الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الحرب الأهلية.. مخطط "قوى الشر" لاستعادة النفوذ بالسودان.. "السيطرة أو الحرق".. شعار الإرهاب بأفريقيا من جزيرة سواكن لـ ميناء بورسودان.. وآمال الدوحة وأنقرة تتبدد في الخرطوم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جاءت الثورة السودانية والتغيرات المتعاقبة فى المشهد، وإقصاء حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم وعمر البشير عن السلطة، لتمثل ضربة قاصمة للمحور القطرى التركى الذى ظل لسنوات طويلة يرسخ نفوذه من خلال علاقاته بالحزب الحاكم ورأس السلطة للهيمنة على السودان، والانطلاق من خلالها لتهديد دول الجوار والأمن القومى العربي.

الأموال القطرية التركية التى تم إنفاقها على مدار هذه السنوات، دفعت النظامين المتحالفين إلى محاولة تغيير الدفة إلى صالح مشروعهما، خاصة وأنهما يدركان جيدًا أن خسارة هذه المعركة تعنى الانزواء التام لهما فى المنطقة، وخاصة فى ظل سعيهما إلى أفريقيا من خلال دعم جماعات وميليشيات تدين لهما بالولاء لتنفيذ أجندتهما.

تحولات المشهد

على مدار السنوات الماضية أنفقت قطر وتركيا مليارات الدولات لتعزيز العلاقات مع السودان والسيطرة على القرار السودانى والتحكم فى المشهد، وهو الأمر لذى استجاب له النظام الحاكم بقيادة عمر البشير، وبدأت الدولتان من خلال هذه العلاقات تهديد الأمن القومى لمصر تحديدًا، إلا أنه بعد سقوط النظام تغيرت المعادلة بشكل لافت، وفقدت الدولتان نفوذهما المصنوع على مدار سنوات وبأموال طائلة، وهو ما يدفع هذا التحالف إلى محاولة إرباك المشهد بشتى السبل.

بدأت هذه المحاولات بزيارة وفد قطرى برئاسة وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثانى للسودان لمحاولة إنقاذ مايمكن إنقاذه، إلا أن الوفد تلقى صفعة لم تتوقعها الدوحة، وذلك بعد طرد الوفد فور وصوله للخرطوم وعودته مرة أخرى، ما يعنى أنه تدخلات قطر فى الشئون الداخلية للسودان مرفوضة، وأصبح هناك اتجاه إلى إنهاء هذا الدور وتفكيك هذا المحور.

التطورات لم تقف عند هذا الحد حيث أكد بيان للمجلس العسكرى السودانى الأخير رفضه القاطع التدخل فى شئونه الداخلية، وكذلك رفضه القاطع التدخل فى شئون الدول العربية ورفضه لممارسات الدوحة المثيرة للفتن فى المنطقة، إضافة إلى إقالة وكيل وزارة الخارجية السودانية بدر الدين عبدالله محمد أحمد المحسوب على تنظيم الإخوان، كما أكد المتحدث الرسمى باسم المجلس العسكرى الانتقالى فى السودان الفريق ركن شمس الدين الكباشى إن إقالة وكيل وزارة الخارجية جاء بسبب إعداد بيان صحفى حول زيارة وفد قطرى إلى السودان دون علم المجلس.

وبحسب مراقبين، فإن هناك حالة وعى شعبية وسياسية تجاه المخطط التركى القطرى الذى يحاول إعادة إنتاج نظام البشير، خاصة فى ظل المساعى والتحركات القطرية الأخيرة للملمة شتات الكيانات الموالية لها وتنظيم اجتماعات مكثفة لأحزاب سودانية ذات خلفيات إخوانية بغرض دمجها فى كيان واحد لمواجهة انتفاضة الشعب، وهو الأمر الذى دقع المجلس العسكرى السودانى إلى اتخاذ مواقف حاسمة ضد قطر.

هذه التغيرات تشير إلى تحولات حادة فى المشهد السودانى لم تقتصر على قطر ولكنها تأتى بالتزامن مع اتجاه إلى تقويض الدور التركى الذى كان يستعد للسيطرة على جزيرة سواكن السودانية، التى منحها نظام البشير لتركيا فى عام ٢٠١٧، حيث كانت أنقرة تنوى تحويل الجزيرة إلى قاعدة عسكرية للضغط على مصر فى المقام الأول، وقد تكون الصفة الأكبر للدور التركي، حال صحة ما تردد بشأن اتجاه المجلس العسكرى الانتقالى إلى رفض إقامة قاعدة تركية، وإنهاء العمل بالاتفاقية الموقعة بين الجانبين.

السيطرة أو الحرق

العميد سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية، قال فى تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، إن تركيا وقطر تعملان على إفشال المجلس العسكرى الحاكم المؤقت فى السودان، فقطر تعمل لصالح أجندتها بنشر الفوضى، وتركيا تعمل على استثمار الفوضى لتوسيع النفوذ واستعادة الإمبراطورية العثمانية، على أنقاض الوطن العربي.

رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية، أكد أيضًا أن قطر تعمل دائمًا كحصان طروادة لصالح تركيا، فتركيا وقطر رغم التباين الشديد فى الحجم والإمكانيات، إلا أن كلاهما طموحه أكبر من إمكانياته، وتلك إحدى خصائص المنحرفين، وكلاهما يعانى من الوحدة الناتجة عن سياساته فى إقليمه الجغرافى، ولا شك أن سقوط نظام عمر البشير، مثل خسارة كبيرة لجماعة الإخوان المسلمين والدول الحاضنة لها.

وشدد «راغب» على أن السودان ليس مجرد دولة لكنه بوابة لدول شرق ووسط أفريقيا، كما أن وجود دولة مركزية معتدلة، يصب فى صالح معسكر الاعتدال العربي، ويمثل حائط صد أمام الأطماع التركية القطرية، والعكس صحيح، لذك فإن فشل المجلس العسكرى الحاكم المؤقت فى السودان فى رعاية وتنفيذ خارطة طريق لاستعادة الديمقراطية وإنشاء دولة وطنية مدنية حديثة، هو لصالح الدول الإقليمية المارقة وفى مقدمتها تركيا وقطر.

الخبير الاستراتيجى أوضح أيضًا أن الأحداث الأخيرة كشفت عن بعض مكاسبهم من البشير، من جزيرة سواكن لتركيا، وميناء بورسودان لقطر، وما خفى كان أعظم، لذلك فإن تركيا وقطر تسعيان إما لإعادة السيطرة على السودان أو حرقه، من خلال دعاوى الحكم من خلال مجلس مدنى يشكل فى ميادين الاعتصام مع الضغط المستمر على المجلس العسكرى الحاكم المؤقت، حتى يسقط بانقلاب عسكرى مضاد، موال لمعسكر الشر، وربما يحاول إعادة عمر البشير مرة أخرى أو إشعال الحرب الإرهابية على الطريقة الليبية أو الصومالية أو اليمنية.