الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نحن نقص عليك|| النبي أيوب.. الفرج من رحم المحنة

مرقد النبي أيوب
مرقد النبي أيوب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يزخر القرآن الكريم بالقصص التى لم تكن مجرد عرضًا للتسلية وإنما ليزداد المؤمن ثباتًا على الحق وإصرارًا على مواجهة الباطل، من خلال إطلاعه على مواقف الأنبياء والمرسلين وقصصهم. وكان القصص القرآنى له النصيب الأكبر من قبل علماء المسلمين والباحثين والمفكرين، وخلال شهر رمضان المبارك نستعرض سيرة الرسل والأنبياء حتى تكون عبرة ونهجًا وصراطًا مستقيمًا نسير عليه.
تُعد فضيلة «الصبر» من أهم الفضائل التى يجب أن يتحلى بها الإنسان لكى يواجه مشاكل الحياة المختلفة، وحتى تزيد من قدرتك على تحمل المواقف الصعبة، ولكل فضيلة من الفضائل رمز وقصه، فالصبر هو قدرة الإنسان على تحمّل مصائب الدنيا وابتلائها.
فنبى الله أيوب «عليه السلام» من أنبياء الله العظام الذين جاء ذكرهم فى القرآن الكريم، ويضرب به المثل فى الصبر، بـ«صبر أيوب»، وهو من ذرية سيدنا يوسف عليه السلام، تزوج سيدة عفيفة، وكانا يعيشان فى منطقة «حوران»، وقد أنعم الله على أيوب، بنعم كثيرة فرزقه البنين والبنات، والأراضى الكثيرة التى تخرج منها أطيب الثمار، وفوق ذلك كله أعلى الله مكانته واختاره للنبوة، وأصبح أيوب ملاذًا وملجأ للناس جميعًا، وبيته قبلة للفقراء والمساكين، فكان لا يطيق أن يرى فقيرًا بائسًا، هكذا عاش أيوب عليه السلام، وأحبه الناس لأنه مؤمن بالله عز وجل وكان يشكره على نعمه التى لا تحصى، ولم يتكبر بما لديه من مزارع وحقول وماشية وأولاد.
لتبدأ محنة أيوب والابتلاء من الله تعالى، فهجم اللصوص على قطعان الماشية وقتلوا جميع الرعاة، ونزلت الصواعق على الحقول والمزارع وأحرقت ما عليها، وأصبحت رمادًا، ومات جميع أولاده البنين والبنات، بعدما سقطت عليهم الدار، وازدادت محنة أيوب أكثر وأكثر، فقد اُبتلى فى صحته، وانتشر المرض فى جسده، وتحول من الرجل الحسن الصورة والهيئة إلى رجل يفر منه الجميع، ولم يبق معه سوى زوجته، وأصبح منزله خاليًا لا مال له، لا ولد، ولا صحة.
وعَلَّمَ أيوب أن هذه مشيئة الله، وعليه أن يسلّم لأمره، وحاول «الشيطان» أن ينال من قلب أيوب وزوجته، وأخذ يوسوس لهما من كل جانب «ماذا فعلت يا أيوب حتى يموت أولادك وتصاب فى أموالك، وفى صحتك»، فاستعاذ أيوب بالله من الشيطان، وكذلك فعلت زوجته وطردوا وساوس الشيطان، وكان أيوب لا يزداد مع زيادة البلاء إلا صبرًا، حتى يأس الشيطان منه ومن زوجته.
ووصلت محنةُ أيوب إلى أقصاها، حينما جاء أهلُ حوران وأخرجوه من منزله، فكانوا يظنّون أن اللعنة قد حلّت به، وخافوا أن تشملهم أيضًا، وتركوا أيوب يعانى آلام الوحدة والضعف والمرض، ولم يبق معه سوى زوجته، فكانت هى الوحيدة التى تؤمن بأن أيوب فى محنة، وعليها أن تقف إلى جانبه ولا تتركه وحيدًا، وضاقت الأحوال، فمات الولد وجفَّ الخير، ولا يستطيع أن يكسب قوت يومه، وخرجت زوجته تعمل بمنازل «حوران»، فكانت تستمد صبرها من صبر زوجها، وظل الحال على ذلك أعوامًا عديدة وهما صابرين محتسبين.
وكان أيوب يرفض أن يشكو الله ليزيح عنه البلاء بالرغم من إلحاح زوجته، وتحمل المرض والبلاء، واتهامات الناس حتى جاء يوم واضطرت زوجته أن تبيع ضفائرها وهو الشيء الذى هزه من الداخل، فنظر إلى السماء ودعا ربه قائلًا: ﴿أَنِّى مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾،﴿أَنِّى مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾، حتى أضاء المكان بنور شفاف جميل وامتلأ الفضاء برائحة طيّبة، ورأى أيوب ملاكًا يهبط من السماء.
ويذكر القرآن الكريم فى سورة «ص» قصة سيدنا أيوب قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِى الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾.