تكريم جامعة بنها للمطرب الشعبى شعبان عبدالرحيم أقام الدنيا ولم يقعدها، تعالت صرخات الرفض، وانتفض البرلمان، وعلق البعض المشانق لرئيس الجامعة جمال السعيد، وكأنه اختار شعبان عبدالرحيم لمنحه أوسكار أحسن أغنية.
كنت أتمنى على من تعالت صرخاتهم أن يزوروا مستشفى جامعة بنها أو أى من المستشفيات الجامعية على مستوى الجمهورية، ربما يحركهم حال المرضى أو حاجة هذه المستشفيات للتبرعات، وربما يسلك نجوم الغناء مسلك شعبان عبدالرحيم بتنظيم حفلات يخصص عائدها للمستشفيات الجامعية، وإن لم يجعلوا من إنسانية شعبان قدوة لهم.. فليجعلوا من أم كلثوم وأبناء جيلها قدوة، لكن من اعتاد العلاج فى المستشفيات الخاصة أو فى الخارج ولن تطأ أقدامه مستشفيات المرضى من الفقراء لن يتحرك وجدانه.
قبل أن تحاكموا د. جمال السعيد اذهبوا إلى مستشفيات جامعة بنها ربما تستفز إنسانيتكم ما استفز شعبان عبدالرحيم من طوابير المرضى، الذين لا يمتلكون سوى بضعة جنيهات ثمن تذكرة الكشف والعلاج، واسألوا رئيس الجامعة عن عدد المرضى، الذين يستقبلهم يوميًا أو اذهبوا إلى مستشفيات جامعة الزقازيق، حيث يفترش المرضى المساحات المحيطة بها بعد أن حولوها مكانًا للمبيت انتظارًا لسرير شاغر، اسألوا د. خالد عبدالبارى رئيس الجامعة عن معهد الأورام الذى شرعت الجامعة فى بنائه منذ عشر سنوات، ولم يرَ النور حتى الآن بسبب ضيق اليد.
أو اذهبوا إلى جامعة المنصورة واسألوا رئيسها د. أشرف عبدالباسط عن كم المرضى الذين يترددون على مستشفيات الجامعة من محافظات الدلتا والصعيد، وعن الحالات التى تنتظر سريرًا شاغرًا، وعن عدد حالات زرع الكلى والكبد فى المركزين الأفضل فى المنطقة، ففى السنوات القليلة الماضية قام د. أحمد شقير وفريقه بزراعة ألف كلى، وزرع د. محمد عبدالوهاب وفريقه ستمائة كبد.
وإذا خشيتم على أنفسكم من مشقة السفر لمستشفيات الأقاليم أو خفتم على أحذيتكم من تراب الريف.. فاذهبوا إلى جامعة القاهرة واسألوا رئيسها د. محمد عثمان الخشت عن عدد المرضى الذين يترددون على مستشفيات الجامعة، والذى تخطى سبعة ملايين وثلاثمائة ألف مريض العام الماضي، ووفقًا لتصريح له تم إجراء مليون ومائتى ألف جراحة، ومئات الآلاف من الأشعة باختلاف أنواعها، وحتى تستوعب المستشفيات أكبر عدد من المرضى أجريت توسعات فى القصر العينى وأبوالريش والمنيرة، إلى جانب تطوير وحدات جراحة القلب والصدر والغدد الصماء والسكر والرنين المغناطيسي، ووفقا للخشت أجريت توسعات فى معهد الأورام لاستيعاب ثلاثين فى المئة زيادة على الأعداد المقررة، ومعروف أن زحام مرضى السرطان أمام معهد الأورام أصبح معلمًا من معالم شارع قصر العيني، حيث يتوافد عليه المرضى الفقراء من أنحاء الجمهورية، ولذلك تسعى جامعة القاهرة لإنشاء أكبر مستشفى فى العالم لعلاج السرطان فى مدينة السادس من أكتوبر.
يا من فتحتم نيرانكم على رئيس جامعة بنها، ويا من تناسيتم المستشفيات الجامعية كقبلة لعلاج مرضى الأقاليم البسطاء، ويا من غضضتم أبصاركم عن طوابير المرضى التى تطوق مستشفيات جامعة القاهرة يوميا، يا كل هؤلاء.. كفوا عن المتاجرة والصراخ ولا تهينوا من يتاجرون مع الله فى علاج الفقراء، مشاهدكم التمثيلية تصيبنا بالغثيان، وإذا كان رئيس جامعة بنها قد كرم شعبان عبدالرحيم، فلأنه موجوع بالمرضى، ومأزوم بسبب ميزانيته الشحيحة، أما إذا كانت أزمتكم فى شعبان عبدالرحيم نفسه.. فمرحبًا بكل شعبان يسهم فى توفير مكان وعلاج للمرضى، ليلقى تكريمًا ليس فقط من جامعة بنها، لكن من كل جامعات مصر.
