الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"درب الصلب".. المسيح من خشبة الصليب لخشبة المسرح.. الكنائس تحاكي لحظات آلام يسوع بالفن.. المشاعر والبكاء أدوات المخرجين والانتصار والقيامة آمال المشاهدين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تدور فى الخلفية موسيقى الكمنجات، فيقشعر بدنك، تكسو خشبة المسرح إضاءة شديدة الاحمرار، كلما ظهر فوقها ذو القرنين والذيل ترتجف، ثم تشعر وكأنك عليك بأن تقوم وتجثو على ركبتيك، كى تتلقى جلدات تضرب بمنتهى الغل على جسد هذا الذى يضاء المسرح كاملا بالأبيض حين يظهر، تترجم حركات الممثلين ما كنت تتخيله فى صغرك وأحد الخدام يقص عليك حكاية أسبوع الآلام فى مدارس الأحد، دون أن تدرى تجد نفسك تذرف الدمع، وذاك الممثل ذو الشعر الطويل يُرفع على الخشبة مصلوبًا، ودون أن تدرى أيضًا تجد نفسك منتشيًا ومصفقًا بحرارة وتقف فرحًا، حينما ترى ذات الممثل أيضًا وقد التأم جرحه وارتدى الأبيض وها هو واقف على باب قبر موصد بنهاية العرض.


وعلى ما يبدو أن أسلوب الخدمة هذا بات مطلب وقبلة الأقباط فى كل عيد، فدراما أو درب الصليب، أو بانوراما القيامة أو حتى مسرحية العيد، باتت مطلبًا سنويًا، يسعى الأقباط لرؤيته، حتى يتوغلوا ويشعروا بما حدث مع السيد المسيح، كطريقة لشحن الروح روحيا تجاه من فداهم على الصليب. 
أجرت «البوابة» لقاءين مع اثنين من القائمين على درب الصليب، أولهما بكنيسة العذراء والقديم أثناسيوس الأرثوذكسية بكندا، وثانيهما المجموعة الرابعة بفريق كشافة وادى النيل بكنيسة سان مارك الكاثوليكية. 


- العذراء والقديس أثناسيوس بكندا: سؤال فى رأس الشيطان تحت عنوان «لم أعرفه»

في بلاد الصقيع، تحديدا فى كنيسة العذراء والقديس أثناسيوس، بكندا، وهى مقر الإيبارشية، والتي يتواجد بها الأنبا مينا، أسقف مسيساجا وفانكوفر وغرب كندا، وأكبر كنائس المهجر من حيث عدد المخدومين بها، هل السيد المسيح فوق خشبة مسرح الكنيسة، وذلك عبر فريق مسرحها، الذى تأسس منذ أكثر من ٢٠ عامًا عن طريق الخادم الراحل محسن كامل، والذى يستكمل مسيرته حاليًا جورج فهيم كامل، وهو المخرج الحالي لأعضاء الفريق.
وعن درب الصليب، يقول وائل فوزي، أحد خدام الكنيسة وممثل بالفريق، قدمنا درب الصليب للمرة الأولى عام ٢٠١٧ بعنوان طِبق الأصل، وكانت تقدم بربط أحداث وشخصيات عاصرت السيد المسيح، بأشخاص وتصرفات على شاكلتها منا الآن، ضاربًا مثالًا بأحد المشاهد، حيث ثلاثة من الكهنة خلال اتفاقهم مع يهوذا لتسليم السيد المسيح مقابل ثلاثين من الفضة، وبذات المشهد ينتقل العرض لموقف معاصر، حيث يقوم ثلاثة من رجال الأعمال، وهم يتفقون مع بعضهم البعض على أن يبع أحدهم صاحب له مقابل أموال أيضًا، ليتطابق يهوذا الإسخريوطي ويهوذا الحالي، وتلفت المسرحية إلى أنه كما كان سابقًا هكذا الآن، وعلى الجميع أن يلتفت لتصرفاته.
أما عن درب هذا العام، فكان بعنوان «لم أعرفه»، وهى عرض لخطة الخلاص من زاوية الشيطان، وكيف رأها، والذى يستعرض كيف ظل الشيطان في حيرة حتى آخر لحظات العرض يردد تساؤل «هو ده المسيح اللى هيخلص البشرية ولا ده شخص عادي؟!»، ويسرد وائل أن القصة تنقسم لخمسة مشاهد تبدأ بمعجزة للسيد المسيح لإخراج الشياطين من شخص يدعى «لاجئون»، وهى معجزة مذكورة بالكتاب المقدس، حيث يخرج عدد هائل من الشياطين، ليبدأ «لوسيفر» رئيس الشياطين فى لوم ٤ من أعوانه على خروجهم بأمر من المسيح بسهولة ودون مقاومة منهم، لتبنى أحداث المسرحية على ٤ شياطين ورئيسهم، وهم من يسعون للإيقاع بالإنسان بشكل دائم، بتحديد كل شيطان لخطية محددة، كمثال كانت هناك شيطانة «بنت»، وكانت تمثل شيطان الشهوة، وهى من كانت تزرع أفكار الإغراء برأس الإنسان، وبالفعل يقوم الشياطين الخمسة بغواية الأشخاص داخل أجزاء من حياة السيد المسيح، إلا أن ذلك كان يتم مع وجود الشك فى أمر المسيح، حيث ظل التساؤل بينهم، هل هو المخلص أم لا؟ وكانت هناك ٤ نقاط يتساءلون فيها فيما بينهم وهي، هل هو الله، أم هو ابن الله أم أنه نبي، أم إنسان عادي؟!
ثم ينتقل العرض إلى المشهد الخامس والأخير، الذى تدور أحداثه داخل الجحيم والجميع يلقون اللوم على آدم، حيث كان خطؤه هو ما دفع بهم للجحيم، وأهلك جنس البشرية جميعا، والتنكيل به من قِبل الشياطين، إلا أن تقوم معركة شرسة بين الملائكة والشياطين فوق خشبة المسرح في محاولة لتحرير آدم، الذى يظهر عليه مدى تخبطه وعدم تصديقه لما يحدث.

- على الخشبة الكاثوليكية: كشافة وادي النيل تقدم دراما اللحظات الأخيرة بحياة المخلص بسان مارك شبرا.. 

والقائمون على العمل: شاهدنا هذا العام أكثر من 700 فرد والنجاح يتم "بإيد ربنا"
قدمت كشافة وادى النيل، المجموعة الرابعة، على مسرح مقرها بكنيسة سان مارك بشبرا، درب الصليب للعام الـ ٣٠ على التوالى فى مسيرتها، إلا أن عرض العام الحالى كان الأميز لتجاوز عدد الحضور ٧٠٠ شخص، ومشاركة حوالى ١٠٠ فرد فى العمل ككل، منهم أكثر من ثلاثين ممثلا، وكان الدخول مجانًا رغم التكاليف الباهظة لإقامة العمل. يقول مسئول الفريق، إن درب الصليب نشاط خدمى دائمًا يقدمه الكشافة، بجمعة ختام الصوم فوق المسرح ذاته، وهدفهم أن يشارك الحاضرون دراما الصلب بشكل قوي، مشيرًا إلى أنه عقب عرض العام الحالى خطفت آذانه جملة قيلت من أحد الحضور تقول «حسينا بروح المسيح فى العرض».
ويضيف مسئول الفريق الذى رفض ذكر اسمه كون العمل جماعيًا، أن العرض يقدم بشكل خدمى بالكامل، وأن القائمين عليه ليسوا أفراد الكشافة فقط، فهناك العديد من الأشخاص يقدمون الدعم، حال معرفتهم بأننا نقوم بخدمة غير ربحية، وأن هدفنا هو قلوب المشاهدين وليس أموالهم، موضحًا أن خدمتنا تكون أقوى وتصل للناس بشكل أقوى طالما الأمر خدمى فقط.
وأوضح مسئول الفريق ومخرج العرض، الدموع انهمرت بغزارة من أعين المشاهدين، حيث كنا نجسد المشاهد بشكل حقيقى متبعين المدرسة الواقعية فى المسرح، فالجلد كان ضربًا مبرحًا، الصليب كان كتلة من الخشب وهكذا، مضيفًا أن درب صليب هذا العام تناول اللحظات الأخيرة من حياة السيد المسيح، منذ التآمر عليه والإمساك به، ثم محاكمته وجلده وصلبه، وأن العام الحالى شهد للمرة الأولى لحظات القيامة، الأمر الذى أضفى بهجة على وجوه المشاهدين الذين كانوا قد انخرطوا فى سيل من العذابات والدموع طيلة ١٢٠ دقيقة.
«كل حاجة بإيد ربنا».. هكذا رد مخرج العمل على تساؤل، ما هى الكيفية لإتقان مثل تلك الأعمال؟ موضحًا أن الجميع يجتهد، وتتم دراسة كل شيء بشكل مفصل، ولأن العرض خاص بالله، فالله يتولى عملية نجاحه، وهو ما نشعر به فى ذلك الأمر، نترك الأمر لله ودائمًا ما يخرج العمل أفضل مما نظن، ويتجلى ذلك فى ردود أفعال الحاضرين.