الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

موسم التسول في الشهر الكريم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«يَا بَاغَيَ الخَيْرِ هَذَا شَهْـرُ مَكْرُمَـةٍ.. أقْبِلْ بِصِـدْقٍ جَـزَاكَ اللهُ إحْسَانَـا.. أقْبِـلْ بجُـودٍ وَلاَ تَبْخَـلْ بِنَافِلـةٍ.. واجْعَلْ جَبِينَكَ بِالسَّجْـدَاتِ عِنْوَانَـا.. أعْطِ الفَرَائضَ قدْرًا لا تضُـرَّ بِهَـا..واصْدَعْ بِخَيْرٍ ورتِّـلْ فِيـهِ قُرْآنَـا.. واحْفَظْ لِسَانًا إذَا مَا قُلتَ عَنْ لَغَـطٍ.. لاَ تجْرَحِ الصَّوْمَ بالألْفَـاظِ نِسْيَانَـا..وصَدِّقِ المَالَ وابذُلْ بَعْضَ أعْطِيَـةٍ.. لنْ ينْقُصَ المَالَ لَوْ أنْفقتَ إحْسَانَـا..تُمَيْرَةٌ فِـي سَبِيـلِ اللَّـهِ تُنْفِقُهَـا.. أرْوَتْ فُؤادًا مِنَ الرَّمْضَـاءِ ظَمآنَـا.. وَلَيلَةُ القَـدْرِ مَـا أدْرَاكَ مَـا نِعَـمٍ..فِي لَيْلَـةٍ قَدْرُهـا ألْـفٌ بِدُنْيَانَـا.. أُوْصِيـكَ خَيْـرًا بأيَّـامٍ نُسَافِرُهَـا.. فِى رِحْلةِ الصّومِ يَحْيَا القَلبُ نَشْوانَا.. فَأَوَّلُ الشَّهْرِ قَـدْ أفْضَـى بِمَغْفِـرَةٍ.. بِئسَ الخَلاَئقِ إنْ لَمْ تَلْـقَ غُفْرَانَـا.. وَنِصْفهُ رَحْمَـةٌ للْخَلْـقِ يَنْشُرُهَـا.. رَبُّ رَحِيْمٌ عَلَى مَنْ صَامَ حُسْبَانَـا.. وَآخِرُ الشَّهْرِ عِتْقٌ مِـنْ لَهَائِبِهَـا..سَوْدَاءُ مَا وَفَّرَتْ إنْسًـا وَشَيْطَانَـا».. بهذه الكلمات الجميلة عبر الشاعر السعودى/عبد الملك بن عواض الخديدي عن رحمات شهر رمضان، ولهفتنا فى انتظار نفحاته التى تهل علينا، وتملأ النفوس بالرحمة والإنسانية والتراحم والتكافل.. ويجتهد الكثيرون منا فى محاولة الاستفادة منه، كى نغسل نفوسنا وهمومنا وذنوبنا، ونخرج منه بمخزون إيمانى يكفينا للعام التالى- إذا شاء الله وأبقانا على قيد الحياة- لذلك يحاول الكثيرون زيادة الطاعات والصلوات والصدقات، عسى أن يقبلنا الله ويزيدنا من كرمه وفضله ورضاه.. ولكن للأسف يستغل البعض ذلك فى محاولة حصد أكبر قدر من الأموال والتبرعات للجمعيات الخيرية المختلفة، ليتحول الشهر الكريم إلى موسم للتسول، والتجارة بالمرضى والأطفال والمصابين..وتتنافس المؤسسات فى اعتصار قلوبنا حتى تستدر عطفًا أكبر وتفوز بالتبرع دونًا عن غيرها، ودون اعتبار للضيق والألم النفسى الذى يسببونه للمشاهدين بجميع أعمارهم على مدار اليوم.. بعد أن تتحول شاشاتنا من خلال الإعلانات إلى كابوس مخيف، نرى فيه وجوه الأطفال مشوهة نتيجة لحريق، أو أطفال فى عمر الزهور تبدلت ملامحهم وتساقط شعرهم بسبب المرض والعلاج، وغيرها من الصور المؤلمة والمشاهد الصادمة التى تدمى القلوب، ولا تراعى حقوق الأطفال والمرضى الذين يظهرونهم فى صور جارحة، وكأنهم يتسولون من أجل العلاج.. وتتحول الإعلانات التى كانت تعد من الفقرات المحببة للأطفال إلى مشاهد خادشه للمشاعر ومبعث للهم والكآبة.. والمشكلة أن الأمر تحول إلى تجارة مربحة للعديد من شركات الاتصالات ووكالات الإعلانات، التى تحصل على نسب كبيرة من الأموال التى يتم جمعها كتبرعات، فتحقق مكاسب تصل إلى مليارات، وفى الوقت نفسه يظل الكثيرون من المرضى لا يجدون العلاج، لأن أغلب هذه المؤسسات يحتاج إلى واسطة ومحسوبية حتى يتمكن المريض من الحصول على علاج، لأن قوائم الانتظار كبيرة، تصل إلى شهور طويلة، قد يكون المرض فيها قد تمكن، وقضى الله أمرًا كان مفعولا..وهو ما يتطلب من الدولة تحرك سريع، حتى لا تترك فوضى الإعلانات تجتاح بيوتنا.. وتُستغل الرغبة فى عمل الخير فى استنزاف جيوب الناس، دون وصول تبرعاتهم لمستحقيها، والذين يُستغل أيضا حاجتهم للعلاج، فيتجارون بهم وبآلامهم.. نحتاج آلية آمنة تضمن عدم استغلال المبتلين والمتبرعين على حد سواء!!.