. على الجانب الآخر؛ رفضت «إنجيلا ميركل» المستشارة الألمانية انضمام حزب الشعب الأوروبي، للتحالف اليمني. 


توقيت الإعلان
تزامن إعلان «سالفيني» مع ظهور «أبو بكر البغدادي» زعيم تنظيم «داعش»، لأول مرة منذ يوليو ٢٠١٤، فى فيديو مصور نشرته مؤسسة «الفرقان» الإعلامية التابعة للتنظيم، فى ٢٩ أبريل ٢٠١٩، فى رسالة مصورة على تطبيق «تلجرام»، يرسل من خلاله عدد من الرسائل، خاصة بعد هزيمة التنظيم فى آخر معاقله فى «الباغوز» فى شرق سوريا، على يد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة دوليًا. وذلك لتجديد روح المقاومة لدى اتباعه وأنصاره، ودفعهم لتجديد ولائهم مرة ثانية، مؤكدًا أنهم سيأثرون للهزائم التى تعرض لها التنظيم خلال السنوات الماضية. موضحًا أن تفجيرات سريلانكا التى راح ضحيتها ما يزيد على ٢٥٠ قتيلًا ونحو ٥٠٠ جريح، كانت ردًا على هزيمة الباغوز العسكرية.
متوعدًا بمزيد من العمليات الإرهابية التى ستمثل حلقة استنزاف جديدة للعدو، للثأر من الصلبيين، ومرحبًا بـ «بيعة» المقاتلين الجدد الذين انضموا تحت لواء التنظيم من «بوركينا فاسو ومالى وخراسان»، معلنًا مباركته لـ «التحاقهم» بنهج التنظيم، علاوة على حثهم على «تكثيف ضرباتهم ضد فرنسا وحلفائها». 


لماذا تعد انتخابات البرلمان الأوروبى ذات أهمية؟ 
تستعد أكبر مؤسسة ديمقراطية عابرة للجنسيات والحدود لخوض انتخاباتها؛ حيث تساهم فى تشريع مجموعة من القوانين المتعلقة بالسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، والزراعة، ومصايد الأسماك، والطاقة، والبيئة، وحماية البيانات، والهجرة، وعشرات مجالات السياسة الأخرى. لما يقرب من ٥١٢ مليون مواطن داخل دول الاتحاد الأوروبي، ويبلغ عدد الأعضاء ٧٥١ عضوًا يشكلون البرلمان الأوروبي، وتمتد المدة الانتخابية خمس سنوات. 
والجدير بالذكر، ليس للاتحاد الأوروبى دور تشريعى بشأن العديد من القضايا التى تهم الناخبين، مثل: الخدمات الصحية والمدارس والسكن، فى المناطق التى لا يتمتع فيها البرلمان بسلطة تشريعية. وقد بلغ عدد القرارات التى أصدرها أعضاء البرلمان الأوروبى منذ ٢٠١٤، ما يقرب من ٤٣٨ قرارًا، تمثلت بعضها فى الدعوات إلى الحد من مبيعات الأسلحة إلى عدد من دول المنطقة العربية، علاوة على مناشدته التصدى للعنصرية فى جميع أنحاء القارة. كما ساهم البرلمان الأوروبى فى تمرير ١١٠٠ قانون من قوانين الاتحاد الأوروبي، مثل فرض حظر على المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وتنظيم حماية البيانات ذى النطاق العالمي، وتحديد سعر مكالمات الهاتف المحمول داخل الاتحاد الأوروبي، وتجديد الحدود الأوروبية وخفر السواحل. 
لذا ولأول مرة منذ عام ١٩٧٩، أصبح الحراك الانتخابى ذى أهمية كبرى، ولذلك لأنه يُمثل نقطة تحول جيواستراتيجية للسيطرة على الأجندة الأوروبية. وهو ما برهن عليه الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون»، إن الانتخابات ستكون حاسمة فى أشد اللحظات خطورة بالنسبة لأوروبا منذ الحرب العالمية الثانية لأنها تشهد حالة من الاستقطاب الحاد بين القوى الأوروبية، نتيجة عدم توافقهم حول إدارة الملفات الداخلية، وصعود القوى اليمينية والشعبوية إلى السلطة مُتبنية خطابًا حمائيًا قوميًا. وهو ما تجلى بشكل كبير فى سياسات رئيس وزراء المجر الذى يرى أن انتخابات البرلمان الأوروبى تعد فرصة لتعزيز قيمه التى تسند إلى «ديمقراطيته غير الليبرالية».
الأمر الذى سينعكس على عملية صنع واتخاذ القرار الداخلي؛ حيث لا يمكن لأعضاء البرلمان الأوروبى فرض جدول الأعمال عندما تنقسم الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى - وهذه حقيقة واضحة فى المأزق الطويل بشأن إصلاح اللجوء فى الاتحاد الأوروبي. 
ختامًا؛ ستسعى القوى اليمينية والشعبوية فى توظيف كافة الملفات وإثارتها إبان الحشد الانتخابى لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، وذلك نتيجة الدور البارز الذى سيلعبه البرلمان الأوروبى فى تشكيل السنوات الخمس القادمة للاتحاد الأوروبي. فى سياق النمو الاقتصادى المتعثر والبنوك المثقلة بالديون، وتنامى موجات الهجرة وبروز الصين وتحول الإدارة الأمريكية عن الدول الأوروبية، بجانب السياسة الداخلية التى تواجها العواصم الأوروبية، وخروج مجموعة من المتظاهرين للاحتجاج عليها خاصة فى فرنسا، فضلًا عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ومن المتوقع أن نشهد تراجعًا كبيرًا لبعض أحزاب يمين الوسط، ويسار الوسط، مقابل صعود الشعوبيين المناهضين للاتحاد الأوروبى فى الحصول على عدد أكبر من المقاعد، ولكنهم لن يتمكنوا من الحصول على المناصب القيادية فى البرلمان.